اللقاحات المخصصة لكبار السن والمرضى والطواقم الطبيّة، في أقل توصيف يمكن ذكره تم إعطاء جزء كبير منها لغير المستحقين، ولم تفعل إعلانات وزارة الصحة في مرات متكرّرة إلاّ تأكيد الشكوك في حجم الكارثة الحاصلة.
حسنًا هذه ليست جريمة فساد أخرى من تلك التي اعتدناها من حكوماتنا المتعاقبة، هذه مساهمة في جريمة قتل ستطال عدد كبير من الضحايا، وهم أولئك الذين احتاجوا هذا اللقاح ولم يجدوه ففقدوا أرواحهم، فيم لا زالت هناك أعداد أخرى تُعاني في المستشفيات والبيوت.
لم يكن محور هذه الجريمة هو اختلاس صغار الموظفين اللقاحات لمصلحة أقرباء وأصدقاء، أو محسوبيّة فرديّة في توزيع اللقاحات، وهذا كله قد حصل بالفعل، ولكن الجوهر كان في قرار حكومي وضع الوزراء وأعضاء القيادة وحراسهم ومرافقيهم وعائلاتهم وحواشيهم كأولويّة على المرضى والمسنين، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل شمل توزيعه على الأعوان من كتبة وصحفيين.
استمرار الكذب على الرأي العام، في هذا الملف تحديدًا، وعدم اتخاذ أي اجراءات لمحاسبة مرتكبيه ليس مسؤوليّة الحكومة، فبكل بساطة هذه الحكومة قد أشارت لها أصابع الاتهام في هذا الملف، وبالتالي تخيّل إمكانية أن تُحاسب الحكومة ذاتها تبدو صعبة بعض الشيء، ولكن بالأساس مسؤوليّة القوى والأحزاب والمؤسّسات على اختلافها، وهو ملف لا يمكن تمريره بصمت.
قتل فيروس كوفيد - ١٩ أعدادًا من أهالي الشهداء تجتمع فيهم صفتي المرض وكبر السن، وكذلك الأسرى وعائلاتهم، فيم حفظ اللقاح أرواح وزراء السلطة ومرافقيهم وأفراد أسرهم وحواشيهم، إذا كان هذا ليس هو الفساد بعينه، والتواطؤ على ارتكاب جريمة بحق الشعب وعموم المواطنين، فما تعريفنا للفساد والجريمة، وإذا كانت هذه سياسة عامة وأولويات مقبولة، فماذا نفعل في هذه البلاد تحديدًا؟ نقاتل لأجل أولوية الوزراء والمسؤولين وحقهم في انتزاع ما ليس لهم وما لا يحتاجونه من يد من يحتاجه.