Menu

الموقف الفلسطيني منقسم على ذاته

د.ماري الدبس للهدف: توحيد اليسار الفلسطيني لبنة أولى لحشد الطاقات ومواجهة التطبيع

أحمد نعيم بدير

خاص بوابة الهدف

خلال العدوان الصهيوني الواسع على قطاع غزّة في العام 2014 بدا واضحًا وبشكلٍ جلي حجم تراجع الدعم والغضب العربي الشعبي عمومًا، والرسمي منه خصوصًا، تجاه المجازر الصهيونيّة التي تُرتكب بحق أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع، طوال أكثر من خمسين يومًا؛ دكّ فيها الاحتلال قطاع غزّة من شماله إلى جنوبه بأفظع أنواع الأسلحة المحرّمة دوليًا.

محطّات عديدة ألقت بأحمال وتأثيرات جمة على القضيّة الفلسطينيّة، لعلّ آخرها موجة التطبيع السافرة -المستمرة- التي تُمارسها بعض أنظمة الخليج بشكلٍ أساسي ومن خلفها بعض الأنظمة التابعة لها مع العدو الصهيوني؛ محطّات سوداء جديدة في تاريخ أنظمة الرجعية والخيانة العربيّة، كشفت أيضًا عن حجم التراجع في مناصرة القضيّة الذي يتفق العالم العربي والإسلامي على أنّها القضيّة المركزية في جغرافيا المنطقة.

وعند الحديث عن تعبئة الجماهير وتحريض الشعوب تجاه عدوهم الأساسي وتحريك الشارع العربي للدفاع عن فلسطين أو مناصرتها على الأقل، يأتي الحديث عن الجبهة العربيّة التقدميّة التي تشهد حالة من التراجع بفعل عدّة عوامل، ولعل الانقسام الفلسطيني الداخلي وانعكاساته يأتي على رأس هذه العوامل.

في هذا السياق أجرت "بوابة الهدف الإخباريّة" حوارًا مع المنسّقة العامة للقاء اليساري العربي د. ماري الدبس من بيروت، والتي عزت ذلك في بداية حديثها إلى "ضُعف اليسار الذي يُحاول الخروج من أزمته التي أصيب بها بعد سقوط الاتحاد السوفييتي وسقوط حركة التحرّر العربي، وأيضًا بعد مسار اتفاق أوسلو وغيره، إذ كان اليسار العربي ضعيفًا، ولذلك في أواخر أكتوبر من العام 2010 تحرّكنا من أجل إعادة تنشيط هذا اليسار، ورغم مرور 10 سنوات؛ إلّا أنّ اليسار لا يزال ضعيفًا".

وبشأن ردود الفعل تجاه جريمة التطبيع المُستمرّة، رأت د. ماري أنَّ "ردود الفعل التي تابعناها كانت ضمن إطار الأحزاب الشيوعيّة واليساريّة وتحرّكات لا بأس بها؛ سواء التحرّك الذي جرى في السودان ، وفي لبنان على عدّة مرّات منذ شهر تموز حتى الآن تجاه السفارة الأمريكيّة والمواقف التي صدرت عن أحزاب اللقاء اليساري العربي، بما فيها الأحزاب الفلسطينيّة الموجودة في لبنان والأحزاب اللبنانيّة، والتحرّكات التي جرت في تونس أيضًا حول مسألة التطبيع، حيث أصدرت الحركة التقدميّة مجموعة بيانات وأخذت مواقف وتوجّهات عديدة بهذا الشأن، وتحرّكات الأحزاب الموجودة في الأردن ضمن اللقاء اليساري العربي، ولا نريد أن ننسى التحرّكات الهامة والجديّة التي جرت في البحرين؛ رفضًا لجريمة التطبيع".

قمعٌ متواصل وموقف فلسطيني منقسم على ذاته

ولفتت إلى أنّه "من المهم ألّا نغفل اليوم أنّ هناك أزمات كبيرة على صعيد كافة دول العالم العربي، وربّما الأزمة الأبرز هي في لبنان، ولكن أيضًا لا يجب أن ننسى القمع الذي تتعرّض له هذه القوى؛ من قِبل الأنظمة التابعة التي لم تبنِ لا اقتصاد ولا شيء آخر، وأيضًا انخرط في هذا الأمر العدو الإسرائيلي بموافقة الولايات المتحدة، لأنّ الدور الأساسي كان للإمبرياليّة في المنطقة".

وأشارت إلى أنّه "في الماضي كانت التوجّهات هي النزول إلى الشارع، ولكن اليوم هناك تأثيرات لها علاقة بالأزمة الاقتصاديّة الموجودة منذ أيّام سقوط حركة التحرّر، بالإضافة إلى ذلك الموقف الفلسطيني المنقسم على نفسه من جهة، ومن جهة أخرى هناك بداية لليسار الفلسطيني في بلورة توجّه معيّن بدأها في اجتماعات الأمناء العامين منذ أكثر من عام في بيروت ومستمر في الوقت الحاضر".

