اقترحت الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع أرضيةً لمناهضة التطبيع التربوي في المغرب.
وأكَّدت الجبهة في بيانٍ لها وصل "بوابة الهدف"، أنّ "التطبيع التربوي يعتبر أخطر أشكال التطبيع لأن الهدف منه على المدى المتوسط هو استيطان وجدان الناشئة، وبالتالي ترسيخ باقي أشكال التطبيع الأخرى وجعلها أمرًا طبيعيًا ومقبولاً ومرحبًا به، وهذا السم الخطير يمر عبر قناة رسمية هي وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، ويأخذ طابعًا تدريجيًا ينطلق من الجزئي إلى الكلي".
ورأت الجبهة أنّ "هذا التطبيع يستهدف الفئات العمرية التي تكون في أمس الحاجة إلى اكتشاف كل شيء لاسيما من خلال الأنشطة التربوية التي تغري المتعلمين وتستميلهم لتشرب مختلف القيم التي يراد ترسيخها فيهم".
وحول الفئات المستهدفة من هذه الأرضية، قالت الجبهة، إنّه "وبشكلٍ مبدئي كل أطراف العملية التعليمية/ التعلمية لها دورها في مناهضة التطبيع التربوي من التلاميذ والطلبة في الابتدائي والثانوي والعالي وفي التكوين المهني مرورًا بالأساتذة إلى الأطر الإدارية وهيئة التأطير والمراقبة التربوية وغيرها في التعليم العمومي والخصوصي في الأسلاك المذكورة على حدٍ سواء، ويمكن التوجه إليها عبر نقاباتها القطاعية والفئوية والجمعيات المهنية والتربوية والثقافية والفنية والرياضية ببرامج ومبادرات خاصة بمختلف الوسائل المتاحة من ندوات ومعارض كتب وأمسيات وأفلام ومسابقات متنوعة في المؤسسات التعليمية نفسها وفي دور الشباب وفي المخيمات الحضرية والصيفية وصولاً إلى الترافع القانوني ومراسلة الفرق والمجموعات البرلمانية، كل ذلك حسب الإمكانيات وموازين القوى".
وتابعت الجبهة في بيانها: "نظرًا لحجمها وموقعها المتمثل في التواصل المباشر مع الطلبة والتلاميذ وكونها أكثر حرية في التعاطي مع الموضوع، فإن هيئة التدريس تبقى عنصر المقاومة الأقدر على وقف زحف التطبيع التربوي وعلى الجبهة توجيه رسائل تنويرية لجميع الفئات وعلى رأسها هيئة التدريس من أجل انخراطها في مناهضة مختلف مشاريع التطبيع مع العدو الصهيوني".
وحول مرجعية التطبيع التربوي، أوضحت الجبهة أنّ المرجعية هي "قانون الإطار وخاصة المادة الثانية حول ما يسمي بالسلوك المدني حيث عرف بكونه "التشبث بالثوابت الدستورية للبلاد، في احترام تام لرموزها وقيمها الحضارية المنفتحة، والتمسك بالهوية بشتى روافدها، والاعتزاز بالانتماء للأمة، وإدراك الواجبات والحقوق، والتحلي بفضيلة الاجتهاد المثمر وروح المبادرة، والوعي بالالتزامات الوطنية، وبالمسؤوليات تجاه الذات والأسرة والمجتمع، والتشبع بقيم التسامح والتضامن والتعايش"، والمادة الخامسة بخصوص إدماج البعد الثقافي في البرامج والمناهج والتكوينات والوسائط التعليمية، بما يكفل تعريف الأجيال القادمة بالموروث الثقافي الوطني بمختلف روافده وتثمينه، والانفتاح على الثقافات الأخرى، وتنمية الثقافة الوطنية، واتفاقية الشراكة المبرمة بين وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي (الوزارة) ومركز الدراسات والأبحاث حول القانون العبري وجمعية الصويرة موكادور".
