Menu

قواعد الاشتباك والضرب "تحت الحزام"!

نصّار إبراهيم

أمريكا وإيران

حتى صباح هذا اليوم كانت قواعد الاشتباك، رغم امتداده وشموليته وضراوته، ما بين المحورين المتصارعتين؛ المحور الأمريكي وحلفاؤه من جهة، ومحور المقاومة وحلفاؤه من جهة ثانية تجري وفق قواعد وحسابات منضبطة لجملة من المحددات التي يأخذها كل طرف بعين الاعتبار. لهذا بقيت هذه المعادلة قائمة طيلة سنوات الاشتباك في سورية والعراق و اليمن ولبنان وفلسطين، مع توفر هامش لإزاحات تفرضها حركة الميدان في كل ساحة من ساحات الاشتباك دون الوصول إلى لحظة الانفجار الاستراتيجي المباشر والشامل.

الآن، بعد اغتيال اللواء قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس نائب رئيس الحشد الشعبي في العراق، وقبلها قصف مقرات الحشد الشعبي عند القائم على الحدود العراقية السورية، وكل ذلك بقرار مباشر من الرئيس الأمريكي ترامب انتهت هذه المعادلة، حيث تدخل المواجهة اليوم مرحلة الصدام العسكري المباشر مع الولايات المتحدة.

هنا لا حلول وسط، ولا حسابات ملتبسة، ولا مواقف تتخفى وراء خطاب يناور على مفهوم "الزمان والمكان المناسبين".

لقد انتقلت المواجهة وبحركة واحدة من قبل الولايات المتحدة، إلى مستوى تجاوز الخطوط الحمراء.. لهذا سيقوم كل طرف بتوظيف مختلف عوامل القوة التي يملكها (عسكريًا وسياسيًا واقتصاديًا وجغرافيًا)، وذلك بهدف تحقيق نصر استراتيجي واضح.

في سياق هذا التطور الدرامي سيتم تجاوز المناورات التكتيكية الصغيرة. هذا يعني أن ما قامت به الولايات المتحدة لا يمكن أن يمر هكذا، وبالتالي لن تكون خارج الرد، لا هي ولا حلفائها الصغار أو الكبار.

لقد تغيرت قواعد الاشتباك أو هي على عتبة التغير، بحيث ستكون الضربات "تحت الحزام" كما يقال.. مع بقاء هامش لاحتواء المواجهة وردود الفعل، بالتحمل واحتواء الضربات، كي لا تتحول لحرب اقليمية شاملة طاحنة وقاسية.. ومع ذلك، وفي كل الأحوال سيدفع الحلف الأمريكي ثمنًا محددًا على صعيد دوره وانتشاره وحضوره في المنطقة كرد على هذا العدوان والغطرسة.

إذن، ما يجري اليوم هو اختبار في الميدان لمقولة تشي جيفارا: من الحماقة خوض معركة يمكن تجنبها.. ومن العار تجنب معركة يجب خوضها.