باعتراف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مساء يوم الاثنين في 21 شباط/فبراير الجاري، باستقلال جمهوريتَي دونتسك ولوغانسك المعلنتين من جانب واحد في منطقة دونباس الواقعة شرقي أوكرانيا بمحاذاة حدود روسيا، تكون الأزمة الأوكرانية قد دخلت مرحلة جديدة من التصعيد الذي لا يعرف أحد في أي اتجاه سيتطور، وخصوصاً بعد أن أصدر الرئيس الروسي تعليمات إلى قيادة جيشه كي ترسل وحدات عسكرية إلى الجمهوريتين في مهمة "الحفاظ على السلام".
يتفق المحللون على أن الأزمة الأوكرانية تمثّل الأزمة الأخطر على الساحة الدولية منذ انتهاء الحرب الباردة في مطلع تسعينيات القرن العشرين، وتنطوي على تهديد، في حال اندلاع حرب واسعة بين روسيا وأوكرانيا، بنشوب صراع واسع النطاق في القارة الأوروبية، كما قد تسفر عن زعزعة أسس النظام العالمي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة الأميركية، وعن تمهيد الطريق أمام قيام نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب، يكون لروسيا، ولحليفتها الصين، دور فاعل فيه.
جوهر الأزمة الأوكرانية وجذورها
يكمن في جوهر الأزمة الأوكرانية النظرة إلى دور روسيا على الساحة الدولية. فبينما يريد الغرب الاستمرار في التعامل مع روسيا بصفتها "قوة إقليمية كبرى" كما وصفها في يوم من الأيام الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، تسعى روسيا، في عهد فلاديمير بوتين، إلى تجاوز حالة الضعف التي طبعت علاقاتها الدولية في عهد الرئيس السابق بوريس يلتسين لدى انهيار الاتحاد السوفياتي، وإلى استعادة مكانتها على الساحة الدولية كقوة عظمى تضطلع بدور مقرر في الشؤون الدولية، وهو مسعى يبرره موقعها كجسر يصل بين القارتين الأوروبية والآسيوية، ومساحتها الشاسعة، ومواردها الطبيعية الكبيرة، وامتلاكها القوة النووية الثانية بعد الولايات المتحدة الأميركية. وتعود جذور الأزمة الأوكرانية، في الأصل، إلى قيام قيادة حلف شمالي الأطلسي (الناتو) بتوسيع مجال نشاطه ومده إلى البلدان الواقعة على حدود روسيا الاتحادية، وذلك خلافاً لوعود كانت قد قدمتها الدول الغربية الكبرى، لدى انهيار الاتحاد السوفياتي وتوحيد ألمانيا، إلى القيادة الروسية وقضت بعدم توسيع الحلف في شرق أوروبا ووسطها. وعليه، فقد ضمت قيادة الناتو إلى الحلف في سنة 1999 بولونيا، وتشيكيا، وهنغاريا، ثم في سنة 2004 استونيا، وليتوانيا ولاتفيا، وبلغاريا، ورومانيا، وسلوفاكيا، وسلوفينيا، ثم في سنة 2009 ألبانيا وكرواتيا، وضمت في سنة 2017 الجبل الأسود، ثم في سنة 2020 مقدونيا الشمالية. وإذ سلمت روسيا بهذا الواقع، فهي عارضت وجود حلف الناتو بصورة مباشرة على أبوابها، وعملت على الحؤول دون انضمام كل من جورجيا وأوكرانيا إليه، كما أرادت المشاركة في فرض رقابة على السلاح الذي يورده الغرب إلى دول شرق أوروبا ووسطها التي انضمت إلى حلف الناتو.
