Menu

إعلان الاستسلام: إمكانيات ترميم الموقف الوطني

صورة تعبيرية

خاص بوابة الهدف

الموقف الوطني العام؛ جماهيريًا و فصائليًا، من إعلان السلطة الفلسطينية عن عودتها للترتيبات والعلاقات مع الاحتلال، يعكس حجم التناقض بين موقف السلطة هذا والإرادة الوطنية لعموم الفلسطينيين، ولكن هذا التعارض الواضح أيضًا يضع جملة من المهمات الثقيلة على عاتق القوى الوطنية الفلسطينية، الرافضة لهذا المسار الاستسلامي بكل تفاصيله، بل ويضع على عاتقها مسؤولية اتخاذ قرارات ومواقف تعبر عن هذه الإرادة الشعبية، فحصار هذا التوجه ومنعه مسؤولية وطنية، لا من باب رغبة فريق فلسطيني في الانتصار لطرحه ضد فريق فلسطيني آخر، ولكن بالأساس لتدارك ومنع الكوارث والآثار المدمرة التي أنتجها وسينتجها موقف السلطة.

ما بين ضرورة التشبث بالوحدة الوطنية كركيزة أساسية في مواجهة الهجمة الأمريكية الصهيونية على الحقوق الفلسطينية، وضرورة تحرير إرادة الفعل الوطني من الاستسلام للمشروع التصفوي الاستسلامي، هناك معادلة حساسة بطبيعتها، لكنها كذلك واضحة؛ فالأولوية الأولى والمصلحة الرئيسية هي الحفاظ على الحقوق الفلسطينية، خصوصًا أن هذا ما يعكس الارادة الشعبية التي عبرت عنها مواقف القوى والجماهير الفلسطينية، مسار ضروري لا تبدو فيه الإدانات الصادرة عن القوى الفلسطينية كافية؛ فرغم وضوح الموقف والتوصيف لم تنجح هذه الادانات في ردع هذا التوجه، ما يعني ضرورة البحث عن بدائل أخرى كفيلة بتحقيق الأهداف والمصالح الوطنية، والتعبير عن الإرادة الجماهيرية.

إن التمادي في التنكر للإرادة الوطنية والجماهيرية من قبل القيادة الرسمية، هو ما يعمق الأزمة الفلسطينية، ويضعف القدرة على المواجهة، بل وينضم الآن لأدوات الهجوم المعادي للموقف الفلسطيني، كترجمة حرفية لتدمير الذات واضعافها والمساهمة في تقويض الحقوق.

المطلوب اليوم من الكل الفلسطيني، هو موقف وإجراءات عملية تتكفل بطي هذه الصفحة للأبد، بمركباتها المتمثلة في الانصياع للإملاءات الأمريكية والاحتلالية، والتفرد في القرار بعيدًا عن الإرادة الوطنية، والاستمرار في الرهانات المختلة التي تقوض المواقف الفلسطينية وتهدر الحقوق الوطنية، وهذا ليس موضع لتجاذب أو مناكفة فصائلية بقدر ما هو موضع اختبار للإرادة الوطنية لكل فلسطيني أي كان موضعه أو فصيله أو انتماؤه؛ فما أقدمت عليه السلطة الفلسطينية يتجاوز حتى أسوأ ما أدانته في مواقفها وأعلنت استعدادها للعمل ضده، وليس من المبالغة القول أنه انحياز يخدم معسكر التطبيع العربي، وكل تلك الأطراف التي تآمرت على القضية الفلسطينية وذهبت نحو التحالف مع الاحتلال ونسج السياسات العدائية ضد كل ما هو فلسطيني.

إن قتل القرار الوطني الفلسطيني والطعنات الموجهة لظهره، جاءت هذه المرة بفعل فلسطيني رسمي؛ تمثل في قرار السلطة الفلسطينية الأخير، والذي جاء تعبيرًا عن تغول فريق التنسيق الأمني على الكل الفلسطيني بكافة أطيافه، وتجاوزه لكل نقاط الإجماع الوطني، والاستعداد والمضي لهدم كل ما أنجزه شعبنا بنضاله وتضحياته، وتقديم وحدته وموقفه وحقوقه كقربان على مذبح التقرب للإدارة الأمريكية الجديدة، وفداء لمنظومة المصالح التي أنتجتها حقبة أوسلو وعقيدة التنسيق الأمني.