Menu

خطاب غير مسبوق للسيد حسن نصر الله في رسائله ومضامينه

عليان عليان

بوابة الهدف الإخبارية

فاجأ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله  أعداء  المقاومة في الداخل والخارج ومجمل أعداء محور المقاومة ، بخطابه التاريخي  في الثامن عشر من شهر  تشرين أول ( أكتوبر) الجاري ،  الذي كشف فيه عن حقائق القوة  والاقتدار  للحزب ، ودوره في إدارة الصراع مع الخصوم المحليين ومع الأعداء الخارجيين ، على اختلاف موقعهم في الجغرافيا السياسية في المنطقة والعالم ، ناهيك أن  السيد كشف عن حقائق دوره في حماية  النسيج الاجتماعي اللبناني بعيداً عن  التعصب الطائفي ، وفي حماية مسيحيي الشرق وخاصةً في لبنان أو سورية ، دون أن يمن عليهم معتبراً ذلك من صميم واجبات الحزب ارتباطاً بعقيدته وبرنامجه السياسي.

الخطاب الذي جاء ليكشف ملابسات كمين الطيونة الذي نصبته ميليشيات القوات اللبنانية  بزعامة سمير جعجع ، تضمن رسائل لكل من يهمه الأمر:

رسالة للولايات المتحدة وللرياض وللأداة "جعجع"

الرسالة الأولى: موجهة لكل من يهمه الأمر ( ميليشيات جعجع وحلفاؤها + الولايات المتحدة + الكيان الصهيوني + السعودية ) ممثلةً بالإعلان لأول مرة منذ تأسيس مقاومة حزب الله في مطلع ثمانينات  القرن الماضي ، عن عدد مقاتلي حزب الله المتفرغين للقتال  ألا وهو (100) ألف مقاتل ، عدا عن القوات الرديفة وقوات الاحتياط والكشافة وتنظيمات الطلبة الخ ، ما شكل صدمة هائلة  لكل خصوم وأعداء الحزب وخاصةً الكيان الصهيوني.

مضمون الرسالة الأولى في شقها الأول، موجه لحزب القوات اللبنانية ورئيسها ومفادها: "أن لا يخطئ رئيسها الحساب، لأنه  لا حول ولا قوة لميليشياته  في مواجهة  مقاتلي المقاومة ، بحكم الفارق في ميزان القوى ، وبحكم العقيدة القتالية لرجال المقاومة ، وأنه إذا تدهورت الأمور نتيجة سلوك هذه الميليشيات الإجرامية ، فإن جعجع لن يجد أحداً يسند ظهره إليه ، ( فإسرائيل) كانت ولا تزال واقفة على رجل ونصف ، وأمريكا تغادر المنطقة  والسعودية متورطة حتى أذنيها في حربها مع اليمن ، ورجال المقاومة إذا ما صدرت التعليمات لهم فإنهم قادرون على إزالة الجبال، ثم نصح سيد المقاومة رئيس حزب القوات بأن لا يخطئ الحساب،  وأن يتعظ من هزائمه المتكررة ومن انتصارات المقاومة المستمرة  قائلاً له ولميليشياته بلهجة تحذيرية صارمة "اقعدوا عاقلين وتأدبوا وخذوا العبر من حروبكم وحروبنا".

ومضمون الرسالة الأولى في شقها الثاني الموجه للإدارة الأمريكية: " إذا كنتم تريدون إثبات حضوركم وحضور مخططاتكم  ، من خلال أدواتكم العميلة  ، بعد  انسحابكم الذليل من أفغانستان  ، وبعد أن قد قررتم الخروج من المنطقة  باتجاه شرق آسيا لمواجهة الصين  عليكم أن تعلموا أن الفتنة التي ستشعلونها في البلاد لن تمر ،  وأن الأصيل عندما يهزم فلا يمكن للوكيل – مطلق وكيل- أن يحل محله".

ومضمون الرسالة الأولى في شقها الثالث  موجه للكيان الصهيوني ، ومفادها: " أن الحزب لا يمتلك  ترسانة صاروخية  كبيرة جداً فحسب ، بل يمتلك (100) ألف مقاتل  عقائدي مدرب على كافة أنواع  الأسلحة، وليس 45 ألف مقاتل ، كما كانت تتوقع دوائره الاستخبارية  ، وأنه في كامل جهوزيته لضرب الكيان الصهيوني في مقتل ، وأن رهانه على الاستثمار في الحرب الأهلية سيفشل فشلاَ ذريعا،  وأن الأمور إذا ما وصلت إلى حافة الهاوية في لبنان أو  إلى الهاوية نفسها ، فإنها لن تضعف حزب الله بل تزيده إصراراً على  حماية لبنان وضرب عمق الكيان الصهيوني. فهو بالإضافة إلى امتلاكه أكبر ترسانة صاروخية ، وهذا العدد الكبير جداً من المقاتلين المؤهلين خارج منظومة الجيوش النظامية، فإنه عضو مركزي في محور المقاومة ، ناهيك  أن محوره الداخلي لا يعتمد على الكتلة الشيعية وتحالفه مع حركة أمل  فقط ، بل يتسع  ليشمل التيار الأكبر في الشارع المسيحي "التيار الوطني الحر" وتيار المردة في الشمال ، وحلفاء كثر في الأحزاب الدرزية ذات الطابع الوطني والقومي وحلفاء كثر في الشارع السني ، ناهيك عن تحالفه مع الأحزاب العلمانية الوطنية والتقدمية ( الحزب الشيوعي ، الحزب القومي السوري الاجتماعي ، والناصريون على اختلاف مسمياتهم التنظيمية) وهذه العوامل بمجملها كفيلة بقبر مشروع الحرب الأهلية.

