Menu

الحلقة 11

المسيرة التاريخية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين "قراءة وعرض لوثائق مؤتمراتها حتى المؤتمر السابع"

خاص بوابة الهدف

(في الذكرى الثالثة والخمسين لانطلاقة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين؛ تنشر بوابة الهدف الإخبارية، على حلقات متتابعة: كتاب المسيرة التاريخية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (قراءة وعرض لوثائق مؤتمراتها حتى المؤتمر السابع) الذي أعدته الدائرة الثقافية المركزية للجبهة، وصدر منه طبعتين؛ الأولى في آب/أغسطس 2010، والثانية في يوليو/تموز 2014).

 

الفصل الخامس

المحطة الخامسة: المؤتمر الوطني الخامس - مؤتمر شهداء الانتفاضة

(ح 11)

الكونفرنس الحزبي الأول (حزيران 1994):

 على ضوء التطورات السياسية النوعية التي شهدتها الساحة الفلسطينية بعد توقيع اتفاق أوسلو – واشنطن التصفوي ، عقدت الجبهة الشعبية في شهر حزيران 1994 كونفرنس حزبي ناقشت خلاله وثيقة سياسية مقدمة من اللجنة المركزية، حددت فيها رؤية وتحليل الجبهة للمرحلة التاريخية الجديدة التي دخلها النضال الوطني الفلسطيني ارتباطاً بالمتغيرات السياسية الانعطفافية والعميقة على المستويات العالمية والعربية والوطنية .

وفي ضوء مناقشة أعضاء الكونفرنس للوثيقة السياسية ، تم إقرار النص الكامل لها، وتم اصداره في كراس خاص نستعرض فيما يلي أهم الأفكار والقضايا والعناوين الأساسية التي تضمنها الكراس المذكور، والتي أوضحت بجلاء عمق التحليل الطبقي ومن ثم التحليل أو الشعار السياسي المرتبط به في تلك المرحلة ، وهي تحليلات واستنتاجات سياسية وفكرية مازالت صالحة لاستخدامها حتى اللحظة في تحليلنا لأوضاعنا السياسية والمجتمعية، رغم مرور 15 عاماً على عقد الكونفرنس واصدار الوثيقة السياسية عن الكونفرنس.

ففي المقدمة تحدد الوثيقة اتجاهها الرئيسي " أمام المعالم الأساسية والرئيسة ، للأحداث والمستجدات الناشئة وقراءتها ارتباطا بالواقع الفلسطيني ومستقبل النضال الوطني" [1] " فقد شكل توقيع اتفاق إعلان المبادئ وتبادل الاعتراف ما بين القيادة المهيمنة في م.ت.ف والكيان الصهيوني نقطة الانعطاف النوعية في نضالنا الوطني المعاصر، نقطة انعطاف بمعنى لها  مقدماتها ولها تفاعلاتها، ونتائجها اللاحقة والمستقبلية. الأمر الذي يفرض ودون أي تباطؤ أو تردد أمام الواقع الناشئ بكل ماله وما عليه. إن توقيع الاتفاق شكل اختراقاً استراتيجياً لجبهة الصراع الفلسطيني – الصهيوني، والعربي- الصهيوني، وخطورته تتميز بأبعاد نوعية لم تصل إليها اتفاقات كامب ديفيد، الأمر الذي يمكن معه القول بأن المرحلة الراهنة هي أخطر مرحلة يواجهها النضال الوطني الفلسطيني منذ الغزوة الصهيونية لفلسطين، ذلك لأن القضية الوطنية والنضال الوطني طيلة العقود السابقة وبرغم كل الهزائم والانكسارات، لم يصل إلى المستوى الذي تجرؤ فيه أي قيادة فلسطينية على التسليم والاعتراف بحق الحركة الصهيونية والاحتلال الصهيوني بالوجود الشرعي على أرض فلسطين"[2].