الخروج من الأزمة

ورأت د. الدبس خلال حديثها مع "الهدف"، أنّ "الخروج من الأزمة لا بدّ أن يكون انطلاقًا من وضع خطّة تضعها قوى اليسار العربي الأساسيّة في فلسطين، لأنّه إذا ما كان هناك توحّدًا وتحرّكًا جدّيًا من قِبل الأحزاب الفلسطينيّة، فسيُصبح الدعم الخارجي أقل تأثيرًا وأهميّة".

وأكَّدت أيضًا أنّ "الشيء الأساسي الذي أثّر وما زال على وضع اليسار أنّه كان غير موحّد ويُحاول الوصول إلى نتائج توحيديّة في الوقت الحاضر، وأيضًا هذا اليسار يُعاني من مشكلة بالنسبة إلى القوى التقدميّة الفلسطينيّة التي لم تضع حتى الآن برنامجًا، يمكن التحرّك على أساسه معه".

توحيد اليسار الفلسطيني أولاً

وشدّدت د. ماري، على أنّ "توحيد اليسار الفلسطيني هو الأساس، لكي تلتف الجبهة العربيّة التقدميّة حوله، لأنّنا نقول دومًا وهذا ما نعتقده، بأنّ القضيّة الفلسطينيّة هي قضية العرب المركزيّة، فيجب أن تنطلق من هنا، ولدينا ضمن إطار اللقاء اليساري العربي مواقف مختلفة؛ إزاء رؤيّة الحل فيما يتعلّق بالقضيّة الفلسطينيّة، داخل القوى الفلسطينيّة الموجودة ما بين من يطرح مسألة حق العودة إلى كامل الأراضي الفلسطينيّة التي هُجروا منها وإقامة دولة وطنيّة وعاصمتها مدينة القدس ، وهناك من لا يزال يطرح دولة على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقيّة!".

وفي السياق ذاته، قالت: "هناك ضرورة لأخذ مواقف سياسيّة واضحة فيما يتعلّق بمسألة الدولة، خاصةً أنّ ما ظهَر مِن العدو الصهيوني في المرحلة الماضيّة ما بين ترامب الذي أعطى كل شيء لنتنياهو، وما ظهر من نتنياهو نفسه، يؤكّد من جديد أنّه لا أفق بالنسبة لهؤلاء في الوصول إلى حل حتى على صعيد قسم من أراضي فلسطين التاريخيّة".

ورأت أيضًا أنّ "وجود برنامج يساري موحّد يكون بمثابة محفّز لكل قوى اليسار في كافة البلدان العربيّة؛ من أجل التحرّك ومواجهة مسألة التطبيع ومخاطرها".

اليمين الفلسطيني لديه مخططاته الخاصّة

وتساءلت د. ماري "لا أحد يعطينا شيء فلماذا نحن نتنازل؟"، وعادت وشدّدت في ختام حديثها مع "الهدف"، على أنّ "اليمين الفلسطيني سواء في الضفة الغربيّة المحتلة أو في قطاع غزّة لديه مخططاته التي لا ترتبط مع الوضع اليساري الذي يطرح حلاً جذريًا للقضية الفلسطينيّة".

ومن وثائق اللقاء اليساري العربي التي حصلت عليها "الهدف"، فقد أكَّد خلال لقاءٍ له يوم الرابع من نوفمبر 2010 في المركز الرئيسي للحزب الشيوعي اللبناني، على أنّ "القضية الفلسطينية لا تزال القضية المركزيّة والمحوريّة في الصراع العربي – الصهيوني، ويؤكّد على حق الشعب الفلسطيني في أرضه ووطنه وفي تقرير مصيره والإعلان من طرفٍ واحد عن قيام دولته الوطنية وعاصمتها القدس، وتحقيق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم التي طردوا منها في العام 1948".

كما دعا اللقاء في حينه "الشعوب العربية للضغط على أنظمتها من أجل الاعتراف بهذه الدولة وقطع العلاقات مع الكيان الإسرائيلي بالنسبة للدول التي سبق أن أقامت مثل هذه العلاقات، وعلى هذه الأسس، شدّد اللقاء على استمرار النضال من أجل الوقف الشامل للاستيطان"، داعيًا "القوى الوطنية الفلسطينيّة لإنهاء الانقسام واستعادة وحدتها الوطنيّة".

ورأى اللقاء أيضًا؛ ضرورة كبيرة في أن "تضطلع قوى اليسار العربي بمهمة استكمال تحرير الأراضي العربية التي يحتلها العدو الصهيوني في الجولان وجنوب لبنان، واستكمال عملية إخراج قوات الاحتلال الأميركي من العراق ورفض أي شكل من أشكال التواجد العسكري الأجنبي فيه، إضافة إلى تصفية كل القواعد العسكريّة الأجنبيّة المتواجدة على الأراضي العربيّة والتسهيلات التي تقدّم لها، ومقاومة مشاريع الإمبرياليّة والصهيونيّة والرجعيّة العربيّة؛ الساعية إلى إثارة الحروب الطائفيّة والمذهبيّة والاثنيّة، والهادفة إلى تفتيت الدول العربيّة إلى كياناتٍ ضعيفة ومتصارعة فيما بينها، وتصفية الحقوق العربية".