Menu

في الذكرى الحادية عشرة للحرب الكونية ضد سوريا: سوريا تنتصر وعدوها ينهزم

طارق أبو بسام

 بعد الانتهاء من كتابة المقالة، وقبل إرسالها، أتتنا وسائل الإعلام ببشارة عظيمة، أقل ما يقال فيها إنها الإعلان الهائل عما أتحدث عنه كاستخلاصات في نهاية المقالة، هو الإعلان عن الانتصار المؤزر ل سوريا في صد الحرب الكونية عليها، وها هو الرئيس القائد بشار الأسد يزور منتصرا أحد عواصم العدوان، زيارة تحتاج لمقالة خاصة لتبيان معانيها. ولكن في عجالة، إنها تعني ضمن ما تعنيه انتصار سوريا ومحور المقاومة، واندحار وتفكك حلف الأشرار.

في مثل هذه الأيام قبل إحدى عشر عامًا، اندلعت شرارة الحرب الكونية ضد سوريا، والمخطط لها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ودولة الكيان الصهيوني والرجعيات العربية، مستخدمين شعارات براقة من نوع الحرية والديمقراطية، وحقوق الإنسان وعددا من المطالب الاجتماعية في شعارات محقة، تم تعبئة كثير من المضللين حولها، خاصة في المرحلة الأولى، إلا أن أهدافها كانت باطلة، حيث استهدفت تقسيم سوريا وضرب وحدتها وتدميرها وإسقاط قيادتها، كونها ما زالت تشكل العقبة الأساسية أمام مخططات العدو في المنطقة ومحاولاته السيطرة عليها وإخضاعها لنفوذه وهذا ما اتضح لاحقًا، وما أكدته مجريات العدوان. لقد وقفت سوريا دومًا إلى جانب القضية الفلسطينية، واعتبرتها دائمًا قضيتها المركزية، وناضلت من أجل تحرير فلسطين ورفضت تقديم التنازلات والمساومة عليها وخاضت الحروب وقدمت آلاف الشهداء والجرحى في سبيل ذلك، وأكدت أنه لا فرق بين أرض الجولان والأرض الفلسطينية، وهي:

  • استقبلت الفلسطينيين بعد النكبة وتعاملت معهم كما تتعامل مع السوريين دون أي تمييز، وأعطتهم كافة الحقوق.
  • رفضت كامب ديفيد وقاتلت من أجل إسقاطه وشكلت جبهة الصمود والتصدي من أجل مواجهته.
  • وقفت إلى جانب لبنان والثورة الفلسطينية ضد العدو الصهيوني وحربه التي شنها على لبنان عام ١٩٨٢.
  • رحبت بالمقاتلين الفلسطينيين واستقبلتهم، وفتحت لهم أبوابها وقدمت لهم كل الدعم من معسكرات وتدريب ومساعدات.
  • آمنت بالوحدة العربية وكانت الدولة الأولى التي تقيمها مع مصر وتخلى رئيسها في حينه عن موقع الرئاسة، في سابقة لم تحصل في التاريخ. وقال عنها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر: إنها قلب العروبة النابض وهذا ما تثبته حقائق اليوم.
  • بلد التاريخ والحضارة وأول من علم العالم الأبجدية وقدم له العلوم المختلفة.
  • وقفت الى جانب الشعب الجزائري وثورته وقدمت لهم الدعم والإسناد
  • وقفت الى جانب الشعب اليمني وثورته ضد الاستعمار.
  • وقفت ضد الاحتلال العراقي لأراضي الكويت واعتبرت ذلك عملا يضر بالمصالح العربية.
  • رفضت اتفاقيات أوسلو واعتبرتها خيانة للأمة ودعمت كافة القوى الفلسطينية التي وقفت ضدها وقدمت لهم السلاح.
  • وقفت إلى جانب لبنان ولعبت دورًا أساسيًا في تحرير أراضيه، ودعمت مقاومته بكل ما تملك وزودتها بالسلاح ووضعت امكانياتها بتصرف المقاومة، ويكفي هنا أن نشير إلى ما أكده دوما القائد السيد حسن نصرالله وفي العديد من خطاباته.
  • ويحسب لسوريا أنها وقفت ضد الإرادة الأمريكية وحاربتها بعد الغزو الأمريكي للعراق ودعمت المقاومة هناك وقالتها، (لا) كبيرة للشروط الأمريكية التي طالبت سوريا بـ: الاعتراف بدولة الكيان الصهيوني وعقد صلح معه على غرار كامب ديفيد، وقطع العلاقة مع إيران، وقطع العلاقة مع حزب الله ووقف إمداده بالسلاح، طرد الفصائل الفلسطينية من سوريا وإخراج قادتها من هناك. نعم لقد رفضت سوريا بكل شجاعة وكبرياء هذه الشروط على لسان رئيسها بشار الأسد، في وقت كانت الدول الكبرى تستجدي الرضا الأمريكي بعد أن أصبحت أمريكا سيدة العالم والقطب الأوحد المهيمن، بعد غزو أفغانستان والعراق. هذا في السياسية، أما في الاقتصاد والجوانب الأخرى، فقد كانت سوريا من الدول القليلة في العالم التي لا ديون عليها، وكان تعتمد على نفسها في صناعة الدواء والغذاء والملبس وكانت صاحبة قرار مستقل. إلى جانب ذلك، تميزت سوريا بمجانية التعليم والضمان الصحي للجميع، وفوق هذا كله كانت سوريا قبل الحرب في قائمة الدول العشرة الأوائل في العالم التي يسودها الأمن والاستقرار (وهنا لا يتسع المجال للحديث عن كل ذلك ومعانيه في مقالة كهذه)، وعليه أؤكد أنه لكل هذه الأسباب اندلعت الحرب ضد سوريا، من أجل تحطيمها وإسقاط قيادتها، ولو لم تكن سوريا كذلك، ولو وافقت على الشروط الأمريكية، لأصبحت سيدة العالم العربي بلا منازع. نعم هذه هي الحقيقة، أما الادعاء أن هذه الحرب كانت من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة... الخ، فهذا كذب ولا يصدقه حتى أصحابه. ونحن نسأل كل من شارك في هذا العدوان الموصوف ضد سوريا: هل قطر والسعودية والإمارات وبقية الدول التي وقفت ضد سوريا دولا ديمقراطية؟

سوريا من أوائل الدول في العالم التي يوجد بها برلمان منتخب، وهي من أقدم دول العالم التي تشارك المرأة فيها في الانتخابات وتتبوأ أهم المناصب في الدولة وتتمتع بحقوقها، ومن المعروف أنه في الوقت الذي شغلت فيه المرأة السورية موقع نائب رئيس الجمهورية منذ سنين طويلة، وموقع رئيس البرلمان، كانت دولة مثل السعودية، تحتفل قبل سنوات معدودة بالسماح للمرأة بقيادة السيارة.

أما الدول الغربية كافة التي دعت للديمقراطية في سوريا وحقوق الإنسان والمساوة وقالت أنها تخوض الحرب من أجل ذلك، أين هي من كل هذه الادعاءات اليوم؟ ألم تكشف الحرب الدائرة في أوكرانيا زيف ادعاءاتهم ومعاييرهم المزدوجة، وقد كشفت قبل ذلك في العراق وفلسطين وسوريا ولبنان والآن في اليمن و ليبيا ؟

 إنهم أبعد ما يكونوا عن ذلك، وهم كما أطلق عليهم الرئيس بوتين محقًا، اسم امبراطورية الكذب.. فهم مع الديمقراطية، بمقدار ما تخدم مصالحهم فقط.

بعد هذه السنوات الطويلة على الحرب على سوريا، لا بد من التوقف أمام أهم الدروس من هذا العدوان على سوريا:

الدرس الأول: أن الشعب المؤمن بعدالة قضيته ومستعد للدفاع عنها، سوف ينتصر رغمًا عن العدو، وهذا ما حصل.