وتضيف الوثيقة " إلى جانب هذه الصورة وبتقاطع شديد معها، إلى حد التلاحم، يأتي عامل أخر هام هو طبيعة البنية الاجتماعية الطبقية لأنظمة الحكم العربية، والتي تجسد سلطة الكمبرادور والبرجوازية التابعة، وتأتي حقبة الطفرة النفطية في السبعينات، وما أحدثته من تأثيرات اقتصادية – اجتماعية في البنية المجتمعية العربية، في ظل الهيمنة والسيطرة الإمبريالية الكاملة على الثروة النفطية ونهبها لصالح الاحتكارات الإمبريالية. لقد توجت هذه الحقبة باتفاقيات كامب ديفيد، كاختراق استراتيجي نوعي في جبهة الصراع العربي – الصهيوني وباتت عملية تعميمها في عموم المنطقة هدف مباشر للمعسكر المعادي ، وما رافق ذلك من أحداث ومتغيرات محلية وعالمية ، وعلى المستويات المختلفة العسكرية السياسية – الاقتصادية – الثقافية مهدت الطريق لكي يندفع المشروع الإمبريالي – الصهيوني بهدف تصفية الصراع العربي الصهيوني، وفي المقدمة منه قضية فلسطين بصورة جذرية"[3].

هذه باختصار شديد المقدمات التي أسست للمرحلة الجديدة التي تعيشها أمتنا العربية وشعبنا الفلسطيني راهنا.

لهذا "فإن رؤيتنا ومعالجتنا للواقع الفلسطيني لن تكون عملية ومالكة لمقومات الدقة والرؤية السليمة إلا بربطها بالمسار العام للمشروع الإمبريالي الصهيوني بأبعاده ومستوياته المختلفة وعطفاً على ذلك فمواجهة اتفاق اوسلو – القاهرة  يجب وبالضرورة أن تنطلق من هذه المسألة الرئيسة والهامة، لكي تأخذ المواجهة أبعادها الصحيحة والسليمة، وتعطي للصراع بعده المستجيب لتطورات وترابط الحلقات وطنياً وقومياً في شتى ميادين الصراع"[4].

"إن قراءة الواقع الفلسطيني ومستقبل وآفاق المواجهة وطنياً، لهو وثيق الصلة ومتلاحم مع رؤية واقع حلقات المواجهة على الصعيد القومي، بحيث نكون أمام سلسلة متماسكة تشمل الأمة العربية وقواها المناهضة للمشروع المعادي بتياراتها ومشاربها المختلفة، إذ أن هذه الحقيقة تشكل مفصلاً حاسماً وأساسياً في أي تشخيص أو تحليل أو رؤية مستقبلية، وهي في ذات الوقت مهمة جميع القوى في كل قطر عربي.

إن السياسة وخط السير الذي حكم ويحكم مسار حركة التحرر الوطني الفلسطيني وقواها الأساسية شديدة الارتباط بتطور المجتمع الفلسطيني ذاته سواء في داخل فلسطين المحتلة. أو تجمعات الشتات الفلسطيني في الخارج"[5].

وعليه فإن تفسير جانب رئيسي مما يجري، يعود بالأساس إلى تلك التغيرات والتحولات التي شهدها الواقع الفلسطيني (الاجتماعي - السياسي). الأمر الذي يفرض التوقف ملياً أمام بعض الجوانب لالتقاط ما هو جوهري وأساسي، لكي يتكامل التشخيص والتحليل كشرط ضروري للانطلاق لاحقاً.

أولا: م.ت.ف: "إن المنظمة كجهاز بتركيبته وعلاقته الداخلية والخارجية، ومحتواه وممارساته هي نتاجاً للتوازنات الطبقية  السياسية التي تحكمها ، فالبورجوازية المهيمنة في المنظمة تمكنت من إخضاع المنظمة لرؤيتها ولسياساتها ولمناهج تفكيرها ولممارساتها السياسية والتنظيمية والإدارية. إلى أن أصبحت المنظمة المعبر عن موقف وممارسة الجناح المهيمن عليها طبقيا ، والتي تناغمت لمرحلة من الزمن مع البرنامج الوطني التحرري للشعب الفلسطيني . ولكن وعلى أرضية الظروف المحيطة والمتحركة بدأت القيادة السياسية البيروقراطية المتنفذه في المنظمة تتجه وتسير بتدرج وبصورة متعرجة ومعقدة وفي إطار ديناميات الواقع ذاته وليس رغما عنه ، نحو التخلي عن برنامج م.ت.ف الوطني التحرري"[6].

