Menu

الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين رافعة كفاحية في النضال على الصعيدين الوطني والقومي

عليان عليان

الجبهة.jpg

خاص بوابة الهدف الاخبارية

في رحاب الذكرى أل (53) لانطلاقة الجبهة الشعبية، نتوقف أمام سيرة كفاحية معمدة بالدم والتضحيات، سيرة لم تبرح خلالها الجبهة ثوابتها الاستراتيجية الواردة في الميثاق الوطني، في الوقت الذي برح فيه آخرون  هذه الاستراتيجية في دورة المجلس الوطني في غزة عام 1996، ولم تبرح منظورها الأيديولوجي، في الوقت الذي كان فيه البعض ينتظر انهيار الاتحاد السوفياتي  ليغير اسم تنظيمه منتقلاً إلى ضفاف الليبرالية.

والجبهة الشعبية منذ مؤتمر شباط 1968، حددت في وثيقتها الأولى خارطة تحالفاتها وخارطة الأعداء، وبناء على هذا التحديد رسمت استراتيجيتها الكفاحية، والتزامها بحرب الشعب طويلة الأمد، لتحقيق أهداف الشعب الفلسطيني في التحرير والعودة إلى جانب كافة فصائل العمل الوطني، ناهيك أنها لم تغادر موقها القومي في إطار ربطها بين  الخاص الوطني والعام القومي، قناعة منها بأن قضية فلسطين قضية قومية بامتياز ، وإن كان الشعب الفلسطيني هو رأس الحربة في معركة التحرير، إدراكاً منها- كما بين الحكيم الدكتور جورج حبش - أن معركة التحرير في  السياق الاستراتيجي لن تتم دون انخراط الأمة المباشر فيها، حيث لم تغادر هذه الرؤية في كافة مؤتمراتها الوطنية وحتى اللحظة الراهنة.

وهي  في استراتيجيتها  وتكتيكاتها ظلت على الدوام، مسترشدة بالماركسية ال لينين ية في قراءتها للواقع الفلسطيني والعربي والدولي، وملتزمةً بالتثقيف النظري لكادرها وأعضائها  إدراكاً منها بأن غياب  وتغييب البعد النظري، يوقع النضال الوطني في خانة العفوية والارتجال والتخبط، ويوقعه في حالة من فقدان الرؤية، ما جعلها محل احترام  الفصائل التقدمية في مختلف دول العالم، وليس صدفةً أن يصفها الأمين العام الأسبق للحزب الشيوعي اللبناني "جورج حاوي" بأنها باتت "رافداً من روافد الماركسية اللينينية"، لأنها وظفت الأيديولوجية وفق خصائص الواقع الفلسطيني والعربي، ناهيك أنها في مواقفها من الصراع العربي الصهيوني، لم ترتهن لرؤية بعض الرفاق الأمميين في القضايا القومية وأساليب النضال.

لم تساوم الجبهة على ثوابتها في مختلف المحطات، سواء بعد حرب تشرين  1973، أو بعد الخروج من بيروت عام 1982، أو بعد انعقاد الدورة 17 للمجلس الوطني عام 1984 وإفرازاتها الخطيرة، إذ أنها في مرحلة حرب تشرين، عندما أدركت التوجه التسووي لقيادة المنظمة وفق القرار 242 على أرضية التفاوض في برنامج النقاط العشر، انسحبت من اللجنة التنفيذية للمنظمة، ولم تنسحب من بقية مؤسسات المنظمة، وشكلت جبهة الرفض، ليس رفضاً للمرحلية بل إدراكاً منها أن ميزان القوى آنذاك، لن يسمح بقيام سلطة وطنية دون صلح أو مفاوضات أو اعتراف بالكيان الصهيوني.