تفجر الأزمة الأوكرانية وتطورها
شهدت أوروبا في سنة 2008 تفجر أزمة شبيهة إلى حد ما بالأزمة الأوكرانية الحالية، وذلك عندما أبدت جمهورية جورجيا المحاذية لحدود روسيا الاتحادية رغبتها في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وإلى حلف الناتو، إذ اندلعت، في شهر آب/أغسطس من ذلك العام، اشتباكات بين القوات الجورجية والقوات الانفصالية الموالية لروسيا في إقليم أوسيتيا الجنوبية الذي يتمتع بحكم ذاتي، استتبعها توغل الدبابات الروسية في هذا الإقليم في خطوة قالت موسكو إنها تهدف إلى حماية مواطنيها الذين يحمل الكثيرون منهم جوازات سفر روسية. وفي غضون أيام، سيطرت القوات الروسية على أوسيتيا الجنوبية، وطردت القوات الجورجية من الإقليم، وشنت حتى هجمات على ضواحي تبليسي عاصمة جورجيا. وبعد وقف إطلاق النار الذي تفاوض عليه الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، اعترفت روسيا باستقلال أوسيتيا الجنوبية ومنطقة أبخازيا، بينما وقعت جورجيا، في سنة 2014، اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي، لكنها لم تقدم طلباً رسمياً للعضوية فيه، كما لم تنضم رسمياً حتى الآن إلى حلف الناتو.
أما الأزمة الأوكرانية الحالية، فقد تفجرت في 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2013، عندما أعلنت الحكومة الأوكرانية، القريبة من موسكو، أنها لن توقع اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، فاندلعت بعد ثلاثة أيام من ذلك التاريخ مظاهرات حاشدة في مدينة كييف مناصرة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، شهدت وقوع صدامات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الشرطة. وفي 22 شباط/فبراير 2014، وأمام ضغط الشارع، قام البرلمان الأوكراني بتنحية الرئيس فيكتور إيانوكوفيتش الذي فرّ من البلاد. وفي 28 من الشهر نفسه، سيطرت قوات روسية خاصة على جزيرة القرم، التي كان الزعيم السوفياتي نيكيتا خروتشوف قد ألحقها سنة 1954 بأوكرانيا، وجرى استفتاء في 16 آذار/مارس 2014 أظهرت نتائجه أن أغلبية واسعة من سكان القرم، وهم من الناطقين بالروسية، يؤيدون الانضمام إلى روسيا، الأمر الذي استتبع قيام حلف الأطلسي بإلغاء تعاونه المدني والعسكري مع روسيا، ثم قامت الدول الغربية بفرض عقوبات اقتصادية عليها. بينما قام مناصرو روسيا في منطقة دونباس بإعلان قيام جمهوريتَي دونتسك ولوغانسك من جانب واحد. وفي 25 أيار/مايو 2014، اختير بترو بوروشنكو رئيساً جديداً لأوكرانيا، وراحت تدور معارك بين الانفصاليين الموالين لروسيا والجيش الأوكراني.
في أيلول/سبتمبر 2014، تمّ التوصل في مدينة مينسك عاصمة بيلاروسيا إلى اتفاقية بين ممثلين عن حكومتي روسيا وأوكرانيا، وعن القوات الانفصالية في دونتسك ولوغانسك، وعن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا بهدف إنهاء الحرب وإيجاد حل سياسي للنزاع في شرق أوكرانيا. غير أن بنود تلك الاتفاقية بقيت حبراً على ورق. وفي 23 كانون الثاني/يناير 2015، صرّح رئيس جمهورية دونتسك المعلنة من جانب واحد بأنه غير معني باتفاقية مينسك، الأمر الذي استتبع التوقيع على اتفاقية مينسك 2 في 12 شباط/فبراير 2015 التي أوصت بقيام نظام لامركزي في دونتسك ولوغانسك، وهو ما رفضته، في الواقع، الحكومة المركزية في كييف. وهكذا، تمّ التمهيد لاندلاع حرب أهلية طويلة أسفرت عن وقوع نحو 14000 قتيل، واستئناف الحرب الباردة، وخصوصاً بعد أن أظهر الغرب أنه غير معني بمراعاة المصالح الاستراتيجية الروسية، وبعد أن أبدى الرئيس الأوكراني الجديد فولوديمير زيلينسكي، الذي انتخب في أيار/مايو 2019، عزمه على الاستمرار في تعزيز توجه بلاده نحو الغرب، وفعل كل ما يلزم من أجل القضاء على الانفصاليين في الشرق.