إن هذا الهبوط السياسي الذي مارسته القيادة المتنفذة في م.ت.ف كان في حقيقته انعكاساً للمواقع الطبقية وتحولاتها في تلك القيادة وفق تحليل وثيقة الكونفرنس وتفسيرها لتراجع وهبوط القيادة البيروقراطية في م.ت.ف ، حيث أن " هذا التحول البنيوي الشامل الذي جرى في م.ت.ف كمواقف ، ونظام عمل ، ونهج وتنظيم ، وممارسة ، لا يفسر لوحده أسباب ومقدمات الانهيار . فهناك صيرورة أخرى كانت تفعل فعلها ، وتتمثل في حالة التقاطب والتداخل التي جرت ما بين القيادة البيروقراطية المتنفذه في م.ت.ف والشريحة الكومبرادورية الفلسطينية في الخارج والداخل ، حيث وجدت القيادة المتنفذه في تلك الشريحة سندا اقتصاديا وسياسيا لها ، بنفس القدر الذي وجدت الشريحة الكومبرادورية في القيادة المتنفذه وعبر هيمنتها على م.ت.ف حليفا سياسيا وطبقيا لها "[7] .

وفي استعراض الوثيقة لأزمة الحركة الوطنية الفلسطينية ، تؤكد على أن هذه الأزمة تتجلى في خمس مظاهر أساسية :

المظهر الأول [8]: عدم قدرة هذه الحركة على انجاز التحرر الوطني كما هو معلن وموثق في برامج م.ت.ف .

المظهر الثاني[9] : عدم القدرة على تحقيق برنامج التحرر الوطني ترافق مع تمكن المشروع الصهيوني-الإمبريالي من تحقيق انتصارات وإنجازات حاسمة واستمرار هذا المشروع في تحقيق الانتصارات بصورة متواترة مما يضع المنطقة أمام حالة من التبعية والاستلاب شبه المطلق للهيمنة والقوة الامبريالية-الصهيونية.

المظهر الثالث [10]: ويتمثل برضوخ القيادة السياسية المهيمنة في م.ت.ف للاشتراطات وللحلول التصفوية الأمريكية-الصهيونية . هذا الأمر الذي يعكس سقوط التحالف الطبقي السياسي المتمثل أساسا بالقيادة البيروقراطية المهيمنة على م.ت.ف، والكومبرادور الفلسطيني بجناحيه جناح الخارج وجناح الداخل. بداية بالاستجابة للشروط الإمبريالية بقبول قرار 242 وبتوقيع اتفاق الحكم الإداري الذاتي ، والاعتراف بكيان العدو الصهيوني والتخلي عن برنامج الإجماع الوطني التحرري ، برنامج حق العودة وتقرير المصير والدولة واستبدال هذا البرنامج الوطني ، بالبرنامج الطبقي الضيق المعبر عن المصالح السياسية والاقتصادية لتحالف البيروقراطية السياسية في المنظمة ، مع الكومبرادور والسماسرة المندمجين اقتصاديا بعجلة الاقتصاد الصهيوني.

المظهر الرابع[11] : عجز البديل الديمقراطي ومعاناته الحقيقية من أزمات وأمراض وسلبيات وقصورات خطيرة (تطال بناه التنظيمية ، وممارسته –وعلاقاته مع الجماهير- وقدرته على بلورة برنامجه الاجتماعي البديل) .

المظهر الخامس[12] : ضعف الأساس الديمقراطي قيما وممارسة ، ما بين فصائل العمل الوطني الفلسطيني والجماهير الفلسطينية .

