Menu

الهدف تُحاور المناضلة ليلى خالد

تقريرذكرى ميلاد حكيم الثورة جورج حبش: قاتل بفكره حتى النهاية 

أحمد نعيم بدير

الحكيم د.جورج حبش

خاص بوابة الهدف

يُوافق اليوم الثاني من شهر آب/أغسطس، ذكرى ميلاد مُؤسّس حركة القوميين العرب، والأمين العام السابق للجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين حكيم الثورة جورج حبش ، حيث وُلِد في مدينة اللد عام 1926، وتعرّض للتهجير والترحيل عام 1948 من فلسطين، وكان يدرس الطب في تلك الفترة في كليّة الطب في الجامعة الأمريكية في بيروت.

الحكيم جورج حبش مناضلٌ فلسطيني، ويُعتبر مؤسس الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين، وأحد أبرز الشخصيّات الوطنيّة الفلسطينيّة، وشغل منصب الأمين العام للجبهة حتى عام 2000.

في ذكرى ميلاده استذكر العديد من رفاقه ومحبيه مناقب رفيقهم الذي لطالما كان وحدويًا، وما كان للثورة الفلسطينيّة أن تُذكَر في التاريخ من دون أن يكون اسمه في مقدمة قادتها على مدى أكثر من 50 عامًا من النضال.

ميلاده ولادة ثورة

وبهذه المُناسبة تحدّثت "بوابة الهدف الإخبارية" مع عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ليلى خالد، إذ قالت في بداية حديثها: "في ذكرى في ميلاد الثائر الفلسطيني العربي الأممي نقول أنّ ميلاده نقطة تحوّل وولادة ثورة، هذا القائد الفذ الذي ما ترك يومًا إلّا وكانت فلسطين هي البوصلة ويدعو الجميع لأن يوجّه هذه البوصلة دون تردد من أجل أن نُخلّصها من براثن الصهاينة".

وتابعت: "في هذا اليوم الذي نُحيي فيه هذه الذكرى العطرة، أقولها بافتخار أنّني عشتُ في زمن الرفيق جورج حبش، هذا الزمن المليء بفكرٍ متنوّر يدعو لاقتلاع الظلم عن كاهل شعبنا والجزء الأكثر اضطهادًا وهم الفقراء والكادحين والعمّال، وأيضًا النساء"، لافتةً أنّ "الحكيم كان دائمًا يقول إن المرأة أيضًا هي جزء مضطهد كطبقة، وهذا ما كان يحفزنا نحن كرفيقات لبذل مزيدٍ من الجهد لرفع أي شكلٍ من أشكال الاضطهاد عن كاهل نساء شعبنا".

حالة نادرة في تاريخ شعبنا

وشدّدت خالد على أنّ "الحكيم جورج حبش حالة نادرة في تاريخ شعبنا، فقد بذل عمره من أجل فلسطين ومن أجل أن نحيا حياة كريمة عزيزة في وطنٍ حر، وألا نيأس من الاستمرار في هذا المسير، وكان دائمًا يُردّد: لا تستوحشوا طريق الحق لقلة السائرين فيه. هذه المقولة منقوشة على ضريح الحكيم. لذلك عندما يمتلك هذه الرؤية الواضحة التي يُعبّر عنها بأبسط الكلمات لتفهمها جماهيرنا وتتسلّح بها فهو قائد الفكر والسياسة، وهذا يعني أنّه يمتلك ناصية الثلاثي التي لابد من أي تجمعٍ أو تنظيم أن يمتلكها، وهو المؤسس لحركة القوميين العرب ردًا على النكبة الفلسطينيّة، ثم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين هو ورفاقه وديع حدّاد، وهاني الهندي، وأبو ماهر اليماني، و أبو علي مصطفى ، وغسّان كنفاني".

وبيّنت خالد خلال حديثها مع "الهدف"، أنّ "هذه القيادة التي تمتّعت بكثيرٍ من الانسجام الفكري والسياسي والتنظيمي أسست لطريقٍ شاقٍ وطويل، وكان الحكيم يقول أنّ هذا الطريق لا يحتاج لفترة قصيرة بل لمئة عام من أجل هزيمة الصهيونية كفكرٍ وسياسة، فهو لم يعدنا بفلسطين محرّرة خلال بضع سنوات، بل وعدنا بحريّة فلسطين بزمنٍ يُدرك من خلاله أنّ العدو الذي نواجهه عدو متعدد الأطراف ولا يمكن أن نهزمه ببضع سنوات كما كان البعض يروّج في بداية الثورة الفلسطينيّة المسلّحة المعاصرة، فلا يُمكن أن نخدع جماهيرنا".

وتابعت عضو المكتب السياسي للجبهة: "حتى عندما غادرنا الحكيم جورج حبش بقيت أفكاره ومبادئه نستلهم منها الدروس، ونستلهم من حياته الخاصة أيضًا، وسنظل نستذكر ميلاده بكثيرٍ من الفرح لأن فلسطين أنجبت قائدًا استثنائيًا مثل الرفيق جورج حبش".

