Menu

هل يكون القادمُ "أوجعَ" لدولةِ الاحتلال؟!

صورة تعبيرية

بوابة الهدف_ بيسان الشرافي

ما يُميّز الفعل الثوري الذي نشهده منذ مطلع أكتوبر الجاري، هو أنّه انطلق فردياً، عفوياً، شعبياً، وإن كان معظم المُنتفضين أبناءَ فصائل وطنيّة، ما يعني أن لا سيناريو مُحدد أو نهجاً معروفاً يحكُم ما تسير به الأمور، وهذا يُفضي بنا إلى استنتاج أن الهبّة الجماهيرية التي يخوضها الشعب الذي ضاق ذرعاً بسياسات مُحتلّه الغاصب، ستظلّ في تموّجٍ وتذبذب متواصل حتى يستقرّ بها الحال إلى انتفاضة مُنظّمة ممنهجة بيد الفصائل الفلسطينية مجتمعةً، أو إلى تلاشي بمُسبّبٍ ما، وهذا الأخير بمثابة أسوأ كوابيس الشباب الغاضب اليوم.

ولهذا نجد الأوضاع الميدانية تهدأ تارةً وتثور بوجه الاحتلال تارةً أخرى، ما بين "عملية طعن/إطلاق نار بطولية" و "الاحتلال يُعدم شاباً" و "مواجهات محدودة"، وغيرها من عناوين الأخبار التي تتغيّر حدّتها كل يومٍ.

هُنا تطفو على السطح بضع سيناريوهاتٍ لما تحمله الأيامُ القادمة، خاصةً وأنّ الشارع الفلسطيني لا ينفكُ يتساءل: إلى أين نحن ذاهبون؟!

ما تابعناه في عملية بئر السبع، عزّز من هالة التفاؤل التي تُحيط بالتساؤل السابق، فقد صرخ الفلسطينيّون في كل أماكن تواجدهم، أمس: "نعم هذا ما نُريده، أوجعوا الاحتلال يا أبطال، لا نريد لثورتنا أن تهدأ"، وهي عبارات خطّها آلاف الشبّان على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، بعدّة صياغات.

وإلى جانب المطلب الشعبي الذي بات الأهم الآن، وهو القيادة الوطنية الموحدة للهبّة الجماهيرية"، لقطع الطريق على محاولات إجهاضها أو إطفاء وهجها، نجد رؤىً تضخّ الدم غزيراً في شرايين الشعب، مفادها في كلمتيْن "القادم أصعب" على الاحتلال ومستوطنيه.

"من متابعة معطيات الاشتباك مع المحتلين جغرافياً يُلاحظ تركّز الاشتباك على نقاط التماس عند المدن، وضعفها في الأرياف، إلا ما ندر في مناطق شمال الضفة تحديداً" يُقدّم المحلّل والكاتب السياسي وسام الرفيدي هذه الملاحظة ويُتبعها بالتفسير: يبدو أن الريف لم يُلقِ بثقله حتى اللحظة نتيجة انهماكه السريع في قطف الزيتون تحسباً لهجمات المستعمرين المستوطنين الصهاينة المدعومين من جيش الاحتلال وخوفاً من تقطع سبل القطاف والعصر والتسويق نتيجة ممارسات الاحتلال.

ويرى الرفيدي، الذي عايش عن كثب تجربة الانتفاضة الأولى، أنّه حين ينضم الريف بكامله لميدان المقارعة مع جنود الاحتلال وأذياله من المستوطنين، "سنكون أمام تطور نوعي في حالة الاشتباك". وهي رؤية يطرحها المحلل السياسي وكأنّ ما يحدث هو تكرار لما حدث مطلع الانتفاضة الأولى، فيقول، كما نشر على "فيسبوك": عندما فعلها الريف بدعوة القيادة الموحدة لإسناد المدن التهبت الأرض تحت أقدام المستعمرين المستوطنين والاحتلال في كل بقعة بالضفة الغربية.

ومع هذا السيناريو المُتوقّع، و في حال استمرّ غياب القيادات الوطنية عن لعب دورها في خدمة هذا الشعب المنتفض، كل هذا سيُعزّز فرص تحقّق سيناريو ثالثٍ، وهو أن تمتد مفاعيل انتفاضة الشعب لتتجاوز القيادات والبُنى السياسية القائمة وتفرز قيادة جديدة تُحقق مطالبه بالتصدي للاحتلال ومخططاته وسياساته التي لم تعرف يوماً معنىً للتسوية أو السلام، أو حتى التنسيق، وتكون قيادةً تأخذ بيده نحو الانتفاضة المأمولة التي تصعد أول سُلّمةً في خُطاها نحو التحرّر.