وتحت عنوان " المرحلة الجديدة والنظام الشرق أوسطي" : تؤكد الوثيقة على " أن أية قوة سياسية منظمة لا تستطيع أن تجري معالجة للمرحلة الجديدة دون التعرض لما بات يعرف بمشروع "الشرق أوسط الجديد" ، الذي يهدف إلى إعادة رسم لخريطة المنطقة ، خريطة الوطن العربي وفق تصور يضعه غير أبناءه الحقيقيين ، أنها مشروع اقتصادي-اجتماعي له ترجمات سياسية محددة يهدف في النهاية إلى إعادة صياغة واقع المنطقة بما يخدم أهداف ومصالح القوى الاستغلالية على نطاق عالمي ومحلي ، ويدخل من بوابة الاقتصاد وبمفتاح ما يسمى بـ"التسوية السلمية""[13].

وبشكل واضح ومحدد –كما تضيف وثيقة الكونفرنس- " يمكن القول أن تطبيق هذا المشروع سيضع الشعب الفلسطيني والأمة العربية أمام المخاطر التالية [14]:

أولا : أنه يعني الإقرار بأن الكيان الصهيوني أصبح واقعا نهائيا في المنطقة .

ثانيا : أنه يعني قبولا "بالصهيونية" بما هي عليه ، أي كحركة عنصرية رجعية في المنطقة .

ثالثا : انه يعني جعل "إسرائيل" ليس فقط جسما مقبولا بل متنفذا ومقررا في مصائر الشعب الفلسطيني والأمة العربية .

رابعا : انه يشكل تهديدا لمشروعنا القومي العربي الوحدوي الذي يعتبر قيامه ضرورة حتمية تفترضها متطلبات التنمية والتقدم لشعوب الأمة العربية .

خامسا : انه يمثل محطة هامة من أجل تكريس حالة التبعية للمركز الامبريالي وحليفه القوي "إسرائيل" .

وعن مشروع "الشرق أوسط الجديد والصراع في المرحلة الجديدة" ، تطالب الوثيقة بإجراء "عملية اعادة قراءة لواحدة من اهم المفردات الملازمة لاية مرحلة ونعني بها القوى الاجتماعية (الطبقات والشرائح) المستفيدة من نجاح مشروع الشرق أوسط الجديد ، ومن هي الطبقات والشرائح المتضررة من هذا المشروع.

وفي هذا السياق، تطرح الوثيقة التساؤل التالي :  " إذا كان مشروع الشرق أوسط الجديد يضرب السيادة الوطنية ويكرس التبعية ويكرس القطرية ويضرب مقومات الوحدة العربية ويهدد الملامح الحضارية للأمة/ويستهدف الحق التاريخي بفلسطين ويهدد عروبتها وتراثها وحضارتها المتأصلة/ فمن هي الطبقة أو الشرائح الطبقية التي لا يضيرها حدوث كل ذلك ؟ وتجيب الوثيقة " أنها البورجوازية المعبرة عن رأس المال الكومبرادوري والتجاري والبيروقراطية المنتفعة من امتيازات أجهزة الدول ذات الطابع القطري. أنها الفئات غير الإنتاجية الطفيلية ، التي لا تعني السيادة والاستقلال القومي الحقيقي شيئا بالنسبة لها . وبالتالي فإن الطبقات والشرائح المتضررة من ذات المشروع هي :  البورجوازية الوطنية الإنتاجية ، الفلاحين الفقراء والمتوسطين ، العمال والإجراء وعموم الكادحين على مختلف تصنيفاتهم ، أغلبية المثقفين الاكاديميين ومختلف فئات البورجوازية الصغيرة "[15].

وحول اتفاق إعلان المبادئ للحكم الذاتي والإداري بتاريخ13/9/1993 الذي تعتبره الوثيقة لحظة انعطاف مثلت " حالة انهيار من قبل الطرف الفلسطيني الذي وقعه أمام الشروط الأمريكية الصهيونية ، وهو اتفاق يمثل في نصوصه وملحقاته ، إلى جانب ما حمله من تنازلات تصفوية من قبل القيادة المنهارة في م.ت.ف نهاية منطقية للطريق التصفوي الذي انخرطت في مساراته القيادة المتنفذة للمنظمة"[16]، إذ " أن قراءة بنود الاتفاق ورسالة اعتراف عرفات إلى رابين تكفي للتعرف على المخاطر الحقيقة التي ينطوي عليها الاتفاق ، والأضرار الجسيمة التي يلحقها بنضال شعبنا وقضيتنا الوطنية والقومية فهو يعني :

