بحضور وطني وجبهاوي لافت، وتخليدا لذكرى الرفيق الراحل محمود أبو حميد احد مؤسسي الملتقى، انعقدت الحلقة الثانية والثلاثون لملتقى الفكر التقدمي في محافظة رفح، والتي تناولت الحرب الدائرة بين روسيا واوكرانيا وتداعياتها الدولية والاقليمية الكبيرة، اليوم الاثنين.
وقد افتتح الرفيق أسامة صيدم منسق اللقاء الجلسة بالترحيب بالحضور، داعياً للوقوف دقيقة صمت اكراما لأرواح الشهداء الذين قضوا على طريق الحرية والاستقلال.
واستعرض صيدم في افتتاحيته، أهمية هذا اللقاء وضرورة المشاركة الفاعلة في النقاش والحوار، والخروج بتوصيات ومواقف تمكننا من فهم المتغيرات الدولية والاقليمية وانعكاسها على قضيتنا الفلسطينية.
ورحب باسم الحضور بالرفيق عدنان ابو ضاحي كمتحدث رئيسي في العنوان والذي بدأ حديثه باعتبار ان ما سيطرح ويثار في هذا اللقاء لا ينطلق من انحياز مسبق لروسيا كامتداد للاتحاد السوفيتي (الحليف السابق) ولا من نظرة عاطفية لشعب مغلوب عل أمره تتعرض أرضه للعدوان، رغم ويلات الحروب وما تعنيه من دمار وخراب ، وإنما في إطار أجواء الحقيقة التي ستتكشف وينجلي فيها كذب كل ما يشاع من قبل وسائل الإعلام الغربية التي تحركها الطغم الحاكمة.
ولإجلاء الحقيقة اكثر سأل الرفيق عدنان "هل ما قامت به روسيا يعد عملا عدوانيا، ام دفاع مشروع عن مصالح أمنية واستراتيجية؟".
وفي اجابته، اعتبر أنه جرى تشويه متعمد للعملية العسكرية الروسية وتشويه للمطالب التي اعلنتها موسكو وسلمت رسميا لأمريكا وللناتو قبل بدء العملية العسكرية وخاصة عدم انضمام اوكرانيا لحلف الناتو وإيجاد صيغة للأمن المتكافئ في أوروبا قائم على توازن المصالح.
واعتبر أن رفض الامريكان هذه المطالب بعد ثلاث جولات حوار هو تجاوز للاتفاق الذي عقد بين بوش الاب - بيكر من جهة وغورباتشوف وشيفارنادزة من جهة اخرى عشية انهيار الاتحاد السوفيتي والذي بموجبه التزام الناتو بعدم التوسع خارج حدوده او اتخاذ اي اجراء مهين لروسيا في اي مكان من أوروبا الشرقية، وعلى العكس فإن الناتو ازداد وحشية ضد روسيا، وجيء بنظم موالية وتابعة للغرب ومعادية لروسيا في أوروبا الشرقية، وحدث نفس الشيء في جمهوريات البلطيق، وسلسلة طويلة من الإجراءات والتجاوزات الأمريكية، حتى قام الغرب وأمريكا بدعم انقلاب في عام ٢٠١٤ في اوكرانيا موالي لهم، يسعى للانضمام لحلف الناتو وممعن في انتهاك كل الحقوق السياسية والإنسانية للمواطنين من أصل روسي (إقليم الدونباس) وعدم اعتبارهم من الشعوب الاصلية لأوكرانيا، وسحب كل حقوقهم وعدم الالتزام بالعديد من الاتفاقيات التكاملية بين روسيا واوكرانيا، وفق ما جاء.
كما واستعرض الرفيق عدنان التاريخ المشترك بين الشعبين الروسي والاوكراني الضاربة في القدم، وحجم التطور الهائل في ظل الاتحاد السوفيتي الذي شمل جميع الخدمات في اوكرانيا.
واعتبر أن كل ذلك في ظل تنامي النازيين الجدد بعد عام ٢٠١٤ كان بداية الصراع مع روسيا واشتعال مواجهات في إقليم الدونباس راح ضحيتها ١٤ الف روسي، وملاحقة الروس في كييف وإلغاء اللغة الروسية ايذانا بتعميق هذه الصراعات، وتقوية العلاقات مع الغرب وامريكيا.
واستعرض عدنان، جرائم النازيين الاوكرانيين منذ الحرب العالمية الثانية وارتكابهم المجازر حتى وقت قريب، وإلغاء يوم الانتصار الوطني على النازية وتمجيد الفاشيين الاوكران واعتبارهم ابطال، وسعيهم لامتلاك أسلحة نووية وما يعنيه ذلك من تقويض للامن الروسي.
وأشار إلى أن ما قامت به روسيا لم يكن عملا عدائيا كما صوره الغرب، بل دفاع مشروع عن الحقوق والمصالح بعد ان تحولت اوكرانيا إلى تهديد للأمن القومي الروسي ورأس حربة أمريكي ضد روسيا، وابسط حقوق روسيا ان تكون اوكرانيا دولة محايدة ولا تنضم للناتو.
وأضاف "العقوبات الغربية والامريكية ستترك أثرا على روسيا ، لكن من المتعذر ان تخنق الاقتصاد الروسي بسبب استمرار ضخ البترول والغاز للسوق الأوروبي، وتوقيع روسيا اتفاقيات مع الصين بمليارات الدولارات ، وسعة الاقتصاد الروسي وغنى مصادره واتساع علاقاتها سيجعل هدف الغرب مجرد اوهام".
وفي ختام مداخلته، أكد الرفيق عدنان أننا "على أعتاب مرحلة جديدة عالم جديد ستنهار فيه لوحة القطب الواحد وما بعد هذه الحرب ليس كما قبلها، فالكثير من البلدان التي عانت من سياسات الغرب وامريكا أظهرت موقفا رافضه لفرض عقوبات على روسيا، وأن الكثير من حلفاء أمريكيا لا يعولون عليها بعد ان شهدوا خروجهم من أفغانستان، وشعورهم بالخذلان دفعهم للسعي الجاد لإنشاء تحالفات جديدة لمواجهة الخطر الذي يهددهم، وأن هناك قوى صاعدة تدرك ان هزيمة الروس سيمهد الطريق امام أمريكيا للانقضاض عليهم وتقويض كياناتهم، وهذا يعني اصطفافهم مع الروس في معركتهم ضد الهيمنة الأمريكية والغربية، واعتبر ان اهتزاز صورة أمريكا ووهن سياساتها شجع العديد من الدول التي عانت من سياسة الحصار والعقوبات الاقتصادية على توجيه ضربات مؤلمة للكيان الصهيوني كما حدث مع الحرس الثوري الإيراني وضرب موقع الموساد في أربيل وارامكو في السعودية".
ومن جانب اخر، تنوعت مداخلات المشاركين في اللقاء بين الاتفاق مع تحيل الرفيق عدنان، والاختلاف في قراءة المشهد الدولي والاقليمي بعد هذه الحرب، لكن اجمع الحضور على أهمية هذا اللقاء تحديدا وضرورة الدعوة للقاء استكمالي يتم فيه نقاش التداعيات على المستوى الفلسطيني وكيف يمكن الاستفادة من المتغيرات التي ستكون نتيجة هذه الحرب.