Menu

فهلوة الساسة كوصفة لتدمير الذات

بوابة الهدف الإخبارية

عبد الفتاح البرهان ونتنياهو

خاص بوابة الهدف

يتواصل مسلسل التهديد والابتزاز الأمريكي لدول هذا العالم، وفي منطقتنا بالذات؛ باتت المعادلة واضحة، ستفرض العقوبات والحصار حتى حدود التجويع والإماتة على كل من يرفض الاستسلام للعدو الصهيوني، بضغط من الولايات المتحدة، والهدف واضح ومحدد هيمنة مطلقة على المنطقة، بحيث تديرها دولة الاحتلال نيابة عن المنظومة الاستعمارية.

الابتزاز الذي خضع له مجلس الحكم السودان ي، بشأن إزالة العقوبات المفروضة على السودان، كان غاية في الوضوح، وهو ما قابله المجلس بالإذعان بظل صمت مريب، ومواقف مرتجفة، من معظم القوى التي تدعي تمثيل الشعب السوداني والانتماء لثورته.

 في الوقت ذاته، لا داعي لخداع الذات بشأن مواقف صمود عربي، ففي هذه المنطقة ما يغري العدو بمزيد من الضغط والابتزاز هو هذا الارتجاف في المواقف، والاستعداد للقبول بالمساومات، فما استجلب على السودان هذا الابتزاز؛ إلا فهلوة أعضاء مجلس الحكم والحكومة السودانية، فما أن تبدي أي استعداد للخضوع للسياسة الأمريكية والصهيونية في أدنى نقطة أو قضية، حتى يتوالى الضغط بغية الحصول على استسلامك الكامل.

ما بدأ في لبنان كمحاولة لترسيم الحدود البحرية من خلال مفاوضات غير مباشرة مع العدو الصهيوني، يجري الحديث والعمل في تل أبيب لجعله نوع من اتفاقات التسوية، ومن يتحمّل مسؤولية ذلك، ليس صلافة العدو وحدها، ولكن ذلك الهوس بالمناورة واستعراض مهارات سياسية مدعاة في قضايا لا تقبل أي مساومة.

يحصل حكام العرب على جوائزهم من سادتهم في البيت الأبيض ومستوطنة تل أبيب، فيما يتم تشكيل الحلف الصهيوني الذي سيعمل فيه العرب وتستخدم مواردهم كأتباع للعدو الصهيوني، وتستخدم أراضيهم للعدوان والتجسّس على محيطهم وجيرانهم من شعوب المنطقة، وحين يجرّب العرب دفع أثمان العبودية والارتهان للعدو الصهيوني، من حريتهم وكرامتهم ومقدراتهم، لن نسدي لهم النصائح المسمومة على غرار تلك التي قدمها ربيب الصهاينة بندر بن سلطان، بل سيكون الفلسطيني والمقاوم، حيث موضعه المحتّم في الخندق المتقدّم من المواجهة مع العدو الصهيوني.

إنّ الغرق العربي في دوامة التطبيع، لا يقع ضرره على الفلسطيني فحسب، ودعونا هنا لا نخدع أنفسنا، فأي من الأنظمة المطبعة لم يكن موقفه أو سلوكه ذات يوم مفيد للقضية الفلسطينية، ولكن الضرر الحقيقي الذي سيقع هو على شعوب هذه الدول، فلسنواتٍ طوال تلقى الشعب الفلسطيني وشعوب دول الطوق عبء الاصطدام بالصهاينة، وقدموا وقاية وحماية للشعوب العربية منه، وما يحدثه التطبيع العربي اليوم هو فتح الأبواب أمام عدوها ليدخل حصونها، وشتم حراسها الذين قاتلوا هذا العدو لسنواتٍ وسنوات، في طقوسٍ هستيرية للتقرّب من هذا العدو لن تجدي أصحابها في شيء.