في المباراة النهائية لمنافسات رياضة الجودو ضمن أولمبياد لوس أنجلوس ١٩٨٤، خسر محمد علي رشوان؛ البطل المصري والعالمي وأحد أعظم الرياضيين العرب في التاريخ: المنافسة أمام بطل العالم الياباني ياسوهيرو ياماشيتا؛ رشوان لم يتعمّد الخسارة، لكنه لعب المباراة تمامًا كما ينبغي للرياضة أن تكون، أو بتعبير آخر أعاد تقديم تعريف المنافسات الرياضية. خسارة رشوان كان سببها الأساسي-بجانب جودة البطل الياباني الاستثنائي بدوره- هو اصرار رشوان على عدم استهداف ساق خصمه المصابة، ما يعني التخلي طواعية عن نقطة أفضلية كانت كفيلة بمنحه الفوز بكل سهولة.
منذ ذلك الحين تتعاقب مؤسّسات رياضيّة ومجتمعيّة وحتى سياسيّة في اليابان و مصر وحول العالم، على تكريم رشوان؛ هنا العبرة الأساسيّة أنّ الرياضة والمنافسات الرياضيّة لا ينبغي التفكير بها كساحةِ صراع، بقدر ما هي مساحة للتقارب بين الشعوب، أي إنّها بشكلٍ أو بآخر تدور حول مفهوم بسيط وهو "اللعب"، واللعب هو مساحة لتطوير قيم وعلاقات وأنماط مهمة من التفاعل بين البشر.
في حياتنا اليوميّة نحن لا نسمح لأبنائنا وأخوتنا باللعب مع القتلة والمجرمين وبالتأكيد لن نلعب مع من قتل أخوتنا؛ ناهيك عمّن يواصل قتلهم وارتكاب كل أنواع الجرائم بحقنا وحقهم، في هذا السياق يمكن فهم قبول "اللعب" مع الصهاينة تمامًا كقبول مشاركتهم غداء تكريمي، أو حفل أو استعراض ثقافي، أو عمل فني، هذا فضلًا عن البعد السياسي/ السيادي المباشر للنشاط الرياضي؛ فالحضور الرياضي هو اعتراف بكيان ما وقبول التعامل معه بنديّةٍ في هذا المحفل أو غيره.
يواصل أبطال العرب من الرياضيين الشجعان مقاطعة الصهاينة، في المنافسات الرياضيّة وغيرها، ورغم اصرار الاتحادات الرياضيّة الدوليّة على معاقبتهم بسبب هذه المقاطعة، وانسحابهم من منافسات تشرف عليها هذه الاتحادات، يبدو أن لمقاطعتهم تأثيرها في الوعي العالمي بقضية فلسطين وحقيقة جرائم الكيان الصهيوني وطبيعته، والأهم من ذلك دورها كأداة صيانة لمفهوم العروبة من خلال الانحياز المشترك من الرياضيين العرب لهويتهم الجامعة، وقضيتهم الرئيسيّة.
أبطال الجودو الجزائري فتحي نورين و السودان ي محمد عبد الرسول؛ فتحوا الطريق بانسحابهم لممثل كيان الاحتلال والعدوان والقتل وجرائم الحرب، ليصل للدور التالي في المنافسات، لكن هذا بالذات المقصد من المقاطعة، لن ننافسك، لا شيء يجمعنا بك إلا الحرب لإنهاء عدوانك؛ نحن لا نلعب مع الصهاينة؛ نحن نحاربهم.