كيف قرأ الحكيم معسكر الأعداء؟

وفي معرض إجابتها حول كيفية تعامل الحكيم وتصرفه إزاء العقبات الكبرى والأزمات الداخلية خلال مسيرة الثورة الفلسطينيّة، أكَّدت خالد على أنّ "الحكيم تصرّف في الموقف الأصعب وطرح رؤية شديدة الوضوح مع رفاقه، وهي الوثيقة السياسية والتنظيمية عام 1969 وحدّد فيها بوضوحٍ تام من هم أعداؤنا: الإمبرياليّة الأمريكيّة، والحركة الصهيونيّة وصنيعتها "إسرائيل"، والرجعيّة العربيّة، وفي ذلك الوقت قالت حركة فتح أنّنا لا نُريد أن نُعادي الأنظمة العربية، فكان رد الجبهة أنّنا لا نُريد أن نُعادي أحدًا ولكن هم من وضعوا أنفسهم في معسكر الأعداء، وحددنا من هم قوى الثورة ومن هم الأصدقاء ومع من نُجري تحالفاتنا. كل هذا الوضوح سلّحنا بالقدرة على الثبات على هذه الرؤية حتى لا ننهزم في وسط الطريق".

أوسلو: الزلزال الفلسطيني

وأردفت خالد بالقول: "للأسف عندما وُقِعت اتفاقات أوسلو كان يقول عنها "الزلزال الفلسطيني"، وكل هذه التعابير ما زلنا نذكرها دائمًا حتى نعرف حجم الهزيمة التي مُنيت بها الساحة الفلسطينيّة، وكان الحكيم يقول أنّ الدولة الفلسطينية هي إمكانية واقعية في وقت الانتفاضة، وبعد توقيع اتفاقات أوسلو قال حرفيًا: لقد خسرنا معركة الدولة الفلسطينيّة. صحيح أنّه كان يتصرّف بغضب ولكن برؤية، ويحوّل هذا الغضب إلى رؤية واضحة من أجل الاستمرار في الطريق".

السؤال الأكبر: لماذا هُزمنا؟

وأشارت إلى أنّ "الحكيم عند استقالته من الأمانة العامة للجبهة الشعبيّة قال هناك سؤال علينا أن نطرحه حتى نُجيب عليه: لماذا هُزمنا؟، هذا التعبير قاله من أجل أن يفتح جدلاً كبيرًا في عقول رفاقه والمثقفين والكثيرين ممن كانوا يهتمون بالقضية الفلسطينيّة، وأن المشروع الصهيوني ما زال موجودًا على أرضنا وأقام كيانًا وما زال يتمّدد، فقرّر الحكيم الاستقالة من الأمانة العامة وأسس مركزًا للدراسات للإجابة على هذا السؤال، فلماذا هُزمنا بعد كل هذه التضحيات الجِسام من انتفاضة تاريخيّة للشعب الفلسطيني وثورةٍ مسلحةٍ وآلاف الشهداء ومع ذلك ذهبت القيادة من وراء ظهر الشعب الفلسطيني لتوقّع اتفاقًا اُعتبر زلزالاً في الساحة الفلسطينيّة، وما زاد الطين بلة قبل عام من وفاته حدث الانقسام الفلسطيني، فكانت كارثة أخرى أضيفت إلى الكوارث التي لحقت بشعبنا، وهذا دعانا لأن نرفع راية الوحدة في تلك اللحظة السياسيّة الصعبة من أجل عدم تمزيق نسيج مجتمعنا الفلسطيني على قاعدة بناء استراتيجيّة وطنيّة جديدة على أساس المقاومة بكافة أشكالها، مع مراجعة شاملة للمرحلة السابقة أي مرحلة أوسلو".

وفي ختام حديثها مع "الهدف"، خاطبت روح الحكيم قائلةً: "في يوم ميلادِكَ، نم قرير العين يا رفيق فنحن ما زلنا قابضين على المبادئ، نحن أبناء هذه الجبهة ما زلنا مستمرين على ذات الطريق الذي أسّسته مع رفاقك من أجل أن نمضي بها نحو فلسطين".

ربما تكون الساحة الفلسطينيّة والعربيّة اليوم بأمس الحاجة لأمثال الدكتور المفكّر جورج حبش في ظل الأزمات المُتلاحقة التي تعيشها المنطقة برمتها، فهو الذي كان يقرأ الأمور بعينٍ أخرى بعيدًا عن التشخيص والتفسير والتوضيح بل كان يطرح الأسئلة الكبرى بكل جرأةٍ وشجاعة بعقلٍ غيورٍ على قضية وطنه العادلة، وهو الذي كان يُشدّد دائمًا على أنّ: المُثقّف الغير واعي سياسيًا كأنما يوجّه فوهة البندقية إلى صدره".