والواقع، أن الولايات المتحدة الأميركية تتحمّل مسؤولية كبرى عن اندلاع الأزمة الأوكرانية منذ سنة 2014، ثم عن تفاقمها حالياً، وخصوصاً بعد أن قرر الاستراتيجيون الأميركيون، المحيطون بالرئيس جو بايدن، إحياء العقيدة التي ترى في روسيا "العدو المثالي" الأقل خطورة وقوة من الصين والتي يمكن فرض الإملاءات عليها. وهكذا، وفي 10 تشرين الثاني/نوفمبر 2021، طلبت واشنطن توضيحات من روسيا بشأن تحركات "غير عادية" لقواتها على الحدود الأوكرانية. بينما اتهم الرئيس الروسي الغرب بتسليم أسلحة وإيفاد عسكريين إلى كييف، وبإجراء مناورات عسكرية "استفزازية" في البحر الأسود وقرب الحدود الروسية. وفي 10 كانون الثاني/يناير 2022، أجرى الروس والأميركيون محادثات متوترة في جنيف، ثم عُقد بعد أيام اجتماع بين ممثلين روس وممثلين عن حلف الناتو رفض ممثلو الحلف خلاله طلب موسكو بألا يضم الحلف أعضاء جدداً في الشرق إلى صفوفه، وألا تتمركز قوات أو معدات عسكرية في الدول التي انضمت إلى الناتو بعد سنة 1998 تخل بموازين القوى الاستراتيجي. وفي 18 من الشهر نفسه، بدأت موسكو بنشر وحدات من جيشها في بيلاروسيا، وخصصت واشنطن 200 مليون دولار إضافية كمساعدات أمنية لأوكرانيا. وبدا واضحاً منذ ذلك الحين أن حل الأزمة الأوكرانية لا يمكن أن يتم دون التوصل إلى اتفاق سياسي دائم يلبي مصالح روسيا.
تطور الأزمة بعد خطاب فلاديمير بوتين
بعد خطاب فلاديمير بوتين مساء يوم الاثنين في 21 الشهر الجاري، أدان معظم أعضاء مجلس الأمن، الذي عقد اجتماعاً طارئاً، اعتراف روسيا باستقلال الجمهوريتين الانفصاليتين في شرق أوكرانيا، وكان الرئيس جو بايدن قد أصدر مباشرة، بعد ذلك الخطاب، أمراً تنفيذياً تم إعداده بصورة مسبقة كما بدا، يحظر أي استثمار أو تبادل أو تمويل جديد من قبل الأشخاص الأميركيين للمناطق الموالية لروسيا في دونيتسك ولوغانسك. وفي اليوم التالي فرضت الولايات المتحدة عقوبات مالية واقتصادية على روسيا، ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بصفته رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، دول الاتحاد إلى فرض "عقوبات أوروبية هادفة" عليها، وقام المستشار الألماني أولاف شولتز بتعليق العمل في خط أنابيب الغاز الروسي "نورد ستريم 2"، بينما أعلن بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني أن بلاده ستفرض حزمة كبيرة من العقوبات على روسيا.
أما الصين، فقد ميّزت نفسها عن بقية أعضاء مجلس الأمن بعدم إدانتها روسيا واكتفائها بالتأكيد على ضرورة "حل النزاعات الدولية بالوسائل السلمية وفقاً لمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة"، ودعوة جميع أطراف الأزمة إلى "إظهار ضبط النفس". والواقع، أنه بينما تطمح الدول الغربية، عن تطبيق فرض العقوبات، إلى أن تكبّد الاقتصاد الروسي ثمناً باهظاً، ستحاول روسيا الالتفاف على هذه العقوبات بالاستناد إلى الأسعار المرتفعة للطاقة، التي ستواصل الارتفاع على خلفية الأزمة، والتي ستوفر لروسيا فوائض كبيرة من العملة الأجنبية، وكذلك بالاستناد إلى شراكتها الاستراتيجية مع الصين التي صارت تتخذ، إزاء العديد من القضايا الدولية، مواقف متطابقة مع المواقف الروسية أو متقاربة معها، والتي صارت تجري مناورات عسكرية مشتركة واسعة مع روسيا، ووقعت معها في الأشهر الأخيرة سلسلة من اتفاقيات التعاون في مجالات الفضاء والتسليح والطاقة، ولا سيما في مجال الغاز الذي يُفترض أن يعوض حصة السوق الأوروبية التي يمكن أن تخسرها روسيا نتيجة العقوبات.