  1. "التخلي الفعلي عن برنامج م.ت.ف في حق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس ، واستبداله ببرنامج آخر يهبط إلى ما دون مستوى مشروع الحكم الذاتي "[17].
  2. يرسي المقدمات المادية والسياسية لتصفية م.ت.ف كميثاق وهوية وطنية كفاحية .
  3. يعطي ويشرع للكيان الصهيوني ما يشاء وذلك من خلال :
    • استمرار الاحتلال العسكري الصهيوني.
    • تثبيت واستمرار الاستيطان.
    • الإقرار للاحتلال بالتحكم بالأمن الداخلي والخارجي (حدوداً ومعابر).
    • استمرار سيطرة الاحتلال ونهبه للثروات الطبيعية وخاصة المياه.
  4. يسعى لتمزيق وحدة الأرض والشعب الفلسطيني، وذلك بالقفز عن موضوع القدس، وبقاء المستوطنات وتقسيم الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 إلى وحدات منفصلة، مع عدم وجود أي ضمانة للحل النهائي.
  5. حول نقل الصلاحيات، يتضمن الاتفاق نصاً من أخطر النقاط حيث يشير إلى أن نقل الصلاحيات يتم من قبل الحكم العسكري الإسرائيلي وإدارته المدنية إلى الفلسطينيين وهذا يشكل اعترافاً مباشراً بأن الحكم العسكري وقوانينه يمثل مصدراً للسلطات بالنسبة لسلطة الحكم الذاتي.
  6. من خلال ما ورد في الملاحق الأمنية حول استبدال أداة القمع الصهيونية بأداة فلسطينية (الشرطة) يأتي في جدول مهامها حماية الاحتلال ومستوطنيه وقمع القوى المناهضة للاتفاق أو الساعية لمواصلة الكفاح من أجل الحقوق الوطنية.
  7. أن هذا الاتفاق يفتح الباب على مصراعيه أمام إمكانية فرض التوطين على جماهير الشتات ومخيمات الوطن المحتل وبالتالي فهو يسقط حق العودة المطلق الذي نص عليه قرار 194 الدولي.
  8. الاعتراف بالكيان الصهيوني وبحقه في الوجود بصورة نهائية مقابل اعترافه الهزيل بـ م.ت.ف "كممثل للشعب الفلسطيني وكشريك في المفاوضات.
  9. وجه الاتفاق ضربة مباشرة لقرارات المؤسسات الشرعية الدولية والتي كانت تشكل سلاحاً في ظل الوضع القائم ، إذ جرى استبدال هذه القرارات بمرجعية إعلان المبادئ الذي وقع عليه في أوسلو وواشنطن وبما يتفق عليه الطرفان الفلسطيني والصهيوني.
  10. ربط الاقتصاد الوطني الفلسطيني بالاقتصاد الصهيوني.
  11. وجه الاتفاق ضربة شديدة للمشروع القومي العربي، وأساء للشعب الفلسطيني ولدوره في النضال القومي العربي بشكل عام .

 

ثم تشير وثيقة الكونفرنس الحزبي الأول إلى هذه المخاطر السابقة بقولها " إن كل هذه المخاطر وغيرها تمثل في واقع الأمر مقدمات تهدف لتصفية مرتكزات وعناصر المشروع الوطني الفلسطيني لصالح المشروع الصهيوني . أي تمزيق وحدة الشعب والأرض والقضية ، وتصفية الحقوق والإنجازات الوطنية الفلسطينية التي حققها الشعب الفلسطيني باذلا في سبيلها أغلى التضحيات على مدار عقود نضاله الطويلة"[18].