الدرس الثاني: أن القوة وحدها لا تصنع انتصار، ورغم كل ما امتلكته دول العدوان من أسلحة وما أنفقته من أموال بالمليارات، إلا أن مشروعها قد هزم، بفعل إرادة وصمود السوريين، رغم قساوة الحرب والتدمير والتشريد الذي نتج عنها.

الدرس الثالث: صمود الجيش العربي السوري الذي قدم آلاف الشهداء والجرحى، وحفاظه على وحدته التي لعبت دورًا كبيرًا في التصدي لهذه الحرب وإفشالها. إن ما يفسر ذلك هو أن الجيش السوري صاحب عقيدة قتالية يدافع عن الوطن والشعب وبقي متماسكًا، رغم كل الإغراءات التي دفعت للجنود والضباط من أجل الانقسام ولم ينجحوا سوى مع بعض الحالات الفردية، أما النصرة وداعش وغيرها من المسميات والدول التي تدعمهم لا عقيدة لهم سوى قتل الأطفال وجز الرؤوس وتدمير البلاد، ولا حق لهم أو معهم. وهكذا انتصر الحق على الباطل.

الدرس الرابع: التماسك القوي في السلك الدبلوماسي السوري ووزارة الخارجية الذي بقي موحدًا تحت قيادتها، ولم تسجل أي حالات انشقاق تذكر.

الدرس الخامس والأهم: الصمود الواضح والأكيد للقيادة السورية واستعدادها لخوض معركة الدفاع عن الوطن حتى النهاية وبقيت تقاتل مع شعبها ولم تغادر ولم تطلب اللجوء لدولة أخرى، رغم العروض التي قدمت لها: لم تهرب. لقد لعب صمود القيادة وثباتها، وخاصة الرئيس بشار الأسد الدور الأساسي في تحقيق هذ الانتصار.

الدرس السادس: أهمية الوحدة وقد تجسدت عبر المعادلة الرباعية الماسية المتمثلة، بوحدة الشعب والجيش والقيادة، والتحالف الصادق المتين مع الأصدقاء، وبفضل هذا تم تحقيق الانتصار، وهنا مفيد التأكيد: أنه لولا صمود المثلث الذهبي (الشعب، الجيش، القيادة) لما كان بالإمكان تشكل المربع الماسي.

الدرس السابع: أهمية التحالفات الصادقة والمبدئية والقدرة على اختيار الأصدقاء، وقد نجحت سوريا بامتياز في هذا الاختيار مع إيران وروسيا، ومع حزب الله، حيث لعب كل منهم دورًا أساسيًا وهامًا، في تعزيز قدرة سوريا وصمودها وتحقيق انتصارها.

الدرس الثامن: أن الأموال وحدها والسلاح وحده وتجنيد المرتزقة لا يمكن أن ينجح في مواجهة شعب وجيش وقيادة وأصدقاء يملكون الحق والإرادة في الدفاع عن الوطن والمبادئ والأخلاق.

 الدرس التاسع: انحياز الرجعيات العربية إلى صفوف الأعداء كما هي حقيقتهم المؤكدة، وهم من دفع الأموال وجند المرتزقة، وقدموا لهم السلاح في خدمة منهم للمشروع الصهيوني الأمريكي.

لقد سوريا صمدت وانتصرت، وأفشلت هذه المؤامرة وستعود أقوى مما كانت عليه، وعلى جميع المخلصين والوطنين العرب وأبناء الأمة وأحرار العالم، أن يقفوا مع سوريا في معركة البناء بعد أن وقفوا معها في معركة الصمود وتحرير أراضيها، والتي ما زالت قائمة.

ختامًا: في ذكرى هذه الحرب المدمرة، ليس أمام سوريا إلا طريق واحد.. هو طريق الانتصار.