شارك وفد من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على مدار 3 أيام في الفترة ما بين 3 إلى 5 أيلول الحالي في مهرجان آفنتي السنوي الذي يقيمه الحزب الشيوعي البرتغالي، في أكبر تظاهرة يسارية يشارك فيها مئات الأحزاب اليسارية من مختلف أنحاء العالم.
وتأتي أهمية هذه التظاهرة هذا العام، لأنها تتزامن مع ذكرى مرور 100 عام على تأسيس الحزب الشيوعي البرتغالي.
ومَثّل وفد الجبهة في المهرجان الرفاق ( فايز البدوي، ثائر أبو علي، علي)، والذين لعبوا دوراً هاماً وباعتراف المشاركين في المهرجان في تسليط الضوء على القضية الفلسطينية، ونضال شعبنا العادل ضد الغزوة الصهيونية.
وازدان الجناح الخاص بالجبهة بأعلام فلسطين ورايات الجبهة، وصورة كبيرة للقائد أحمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية وللقائدة المناضلة خالدة جرار وللرفيق جورج عبدالله المعتقل في السجون الفرنسية، وصورة رمزية تُعبّر عن نضالات المرأة الفلسطينية، وصورة لحنظلة التي تعُبّر عن تشبث شعبنا بحق العودة، ولافتات وشعارات فلسطينية مختلفة بلغاتٍ متعددةٍ، وبعض القمصان التي ترمز للمقاومة يتوسطها شعار الجبهة، علماً أن الجناح الخاص بالجبهة هو الجناح الفلسطيني الوحيد الذي شهد حضوراً واقبالاً واسعاً من مختلف قيادات وكوادر الأحزاب اليسارية وعشرات المشاركين، وخاصة قيادة الحزب الشيوعي البرتغالي المنظم الرئيسي للمهرجان.
ونَظم الرفيق البدوي في داخل أو خارج الجناح لقاءات سياسية وإعلامية، طرح خلالها مختلف القضايا السياسية والفكرية وخصوصاً الأوضاع الفلسطينية الراهنة، وإنجازات المقاومة في معركة سيف القدس ، وما يتعرض له أسرانا الأبطال في سجون الاحتلال من هجمة صهيونية متواصلة.
وعلى هامش المهرجان التقى الوفد الأمين العام للحزب الشيوعي البرتغالي وعضو المكتب السياسي للحزب الرفيق انجلو، والعديد من قادة الأحزاب اليسارية من مختلف بلدان العالم.
وأكد الحزب الشيوعي في اللقاء وقوفه الكامل مع نضالات الشعب الفلسطيني، وأهمية دعم حقوقه الكاملة، مطالباً بتشكيل جبهة أممية لمناهضة الامبريالية.
وأشاد الحزب الشيوعي بالجبهة الشعبية، وبالعلاقات المتميزة التاريخية التي تربطه معها.
بدوره، شكر الرفيق البدوي الحزب على الدعوة في هذا المهرجان الهام، مشيداً بالمواقف المبدئية للحزب في دعم نضالات الشعوب، وفي مواجهة الامبريالية والصهيونية وأذنابهم. هذه المواقف التي من أجلها تعرض الحزب العام الماضي لهجمة واسعة من قبل الإعلام اليميني البرتغالي.
وتحدث الرفيق البدوي في الندوات عن الوضع في فلسطين والشرق الأوسط وخصوصاً العدوان الأخير على القطاع، مؤكداً في مداخلته على أن المقاومة بكافة أشكالها هي التي تحقق النصر وليس المفاوضات العبثية والخيانية.
وتوجه الرفيق البدوي بالتحية باسم الشعب الفلسطيني والجبهة الشعبية إلى الشعب البرتغالي العظيم، شاكراً لهم تضامنهم المستمر مع شعبنا وحقوقه العادلة.
وأكد على أهمية ودور حركة التضامن العالمية في دعم صمود الشعب الفلسطيني، متطرقاً إلى حالة التضامن الدولية الواسعة مع القضية الفلسطينية التي جاءت أثناء العدوان الصهيوني الأخير على قطاع غزة، حيث شهدت مختلف مدن العالم تظاهرات واعتصامات غير مسبوقة، وخصوصاً مدن أوروبا وأمريكا.
وأشاد البدوي خلال هذه الندوات باليهود المناهضين للصهيونية وغير المعترفين بالكيان الصهيوني المصطنع، والمؤيدين للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، منتقداً المواقف العدائية المنحازة للكيان من قبل بعض الدول الأوروبية، والتي تُشكّل تشريعاً للاحتلال لمواصلة عدوانه ضد شعبنا.