رسالة للمكون المسيحي في لبنان

الرسالة الثانية: موجهة للمكون المسيحي في لبنان ، والتي أكد فيها بالأدلة المحسوسة  ما يلي:

1- أن حزب القوات اللبنانية ، هو أكبر تهديد للوجود المسيحي ولأمن المجتمع المسيحي  بحكم أن برنامجه هو برنامج  الحرب الأهلية في لبنان ، الذي يستهدف تقسيم لبنان إلى كانتونات طائفية ، وإقامة كانتون مسيحي خدمة لمصالحه وبزعامته بعيداً عن مصلحة الوطن والشعب .

2- أن هذا الحزب فاشي بحكم تحالفه مع جبهة النصرة وتنظيم داعش الإرهابيين التكفيريين  اللذين لو انتصرا لارتكبا الفظائع بحق الشعب اللبناني سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين أو علمانيين ولشكلا  أكبر تهديد استراتيجي  للبنان وسورية وفقاً للمخطط الأمريكي.

 3-أن حزب الله هو الأكثر حرصاً على المسيحيين  في لبنان والمنطقة، ضارباً أمثلة عديدة على هذا الحرص منوهاً بالقرار المشترك للحزب ولحركة أمل بعدم دخول  المناطق المسيحية  في الجنوب بعد التحرير في مايو ( أيار) 2000م ، ومذكراً بقيام الحزب بتسليم العملاء للجيش  والدولة اللبنانية  لمحاكمتهم والقصاص منهم ، وأنه لم يحاكم حتى الذين قتلوا الكثيرين من أنصار المقاومة  ،  مشيراً إلى أن كل  منطقة دخل إليها حزب القوات كانت تحصل معركة وحرب"،  ومذكراً بدور المقاومة في حماية الأهل من المسيحيين في البقاع وبعلبك والقاع وغيرها من البلدات في شرق لبنان، في الوقت الذي كان فيه جعجع وحلفاؤه يمدون عصابات داعش وجبهة النصرة بالسلاح والأغطية والدواء ويطلقون على الإرهابيين التكفيريين صفة " الثوار"، ومنوهاً  بالدور المركزي للمقاومة في حماية الوجود المسيحي في سورية  بلودان والقصير ومعلولة وغيرها من البلدات  بشهادة القساوسة والرهبان والراهبات.

رسالة موجهة للشعب اللبناني

الرسالة الثالثة: موجهة للشعب والجيش اللبناني مفادها أن فائض القوة التي يمتلكها إن على صعيد هذا الكم النوعي من المقاتلين المؤهلين عسكريا وعقائدياً ، وعلى صعيد ما يمتلكه من ترسانة صاروخية ، وظيفته تحرير الأراضي اللبنانية المحتلة ،وحماية لبنان وثرواته المائية والنفطية والغازية، والحيلولة دون حدوث حرب أهلية ، مؤكداً في المضمون على معادلة الجيش والشعب والمقاومة ، رغم الأخطاء والخطايا التي سبق وأن ارتكبها الجيش بحق المقاومة وجمهورها  ، وعلى أن مؤسسة الجيش اللبناني ورغم ما حصل مع حوادث سابقة يجب  الحرص أشد الحرص عليها ،  كونها الضمانة الوحيدة لبقاء لبنان ووحدته لأنه  إذا فرط الجيش ينهار البلد.

لماذا أعلن نصر الله عن عدد مقاتلي المقاومة؟

وأخيراً يبقى السؤال ما الذي دفع السيد حسن نصر الله للإعلان لأول مرة عن عدد قواته المقاتلة؟

والإجابة على هذا السؤال وفق تقدير العديد من المراقبين والمحللين ، أنه استشعر بالمعلومات الاستخبارية الدقيقة ، أن الإدارة الأمريكية كانت بصدد  افتعال حادث ما لتفجير حرب أهلية ، على غرار حادثة " بوسطة عين الرمانة عام 1975،  بالاعتماد على أدوات محلية  ، بعد أن فشلت كل محاولات الحصار والتجويع وتدمير الليرة اللبنانية وخلق أزمات  الوقود والكهرباء ، في تحريض وتثوير الشعب اللبناني  على حزب الله لتجريده من السلاح  فكان لا بد أن يذكر الإدارة الأمريكية ،وعملاءها المحللين وأدواتها الإقليمية بحقائق القوة التي يمتلكها حزب الله، التي ستصيب كل المتآمرين في مقتل ، وهو بذكره عدد مقاتلي المقاومة لأول مرة ، لا يرد على جعجع على وجه التحديد ، بل يوجه رسالة لمشغليه في واشنطن والرياض ، ولكل من تسول نفسه من الأدوات المحلية والإقليمية  اللعب بالنار التي ستلتهمه وتلتهم مشروعه الفتنوي.