قبل بضعة أيام، وبتاريخ 14/2/2022، مرت الذكرى الحادية عشرة لانتفاضة الشعب البحرين ي العظيم، هذه الانتفاضة التي قدمت نموذجا مغايرا لكل ما جرى في ثورات ما يسمى بالربيع العربي، وشكلت ثورة حقيقية، انتفاضة عبرت عن المطالب الشعبية، وتميزت بسلميتها، ولم تطلق رصاصة واحدة. لقد جاءت هذه الانتفاضة امتدادا لنضالات شعب البحرين الشقيق، مكملة لها، وليست معزولة عنها. ومن المعروف أن البحرين شهدت العديد من الانتفاضات عبر تاريخها ولم تكن هذه الأولي، حيث شهدت خمسينيات القرن الماضي انتفاضة شعبية واسعة، تزعمها رجال الدين من السنة والشيعة، الى جانب القادة الوطنيين من أبناء الشعب البحريني البطل، وقامت السلطات القائمة في حينه بمساعدة خارجية بقمعها وابعاد وترحيل قادتها الى الخارج.
البحرين ليست جديدة على ساحات النضال، وتاريخها يشهد على ذلك، وشكلّت البحرين على امتداد تاريخها مدرسة نضالية ونموذجا مقاوما تعلمنا منه الكثير، ولا زلنا نذكر كيف وقف شعب البحرين إلى جانب الشعب المصري أثناء العدوان الثلاثي، وكيف قاطعت نقابات العمال تفريغ وتحميل سفن الدول المعادية، وخرجت عن بكرة أبيها معلنة عن دعمها ل مصر ورفضها وإدانتها للعدوان. وما زلنا نذكر أيضاً كيف تطوع المناضلون من أبناء شعبنا البحريني وقاتلوا دفاعاً عن فلسطين منذ عام 1948 وقدموا الشهداء في صفوف الثورة الفلسطينية.
كانت البحرين أول دولة في الخليج تصل إليها رياح التغيير من خلال انتفاضتها الباسلة، وكانت الدولة الملكية الأولى في العالم العربي التي تشهد الانتفاضة، هذه الانتفاضة التي تم قمعها بكل قوة ووحشية من الأجهزة الأمنية البحرينية، ومن خلال قوات درع الجزيرة التي وصلت إلى البحرين بتاريخ 14/3/2011 وقامت بقمع المتظاهرين وقتلت أعداداً كبيرة منهم وتم اعتقال المئات وزجهم في السجون، وقامت هذه القوات أيضاً بإجبار المتظاهرين بمغادرة دوار اللؤلؤة وهدمته حتى لا يبقى رمزاً يشير إلى الثورة. وها هو شعب البحرين اليوم يقوم بأوسع حملة تضامنية مع الشعب الفلسطيني ويعلن إدانته الصريحة الواضحة لاتفاقيات التطبيع مع العدو، واعتبار فلسطين القضية المركزية الأولى للأمة العربية، حيث خرجت الجماهير بعشرات الآلاف في الشوارع والساحات منددة بزيارات قادة الكيان الصهيوني معتبرة ان التطبيع خيانة.
بعد هذا الاستعراض السريع لا بد من تناول أسباب وأهداف ونتائج هذه الانتفاضة وبشكل موجز:
أولاً: أسباب الانتفاضة
1. عدم المساواة والتمييز بين المواطنين.
2. الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان في مختلف المجالات.
3. تفشي الفساد في مؤسسات الدولة.
4. غياب الديمقراطية، والاستفراد في السلطة، والحكم العائلي.
5. التبعية الكاملة للسعودية، وعدم استقلالية القرار.
6. عدم إطلاق سراح المعتقلين السياسيين ورجال الدين.
ثانياً: أهدافها
1. صياغة دستور جديد للبلاد يكون حامياً للوطن والمواطن.
2. إنهاء انتهاكات حقوق الإنسان.
3. إجراء انتخابات حرة ونزيهة والالتزام بنتائجها.
4. تحويل النظام القائم إلى مملكة دستورية وعدم تركيز الصلاحيات بيد الملك.
ثالثاً: النتيجة
للأسف الشديد أن هذه الانتفاضة تم قمعها عندما دخلت قوات درع الجزيرة واستخدمت القمع المفرط ضد المنتفضين، وهدمت ميدان اللؤلؤة الذي يشكل رمز الانتفاضة، كما أشرت سابقاً ولم تحقق أهدافها بعد التآمر العربي والدولي الذي حصل عليها وقام بإجهاضها قاطعاً الطريق عليها خوفاً من أن تنتقل لدول الخليج الأخرى، مع كل ما يحمله ذلك من مخاطر على هذه الأنظمة، ورغم كل ذلك ما زال شعب البحرين وقواه الوطنية يتابعون نضالاتهم رافعين الراية، ولم يتراجعوا عن تحقيق مطالبهم السياسية والاجتماعية، هذه المطالب التي سيتم تحقيقها عاجلاً أم آجلاً، ومن موقع التفاؤل، تفاؤل المؤمنين بوطنهم وحقوقهم، نؤكد أن الوقت الذي يتم فيه تحقيق هذه المطالب لن يكون بعيداً.
انتفاضة البحرين انتفاضة شعبية سلمية عظيمة خذلها العالم ومن يدّعون حماية حقوق الإنسان والديمقراطية، لكنها لا بد أن تنتصر.. ونقول لإخواننا وأحبتنا في البحرين، وأن قضيتنا واحدة ومصيرنا واحد.. معركة تحرير فلسطين هي معركتكم، والمعركة من أجل الحرية والديمقراطية في البحرين هي معركتنا، وسنبقي معاً وسوياً حتى تحقيق أهدافنا جميعاً.