انعكاسات الأزمة الأوكرانية على الشرق الأوسط
مثّل التدخل العسكري الروسي في سورية، الذي انطلق في 30 أيلول/ سبتمبر 2015، نهاية فترة طويلة كانت روسيا خلالها شبه منسحبة من الاهتمام بشؤون الشرق الأوسط، وهو فضاء كان لها فيه حضور بارز في زمن الاتحاد السوفياتي. وكان التدخل في سورية أول تدخل عسكري روسي خارج مناطق نفوذ روسيا الاتحادية التقليدية في أوروبا، وهو جعل روسيا محاوراً أساسياً لتسوية الأزمات في الشرق الأوسط. وبفضل وجود القوات الروسية في قاعدة طرطوس البحرية، ثم في المنشآت العسكرية الجديدة في اللاذقية، ثبّتت هذه القوات حضورها في "المياه الدافئة" للبحر الأبيض المتوسط. ومما لا شك فيه، فإن تدخل روسيا العسكري في سورية، ومواقفها الحازمة إزاء الغرب فيما يتعلق بالأزمة الأوكرانية، سيعززان مكانة روسيا، في نظر دول المنطقة، كحليف أو على الأقل كشريك يمكن الاعتماد عليه، وخصوصاً بعد النكسة الكبيرة التي لحقت بالولايات المتحدة الأميركية في أفغانستان، علماً أنه كان قد سبق التدخل في سورية، ثم رافقه، نشاط روسي دبلوماسي مكثف في المنطقة، إذ استقبل الرئيس فلاديمير بوتين، ما بين حزيران/ يونيو وتشرين الأول/أكتوبر 2015 فقط ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، كما استقبل العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وتتخوف إسرائيل، من ناحيتها، من أن يؤدي الشعور بأن النظام العالمي الذي تهمين عليه الولايات المتحدة الأميركية قد يتضعضع إلى تشجيع أعداء إسرائيل في المنطقة على توسيع عملياتهم التي تستهدفها، كما تتخوف من أن تقوي الأزمة الأوكرانية، وتصاعد التوتر بين المحور الروسي/الصيني والمحور الأميركي/الأوروبي، مواقع إيران في المفاوضات الجارية في فيينا حول برنامجها النووي، وتدفع المحور الغربي إلى تقديم مزيد من التنازلات إليها. وبحسب تقديرات طاقم من الباحثين في معهد السياسات والاستراتيجيا في مركز هرتسليا المتعدد المجالات، فإن زعزعة النظام العالمي وصعود روسيا والصين كقوتين عالميتين تتحديان الهيمنة الأميركية سينعكس على موازين القوى في الشرق الأوسط، وعلى قدرة إسرائيل على المناورة بين واشنطن وبيجين وموسكو، كما أن صعود النفوذ الروسي والصيني في الشرق الأوسط سيكون له تأثيرات مباشرة في السباق الإقليمي على التسلح وفي التفوق النوعي العسكري لإسرائيل. كما قد يكون له تداعيات سلبية على الاعتداءات الدورية التي تشنها إسرائيل في سورية ويقيّد حرية عملها فيما تسميه بـ "المعركة بين الحروب".
والواقع، أن الأزمة الأوكرانية الحالية وضعت إسرائيل في موقف حرج، إذ كان لها في العقد الأخير علاقات جيدة مع روسيا، من جهة، ومع أوكرانيا، من جهة ثانية، ولم يكن عليها في الماضي مواجهة خيار لا ترغب فيه واختيار الطرف الذي يجب أن تؤيده. أما الآن، وبعد التطورات التي طرأت على هذه الأزمة، فقد بات هامش مناورتها ضيقاً، وخصوصاً أن التوترات بين كييف وموسكو تسبب اضطرابات متعلقة بالهوية بين الإسرائيليين من أوكرانيا وأولئك من روسيا، إذ يوجد في إسرائيل ما يقرب من 1.1 مليون يهودي من جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق، يشكلون 16٪ من السكان اليهود في إسرائيل. وعلى الرغم من أن الإسرائيليين الآخرين يطلقون على هؤلاء اليهود اسم "الروس"، فإنهم يأتون في المقام الأول من أوكرانيا وروسيا وينقسمون بالتساوي بين الناطقين بالأوكرانية والروسية (400000 لكل مجموعة). وبينما دعت وزارة الخارجية الإسرائيلية الإسرائيليين الذين يعيشون في أوكرانيا (حوالي 10000 إلى 15000) للعودة على الفور، يقدّر بعض المسؤولين الحكوميين الإسرائيليين الكبار أن حوالي 200000 مواطن أوكراني مؤهلون للانتقال إلى إسرائيل بموجب قانون العودة. وفي هذا السياق، قالت وزيرة الهجرة والاستيعاب بنينا تامانو شطا إنها أصدرت تعليمات لوزارتها بالاستعداد لسيناريو تهجير عشرات الآلاف من المهاجرين في حالة هجوم روسي.