وبعد خروج المقاومة من لبنان إثر العدوان الصهيوني عام 1982، رفضت مع بعض الفصائل مشروع فاس، ورفضت مشروع ريجان، وتصدت لمحاولة القيادة المتنفذة "الجسر بين مشروعي فاس وريجان، في الدورة (16) للمجلس الوطني ، وعندما توجه أبو عمار إلى القاهرة وأصدر إعلانه "بنبذ الارهاب"، شكلت تحالفاً عريضاً مع كل من "الجبهة الديمقراطية والحزب الشيوعي وجبهة التحرير الفلسطينية؛ التحالف الديمقراطي"، وخاضت حواراً مع قيادة فتح أسفر عن توقيع اتفاق عدن الجزائر، لمحاصرة الآثار الخطيرة الناجمة عن هذه الخطوة ، وعندما أدركت أن توقيع الاتفاق كان في سياق تكتيكي لعقد دورة المجلس الوطني السابعة عشرة، وما نجم عنها من اتفاق عمان الذي ينص على "مبدأ الأرض مقابل السلام" وفقاً للقرار "242 ، لم تحضر الدورة وبادرت لتشكيل جبهة الانقاذ لاستعادة المنظمة لخطها الوطني، لكنها عادت وحضرت الدورة التوحيدية  للمجلس الوطني عام 1987، بعد أن تلقت وعودا من قيادة فتح في إطار وثيقة طرابلس لإلغاء الاتفاق، وربط عودة العلاقة مع النظام المصري بشرط الابتعاد عن اتفاقيات كامب ديفيد

ويسجل للجبهة الشعبية دورها الرائد في انتفاضة الحجارة، التي اندلعت في  الثامن من كانون أول( ديسمبر) 1987، من خلال حضورها الفاعل في القيادة الموحدة، ومن خلال دور كوادرها وعناصرها في النضال الميداني ضد الاحتلال والمستوطنين، ناهيك أنها رفعت الصوت عالياً ضد الاستثمار المبكر للانتفاضة، الذي لاحت نذره السيئة بلقاءات ياسر عبد ربه، مع السفير الأمريكي في تونس "روبرت بليترو" وبلقاءات أخرى في هذه العاصمة الأوروبية أو تلك.

وفي الدورة " 19" للمجلس الوطني التي أطلق عليها "دورة الاستقلال" تحفظت على البند المتعلق بالقرار 242 في البيان والمبادرة السياسية، لكنها لم تنسحب من اللجنة التنفيذية كما فعلت سابقاً عام 1974 إثر طرح برنامج النقاط العشر ، الأمر الذي أثار تساؤلات ونقاشاً حيال موقفها ، وفسرت  الجبهة هذا الموقف بأنه جاء في إطار الحفاظ على الوحدة في ظل الانتفاضة، لكن القيادة المتنفذة في حينه نزلت ما دون تلك المبادرة في ستوكهولم وجنيف وباريس.

وفي مرحلة اتفاقات أوسلو عام 1993، وما تفرع منها من اتفاقات " أوسلو 2، اتفاق الخليل، اتفاق واي ريفر ، خارطة الطريق، أنا بوليس، خطة كيري، صفقة القرن" لعبت الجبهة دوراً فاعلاً في التعبئة ضدها وكشف أخطارها، ورأت فيها منهجاً تصفوياً للقضية الفلسطينية، ودفعت مقابل موقفها  المبدئي أثماناً كبيرة، ناهيك أنه لم تكتف بالنضال التعبوي، بل قرنته بالنضال على الارض ضد الاحتلال في انتفاضة الأقصى وفي كافة الهبات والانتفاضات اللاحقة، وي سلسلة العمليات الفدائية الجريئة، وفي التصدي للحروب العدوانية على القطاع في الأعوام 2008، 2012 ، 2014، وفي مشاركتها الأساسية في مسيرات العودة.

يضاف إلى ما تقدم فإن الجبهة الشعبية لعبت منذ تأسيسها، على يد القادة الكبار "جورج حبش، أبو علي مصطفى ، وديع حداد، أبو ماهر اليماني، غسان كنفاني " ويد قيادتها الحالية وحتى اللحظة الراهنة، دوراً مركزياً في النضال من أجل الوحدة الوطنية، التي تقوم على برنامج المقاومة، إيماناً منها أن هذه الوحدة شرط أساسي من شروط الانتصار.

وختاماً بمناسبة انطلاقة الجبهة، وفي كل الظروف، نترحم على شهداء الجبهة والثورة الفلسطينية، ونرفع القبعات لأسرى الحرية القابضين على الجمر، ونخص بالذكر أمين عام الجبهة القائد أحمد سعدات، وخالدة جرار، ومروان البرغوثي، وكريم يونس، وماهر يونس، ونائل البرغوثي، وعبدالله البرغوثي وكل الأسرى في معتقلات الاحتلال.