وشدّدت على أنّ "هذا هو الأساس المرجعي الذي عليه تبني الوزارة دعوتها المؤسسات التعليمية لتأسيس أندية التسامح والتعايش في التنوع ودعم أنشطتها مثل تنظيم مسابقات في مجال الفن التشكيلي وزيارات جماعية للتلاميذ إلى المعابد اليهودية وزيارة بيت الذاكرة، وأنشطة ثقافية وورشات تفاعلية وندوات ومعارض وعقد شراكات مع مؤسسة التراث الثقافي اليهودي المغربي لدعم هذا التوجه، كما قررت الوزارة إدراج الرافد اليهودي في المناهج وستمتد هذه المراجعة في الزمن تدريجيًا من الابتدائي إلى التعليم العالي، وستكون البداية من خلال مادة التربية المدنية في القسم النهائي من التعليم الابتدائي في الموسم الدراسي 2021/2022 حيث وقع الاختيار في هذا الصدد على عهد الملك العلوي محمد بن عبد الله (محمد الثالث: 1757- 1790)، مع العلم أن هذا الملك إذا كان قد أسس مدينة الصويرة ذات الأغلبية اليهودية فذلك لكي يلعب وجهاء وأعيان هذه الأغلبية دورًا مهمًا في تحسين العلاقات مع أوروبا إلى درجة جعل منهم طائفة تسمى "تجار الملك"، ومن جهة أخرى فقد تأثر بالوهابية حتى عرف عنه قوله "أنا مالكي المذهب، وهابي العقيدة" وهو ما يفسر إذنه بتهديم بعض الزوايا وبإتلاف الكتب المتساهلة في الدين كتلك المحللة لمذهب الأشعرية، فكيف يكون رمزًا للتسامح والتعايش؟ وكيف تحاصر الدولة الأندية الحقوقية للجمعية ضدًا على اتفاقية الشراكة معها وهل هذه أقل تسامحًا من الأندية حول التسامح والتعايش المدعومة رسميًا في إطار المسلسل الخياني للتطبيع؟".
ورأت الجبهة أنّ "هذا ما يفضح المرامي الحقيقية وراء تسييس وأدلجة قيم نبيلة كالتعايش والتسامح بجعلها تخدم أجندة التطبيع مع الكيان الصهيوني كما هو مغرض الخلط عمدًا بين المكوّن العبري والمكون اليهودي للهوية المغربية، وكذلك اعتبار اليهود المغاربة الذين تمت المتاجرة في ترحيلهم إلى الكيان الصهيوني جالية مغربية في هذا الكيان الغاصب والعنصري".
أمّا حول برنامج التصدي للتطبيع التربوي، فبيّنت الجبهة "قتصر هنا على محاور عامة مع ترك الباب مفتوحًا للإغناء انطلاقًا من الممارسة العملية: أولاً تشكيل كلما أمكن ذلك مجموعات ضد التطبيع تابعة لفروع الجبهة على مستوى المديريات الإقليمية للوزارة والمدن الجامعية في المناطق التي تفرض ذلك خاصة المدن الكبرى، وتتكون هذه المجموعات التي ستشكل ذراعًا قويًا للجبهة، من ممثل/ة عن كل مكون من مكوناتها وعن الإطارات المحلية المناهضة للتطبيع. يجب أن تتوفر كل مجموعة على برنامج للقيام بعمل في العمق وعدم الاقتصار على المبادرات المضادة التي تبقى طبعا ضرورية ولكن غير كافية، وثانيًا حث النقابات التعليمية والتوجهات النقابية الديمقراطية العاملة بها على القيام بواجبها في مناهضة التطبيع بكافة أشكاله وضمنه التطبيع التربوي، وثالثًا القيام بأنشطة ثقافية لفائدة الأطفال والتلاميذ والطلبة من طرف الجمعيات الثقافية المرتبطة بمكونات الجبهة محليًا، ورابعًا توجيه رسائل للأساتذة والطلبة والتلاميذ بمناسبة الدخول المدرسي وكذا بمناسبة اليوم العالمي للمدرس (5 أكتوبر من كل سنة) وتنظيم مهرجانات بهذه المناسبات وكلما دعت الضرورة إلى ذلك واستثمار مجالس التدبير بالمؤسسات التعليمية لإثارة موضوع التطبيع والدفاع عن برمجة أنشطة حول القضية الفلسطينية".
وتابعت الجبهة: "خامسًا إشراك جمعيات أولياء التلاميذ في هذا العمل والقيام بحملات إعلامية كلما أمكن ذلك، وسادسًا إشراك جمعيات خريجي المعاهد والمدارس العليا وممثلي الطلبة بها وفصائل الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وسابعًا انجاز دليل مبسط يستهدف الأساتذة والمتعلمين بوجه خاص للتعريف بالقضية الفلسطينية والحركة الصهيونية ومفاهيم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها الكيان الصهيوني ومعنى التطبيع والمكون العبري في الدستور المغربي وغيرها من القضايا الضرورية لتسليح الفئات المعنية نظريا".