Menu

مشعل خيطان الهلسة ينادي: حيّ على الصّباح!

نصّار إبراهيم

[في ذكرى رحيل مشعل جريس خيطان الهلسة (شربل) 6 تموز 2009 – الصورة في بيتي مخيم اليرموك حي التضامن 1986]

يا صاحبي! يا ابن أمي الكركيّة الأردنية هل تذكر أحلامنا وأمنياتنا الكبرى والصغرى؟ هل تذكر كم مشينا معا، وجلسنا معا، وتوّسدنا ذات الأرض، معا وقاومنا معا، وأكلنا من ذات الطبق معا؟ لم نكن نسأل وقتها ما دينك أو طائفتك. هل أنت فلسطيني أو أردني؟ هل أنت "شرق أردني أم غرب أردني"؟، هل أنت شرقاوي أم غرباوي، هل أنت فلسطيني "بلجيكي" أم أردني "ألماني"؟ هل أنت فلسطيني ضفاوي أم فلسطيني غزّي؟... هل أنت "مربع أم مثلث". كنا نخجل يا مشعل من التفكير في هكذا أسئلة. ذلك لأن الفكرة كانت بحجم وطن كامل.

هل تذكر يوم كنت تسأل: ماذا سنفعل عندما نلتقي في فلسطين أو في عمان أو الكرك حين نعود ذات يوم؟

كم وعودا طيّرنا يا مشعل. لقد كانت عهودنا ونذورنا كثيرة يا رفيقي لكنك رحلت هكذا، فجأة.

يا مشعل يا صديق القلب والحياة والأهداف الساطعة، أيها الأردني الباسل الراقد هناك على سفوح الكرك، هل تذكر يا صاحبي كم كانت أحلامنا جميلة: أن يكون لنا وطن لا تحتكره أو تصادره طائفة أو عشيرة أو قبيلة أو دين أو حزب. وطن ممتد للجميع، كما هي أحلامنا ليس لها حدود سوى القلب والروح والوفاء والانتماء. وطن كما كان وسيكون فكرة نبيلة كما هو الإنسان ولا يزال فكرة نبيلة.

أحيانا يا صاحبي ينحرف ماعز عن الطريق إلى قشرة موز فيتبعه البعض كالقطيع، فننسى تحية الصباح الأليفة ويبدأ البعض بالقول: هذا من "هناك"، يقصد "عندك أو عندي". أرأيت يا مشعل الهلسة يا توأم الأرض والوعي والذاكرة والحياة إلى أين يمكن أن يصل الجهل وضيق الأفق! وكأن "هنا وهناك" و "نحن وهم" هو البديل عن ذات الوطن وذات الشعب وذات الأرض وذات الهواء والماء واللغة والأغنيات والأمهات والوجوه والجباه السمراء الشريفة العالية.

هذا يا ابن الأرض هو ثمن العبث بوحدة التاريخ والجغرافيا بقلم تافه، فأصبح خط ذلك القلم أكثر سطوة من حقائق تكويننا الأزلي منذ المطر الأول على هذه الأرض.

يا صديقي وكأني بك الآن تطل عليّ من مشارف مؤاب، تقف فوق شاهد ضريحك في "حمود" المطلة على مدى الصحراء شرقا ومنحدرات فلسطين غربا كعلم يعانق السماء وتنادي: حيّ على الصّباح!