كما تضيف أيضاً " إن الاختراق الذي تحقق لصالح المشروع الصهيوني ستترتب عليه جملة من النتائج الكبيرة والخطيرة ذات أبعاد سياسية واجتماعية واقتصادية أساسية أبرزها :

أولا : "الانسحاب الكامل للقيادة السياسية المتنفذه في م.ت.ف من ساحة الفعل الوطني والناجم عن تخليها الواضح والصريح ، عن الحقوق الوطنية الفلسطينية حتى بحدودها الدنيا ، بل وتخليها حتى عن المستوى الهابط الذي التحقت على أساسه بالمفاوضات التصفوية "[19].

ثانيا : الموقف من مؤسسات م.ت.ف : إن تحديد موقف من هذه المسألة حساس وغاية في التعقيد بسبب التشابك والتداخل في النظرة إلى م.ت.ف ، إذ يمكن التعامل مع المنظمة من أربع زوايا[20] :

  1. الرأس القيادي المتنفذ للمنظمة ، هذا الرأس الذي غادر ساحة الفعل الوطني وأدار الظهر للبرنامج الوطني .
  2. مؤسسات المنظمة أي ( اللجنة التنفيذية _ المجلس المركزي _ رئاسة المجلس الوطني):

هذه الهيئات وعلى ضوء مواقف غالبية أعضائها ومن خلال التجربة الملموسة لمسيرتها ، أثبتت بأنها غير قادرة على مواجهة نهج الاستسلام والتفريط ، بل وأنها كانت تشكل الغطاء لهذا النهج ، واستنادا لهذه الرؤية الواقعية لتلك المؤسسات ، ولخطورة اللحظة ، ولكي لا تختلط الألوان ، يجب أن يكون موقفنا واضحا ، وبما يعزز الفرز بصورة حاسمة في الساحة الفلسطينية ، بحيث تتحدد التخوم والخطوط، وبما أن مؤسسات المنظمة التي تستخدمها القيادة المتنفذة لتغطية خطواتها المذلة ، قد شاخت ، ولأن هذه المؤسسات قد أصبحت مطعونا في شرعيتها من حيث الأسس والمرتكزات التي قامت عليها .

أمام هذا الواقع النوعي الذي تشهده م.ت.ف حيث تهيمن عليها قيادة سياسية متسلطة ومنهارة ، يتحدد الموقف الوطني ب: التمسك بم.ت.ف والعمل على إعادة بناء مؤسساتها على قاعدة التمسك بالحقوق الوطنية الفلسطينية المعبر عنها بالميثاق الوطني وبرنامج حق العودة وتقرير المصير والدولة وعاصمتها القدس ، عبر إرادة جماهيرية فلسطينية تشمل القوى الديمقراطية والقومية والإسلامية والشخصيات الوطنية .

ان خوض المجابهة ضد القيادة المتنفذة على صعيد م.ت.ف يعتبر مسألة محورية ، ويجب تحشيد الطاقات لكسبها .

إن هذه المجابهة لن تحسم بين ليلة وضحاها ، إنها تحتاج لجهد ودأب وتحشيد وطني ، وجماهيري شامل. إنها مواجهة بين شرعية الشعب والكفاح، ولا شرعية اتفاق الذل ، بهذا يتم عزل القيادة المنهارة وإفقادها للشرعية التي لا تزال تتحرك تحت غطائها . لقد فقدت تلك القيادة شرعيتها الوطنية والقومية والتحررية ، وعلينا أن نفقدها شرعيتها الجماهيرية ، وهذه كلمة الفصل في النهاية .

وبالتالي فإن خطنا الناظم في المواجهة مع هذه القيادة حول م.ت.ف هو : تحشيد القوى المناهضة ضمن إطار جبهة وطنية عريضة تعبر عن واقع الشعب الفلسطيني .

ثالثا : إن النجاح الذي حققه المشروع الامبريالي _ الصهيوني ، سيعنى بأن المخططات الصهيونية _ الامبريالية ستأخذ مناحي نوعية جديدة الأمر الذي يجعل الشعب الفلسطيني وجماهير الأمة العربية تواجه هجمة نوعية جديدة وشاملة، بعد أن باتت ملامح الانهيار العربي الرسمي تتضح شيئا فشيئا ، على حساب المصالح العليا للأمة العربية .