وتطرق للأوضاع الراهنة في غزة واستمرار العدوان والحصار المفروض عليها، وما يحدث في حي الشيخ جراح والقدس وما يتعرض له الأسرى من هجمة عدوانية صهيونية كبيرة، مستعرضاً دلالات وعبر معركة سيف القدس وانجازات المقاومة فيها، وتوحد فيها شعبنا في الداخل المحتل بالجليل وعكا وحيفا واللد وام الفحم والنقب ملتحماً مع شعبنا في غزة والقدس والضفة والشتات، مؤكداً أن هذه هي الوحدة الحقيقية الميدانية المؤيدة للمقاومة والتي تمثل شعبنا وليس ما يُسمى السلطة الفلسطينية المصطنعة التي جاءت كنتيجة لاتفاقات أوسلو الكارثية.
وأوضح البدوي بأن هناك خطان متوازيان لا يلتقيان، وهو وجود وحدة وطنية بين معسكر المقاومة مع المعسكر اليميني صاحب مشروع أوسلو، لافتاً أن الجبهة تتبنى برنامج سياسي واضح ومقاوم قائم على التمسك بالثوابت وبتحرير فلسطين من نهرها إلى بحرها.
كما تطرق لممارسات السلطة من قمع حريات وتنكيل في الضفة واستمرار لنهج التنسيق الأمني، مستعرضاً تفاصيل جريمة اغتيال الناشط المعارض نزار بنات.
وأوضح البدوي بوجود فصائل عسكرية متنوعة مقاومة تتوحد جميعها تحت لواء غرفة العمليات المشتركة، وتعتبر كتائب الشهيد أبو علي مصطفى ضمن هذا اللقاء، والتي شارك مقاتلوها في المعركة الأخيرة ببسالة وشجاعة وقدموا شهداء وتضحيات.
ودعا البدوي الأحزاب التقدمية المشاركة في هذا المهرجان الأممي كبيرة، للضغط على الحكومات الأوروبية من أجل الوقوف إلى جانب عدالة القضية الفلسطينية، وإلى موقف موحد ضد العدوان المستمر على الشعب الفلسطيني ليس في غزة فقط بل في الضفة والقدس والداخل المحتل.
واعتبر أن عنوان عدم شرعية هذا الكيان الصهيوني على أرض فلسطين، ومشكلة اللاجئين ومعاناتهم، وموضوعات كسر الحصار المفروض على قطاع غزة، وإغاثة الشعب الفلسطيني وإعادة اعمار ما دمره الاحتلال في العدوان الاخير يجب أن يظل عنوان رئيسي ضمن جهود قوى اليسار في العالم، إلى جانب النضال السياسي والقانوني في المحافل الدولية.
ودعا القوى التقدمية في أوروبا تحديداً بالضغط على دول الاتحاد الأوروبي لتبني سياسات أكثر عدالة لإنصاف الشعب الفلسطيني والوقوف إلى عدالة قضيتنا، بعيداً عن سياسة الكيل بمكيالين أو الانحياز للاحتلال وخاصة من قبل بعض الدول الأوروبية الكبرى مثل المانيا وفرنسا.
وأعرب البدوي عن اهتمام الجبهة الشعبية بتطوير وتعزيز العلاقات بين مختلف الأحزاب التقدمية، مؤكداً الحاجة إلى نقاش معمق يرتقي إلى الهدف الأسمى لهذه الأحزاب وهو تعزيز وحدة كل التقدميين اليساريين في مختلف أنحاء العالم.
كما شارك البدوي في مداخلة ضمت ممثل عن سلطة أوسلو ومندوبي بعض الأحزاب اليسارية المشاركة في التظاهرة، انتقد خلالها البدوي بشدة استمرار نهج الهيمنة والتفرد من قبل القيادة الفلسطينية المتنفذة، وأن المنظمة ما زالت مختطفة من قبل هذه القيادة، ومؤكداً أن الجبهة الشعبية ما زالت تناضل من أجل إعادة الاعتبار للمنظمة كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، وأن مواقفها في مواجهة نهج أوسلو المدمر وقيادتها الفاسدة مبدئية ومتواصلة حتى تحقيق الهدف المنشود.
وفي معرض تعقيبه على مداخلة ممثل السلطة، أكد البدوي أنه لا يوجد في فلسطين مستعمرات شرعية وغير شرعية كما تحدث ممثل السلطة، بل هناك مستعمرة واحدة غير شرعية وهي الكيان الصهيوني الاستعماري المصطنع، وفلسطين ليست كما تَدعّي السلطة دولة في غزة والضفة، بل دولة فلسطين من المية للمية حدودها من نهر الأردن للبحر المتوسط لا تنتقص سنتيتمر واحد.
وتخلل الندوة نقاشات عميقة، ولوحظ تأييد كبير من المشاركين لما جاء في مداخلة الرفيق البدوي وموقف الجبهة المبدئي والواضح من الصراع العربي الصهيوني، ورفض لما جاء في مداخلة مندوب السلطة.
وكشف الرفيق البدوي بأنه سلم قيادة الحزب الشيوعي البرتغالي رسالة خاصة من الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القائد أحمد سعدات، وبدورها أعربت قيادة الحزب البرتغالي عن سعادتها الغامرة بهذه الرسالة من قائد أممي كبير ومناضل من أجل الحرية كالقائد سعدات.