وكان وزير الخارجية الإسرائيلية يائير لبيد قد حدد، في 15 شباط/فبراير الجاري، موقف إسرائيل إزاء الأزمة الأوكرانية في حديث أجراه معه رئيس تحرير موقع "تايمز أوف إسرائيل"، فقال إن حماية اليهود في أوكرانيا هو "جزء من مسؤولية الحكومة الإسرائيلية"، كما "كان الحال بالنسبة لليهود الإثيوبيين أثناء الحرب الأهلية أو موجات الجوع هناك". وتابع، بكل صفاقة، أن قيام دولة بغزو دولة أخرى هو "تصرف يعود للقرن العشرين، وكنا نظن أننا تجاوزنا ذلك"، داعياً إلى إيجاد حل سلمي للأزمة الأوكرانية، ومؤكداً: "نحن في حاجة للاستماع إلى الجميع؛ نحن في حاجة إلى فهم ما يقوله الروس عن مخاوفهم من أن تصبح أوكرانيا دولة في الناتو. ربما نختلف، لكن هذا خوف صحيح وعلينا مناقشته معهم. ونحن في حاجة إلى الاستماع بعناية إلى أوكرانيا، عندما يقولون إننا دولة ذات سيادة ولا يمكنك حل الأمور بالقوة هذه الأيام". وأنهى لبيد حديثه بالقول إن على إسرائيل "أن تتذكر ما يلي: يجب أن تكون إسرائيل قادرة على حماية نفسها بنفسها...نعم، الولايات المتحدة هي أعظم حليف لنا وأنا أثق بهم تماماً، وهم هبة من السماء، لكن إسرائيل ستدافع عن نفسها بنفسها ويجب أن تتمتع دائماً بالقدرة على القيام بذلك".
وفي مقابلة أجرتها معه قناة التلفزة الإسرائيلية 12 مساء يوم الأحد في 20 شباط/فبراير الجاري، أي عشية خطاب الرئيس بوتين، أشار لبيد إلى أن إسرائيل ستقف إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية في حال نشوب حرب في أوكرانيا، لكنها تبقى حذرة إزاء الأزمة في هذا البلد، عازياً ذلك إلى سببين: "الأول، ما وصفه بأنه الحدود مع روسيا عبر الحدود مع سورية في إشارة إلى النفوذ الواسع لموسكو في سورية، والثاني، وجود جالية يهودية كبيرة في كل من روسيا وأوكرانيا". ورداً على سؤال عمّا إذا كانت إسرائيل ستشارك في العقوبات التي قد تفرضها الولايات المتحدة والدول الغربية على روسيا في حال إقدام هذه الأخيرة على غزو أوكرانيا، قال لبيد: "علينا أن ندرس ذلك".
أما على الصعيد الفلسطيني، فالتخوف هو أن تساهم الأزمة الأوكرانية، وتطوراتها، أكثر فأكثر في إبعاد الأنظار على الصعيد العالمي عن القضية الفلسطينية، وتسمح لإسرائيل في الاستمرار بتنفيذ مشاريعها الاحتلالية والاستيطانية، وهو تخوف يفرض على الفلسطينيين تحضير أنفسهم لمعارك شديدة قادمة لن يكون في وسعهم خوضها قبل ترتيب أوضاع بيتهم الداخلي.