لقي حزب العمال البريطاني خسارةً فادحة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، مقابل فوزٍ ساحق رئيس الوزراء بوريس جونسون وحزب المحافظين، يأتي ذلك مع ما يحمله حزب العمال من سياساتٍ معادية للاحتلال وعدة قضايا لا تروق للولايات المتحدة الأمريكية والأحزاب المتشدّدة التي تُناصر الكيان الصهيوني.
أسبابٌ كثيرة وراء الخسارة التي مُني بها حزب العمال البريطاني، سعت "بوابة الهدف" إلى البحث فيها، وطرحها على يوسف قنديل الناشط السياسي في بريطانيا، خلال مقابلةٍ خاصّة معه.
أهمّ هذه العوامل، الحملة الصهيونيّة ضد حزب العمال البريطاني، والإعلام المُعادي للأفكار التي يطرحها الحزب، خاصةّ فيما يتعلّق بالسياسية الخارجية، وتأميم المرافق العامة مثل الكهرباء والمياه والمواصلات والبريد.
واتخذ الحزب مؤخرًا سياساتٍ مختلفة تجاه عدة قضايا، حيث انتقد زعيمه جيرمي كوربين سياسات الاحتلال "الإسرائيلي" أكثر من مرّة، واعتبر سياسات الفصل العنصري، والعدوان "الإسرائيي" المتكرر على قطاع غزّة، ما دفع الاحتلال بوصفه "معاديًا للسامية" مؤخرًا.
وفي إطار سياساته الخارجية، دعا كوربين إلى رفع العقوبات المفروضة على إيران كجزء من المفاوضات على تسوية كاملة للقضايا المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني، وبدء عملية سياسية لتفكيك الترسانة النووية "الإسرائيلية".
وفقًا لقنديل، فإن هذه السياسات التي طرحها كوربين كزعيمٍ للحزب، بلا شك، لم تُعجب حلفاء الصهيونية والاحتلال "الإسرائيلي"، ما دفع بحملةٍ ضد الحزب، ساهمت في الخسارة.
كما أنّ "الموقف غير الواضح من اتفاق الانفصال عن الاتحاد الأوروبي -بيركيست، كان له دورٌ في هذه الخسارة".
وكان الحزب قد تعرّض مؤخرًا -وبالخصوص زعيمه كوربين- إلى حملةً إعلامية كبيرة، شنتها وسائل إعلامٍ لم تمتنع عن المشاركة فيها هيئة التلفزيون البريطانية "BBC"، حيث جرى الترويج إلى أن الحزب معادٍ للسامية، نظرًا لمواقفه من الكيان الصهيوني.
إضافة إلى ذلك، انشق عددٌ من النواب العُماليين عن الحزب، وذلك لما أسموه "العنصرية ومعاداة السامية"، بسبب المواقف ذاتها، وبعد أيام قليلة من دعوة كوربين "الحكومة البريطانية إلى إدانة قتل إسرائيل للفلسطينيين ووقف بيع الأسلحة لها".
وعن تأثير هذه الخسارة على الحزب، قال قنديل إن الحزب في مشاوراتٍ حول الخطوات القادمة، بينما أعلن زعيم الحزب جيريمي كوربين أنه لن يقود الحزب في أي انتخابات مستقبلية في بريطانيا.
وفي الوقت الذي خسر فيه الحزب، فإن السؤال يدور حول مصير القرارات والمواقف الداعمة للحقوق الفلسطينية، والتي صدرت عن حزب العمال البريطاني سابقًا، إذ يُجيب قنديل أن هذا الأمر "يحتاج إلى مواصلة العمل بين كوادر الحزب، والعمل في النقابات أيضًا، حتى لا تضيع هذه القرارات وتأثيراتها".
يشار إلى أن حزب العمال أكد اصطفافه إلى جانب الشعب الفلسطيني في نضاله وكفاحه ضدّ سياسات الاحتلال، في تحولٍ تاريخيٍ بمواقفه، وهو ما برهنه بقرارٍ حاسمٍ صدر عن مؤتمره السنويّ، الذي انعقد في مدينة برايتون، في سبتبمر الماضي دعا فيه إلى تطبيق حق العودة للّاجئين. ودعم حركة مقاطعة "إسرائيل"، ومُحاسبة الاحتلال على جرائمه.
ومن المتوقع أن تتجه سياسات بريطانيا في الوقت اللاحق "إلى الحضيض"، وفقًا لقنديل، بعد تفوّق المُحافظين بشكلٍ كبير.
ويرى الناشط السياسي، أن حزب "المحافظين" صهيوني بشكل عام، إذ يُعد بوريس جونسون نسخةً أسوأ من دونالد ترامب الرئيس الأمريكي، ما سينتج عنه سوءٌ في السياسة المتعلقة بالقضية الفلسطينيّة.
ويربط قنديل بين صعود المحافظين وصعود تيارات اليمين الشعبوي في أوروبا بشكلٍ إجمالي. ويتوقّع السياسي البريطاني فلسطيني الأصل، أن تكون هذه الانتخابات "بدايةً لنهاية المملكة المتحدة" على حدّ قوله، وذلك بعد الفوز الساحق للحزب الاسكتلندي، وذلك لأوّل مرة في تاريخ المملكة.
وأمام هذا الفوز للحزب الاسكتلندي، تصاعدت وتيرة المخاوف في بريطانيا من أن تؤدي نتائج الانتخابات إلى تفكيك البلاد لاحقاً، وذلك بعد استحواذ الحزب على عدد أكبر من المقاعد في البرلمان ليحل في المركز الثالث بعد المحافظين والعمّال.
واستطاع الحزب الوطني الأسكتلندي (SNP) أن يهيمن على 48 مقعداً في مجلس العموم البريطاني ليضيف بذلك 13 مقعداً جديداً، ليكون بذلك ثاني أكبر المستفيدين من هذه الانتخابات.
وأعلنت زعيمةالحزب الحزب الوطني الاسكتلندي نيكولا ستورجين إن "الفوز الكبير للحزب يعني أن جونسون لم يعد يملك الحق في أن يمنع إجراء استفتاء ثانٍ في اسكتلندا للاستقلال عن بريطانيا".