رابعا : في ظل انهيار القيادة السياسية المتنفذة م.ت.ف فإن تبدلات وتوازنات جديدة ستحكم العلاقة التحالفية في الساحة الفلسطينية ... إن دعوتنا لمختلف القوى والاتجاهات والشخصيات للعمل ضمن إطار جبهة وطنية موحدة، نرى أنه يستند إلى جملة من الأهداف أبرزها :

  1. التصدي للاحتلال في مختلف المواقع وبشتى الوسائل وعلى المستويات المتعددة.
  2. التصدي لمشروع الحكم الإداري الذاتي ومناهضته بكل الإمكانات.
  3. الدفاع عن الهوية الوطنية ووحدة الشعب الفلسطيني والتمسك بالبرنامج الوطني التحرري.
  4. إنقاذ م.ت.ف بإعادة بنائها على أسس ديمقراطية ، وحماية ميثاقها وبرنامجها الوطني التحرري.
  5. حشد الجماهير الفلسطينية في مختلف ساحات الفعل الوطني دفاعا عن حقوقها الوطنية وقضيتها وتضحياتها وكرامتها ، ومحاصرة وعزل الجناح المنهار.

بعد ذلك تستعرض وثيقة الكونفرنس "سمات المرحلة الجديدة"[21]، وتشير في المقدمة إلى أن سمات أي مرحلة هي انعكاس للمقدمات السياسية _ الاجتماعية _ الاقتصادية التي تؤسس لها. وبحكم أن المرحلة السياسية الجديدة ، لم تستقر بعد بصورة نهائية ، وإنما تتجه نحو التبلور والتشكل ، بالاستناد إلى مجموعة في غاية التنوع من العوامل والعناصر والتحولات المتباينة ، فمن الطبيعي والحال هذه ان لا يكون حديثنا عن السمات نهائي وقطعي ، وإنما لبعض ملامح وسمات المرحلة الجديدة ، فعلى الصعيد الدولي[22]، تسجل الوثيقة ما يلي :

أولا : تكريس الهيمنة الأمريكية الشاملة على منابع النفط العربي والتحكم بالنظم السياسية للدول العربية.

ثانيا : تزايد التنافس بين مراكز الامبريالية وأقطابها الاقتصادية الثلاث الولايات المتحدة واليابان وأوروبا الموحدة.

ثالثا : عدوانية سافرة للولايات المتحدة وبمساندة كبيرة من الدول الإمبريالية الأخرى ضد شعوب العالم الثالث.

رابعا : الهيمنة الامبريالية عموما والأمريكية خصوصا على المؤسسات الدولية (مؤسسات الأمم المتحدة).

خامسا : زيادة التناغم بين الإمبريالية _ والكيان الصهيوني لترسيخ الهيمنة والتبعية على المنطقة .

سادسا : تنامي الشعور بالظلم من قبل شعوب العالم الثالث ، واتجاه هذه الشعوب للسيطرة على مقدراتها والاعتماد على ذاتها للتصدي للظلم والنهب الاستعماري.

 

 

[1]  الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – الكونفرنس الحزبي الأول – الوثيقة السياسية – حزيران 1994 – ص3.

[2]  المصدر السابق – ص4.

[3] المصدر السابق – ص8-9.

[4] المصدر السابق – ص11.

[5] المصدر السابق – ص12.

[6]  المصدر السابق – ص13-14.

[7]  المصدر السابق ص15.

[8] المصدر السابق ص18.

[9] المصدر السابق ص18.

[10] المصدر السابق ص19.

[11] المصدر السابق ص20.

[12] المصدر السابق ص20.

[13] المصدر السابق ص24-25.

[14]  المصدر السابق ص27-28.

[15]  المصدر السابق – ص31.

[16] المصدر السابق – ص40-41.

[17]  المصدر السابق – ص42-45.

[18] المصدر السابق – ص46.

[19] المصدر السابق – ص47

[20] المصدر السابق – ص50-51

[21] المصدر السابق – ص 61.

[22] المصدر السابق – ص62