Menu

تقرير"لازاريني" يُراوغ ويمضي في تفكيك "الأونروا"

فادي الشافعي

خاص بوابة الهدف

تنفي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، مرة تلو مرة، وجود "خطط لتفويض أطراف أخرى بمهامها"، آخرها اليوم خلال مؤتمرٍ صحفي عقده المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني بالعاصمة اللبنانية بيروت. ورغم النفي المتكرر لهذه الخطط تمضي "الأونروا" في الواقع لتنفيذها.

أثار "لازاريني"، في 23 نيسان/أبريل الماضي، حفيظة اللاجئين الفلسطينيين عندما أعلن أنّ "إدارة الأونروا" تدرس توسيع شراكاتها؛ لتقدّم خدامتها عبر وكالات أممية أخرى لمعالجة العجرز المالي الذي تعانه منه "الأونروا". 

الموقف الفلسطيني من إعلان "لارازيني" جاء موحدًا، عبّرت عنه، على المستوى الرسمي، منظمة التحرير الفلسطينية؛ برفض مضمون الإعلان، والتأكيد على أنّه ليس من صلاحياته طرح حلول لمعالجة العجز المالي في ميزانية "الأونروا" تمس بتفويض عملها، ولا بنقل صلاحياتها إلى منظمات دولية أخرى تحت شعارات الشراكات، وطالبته بمزيدٍ من التوضيح.

 "الأونروا" بدأت عملياتها في الأول من شهر أيار/مايو 1950 بتفويض من الأمم المتحدة. وفي غياب الحل لمسألة لاجئي فلسطين، عملت الجمعية العامة للأمم المتحدة وبشكل متكرر على تجديد ولاية "الأونروا" مرة تلو مرة آخرها في 2019 لغاية 2023م

في غضون ذلك، أوضحت الناطقة باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" تمارا الرفاعي من المقر الرئيس في العاصمة الأردنية عمّان، في 30 مايو/ أيار، بأنّ المشاورات الأممية بشأن الشراكة في تقديم الخدمات للاجئين الفلسطينيين ما زالت مستمرة.

وأضافت في تصريحٍ لموقع "المملكة" أنّ هذه المشاورات تجري مع هيئات أممية بشأن إمكانية الشراكة لتقديم بعض الخدمات بالنيابة عن وكالة "أونروا" للاجئين الفلسطينيين، مؤكدةً أنها ما تزال قائمة ومستمرة رغم الرفض الفلسطيني والأردني، موضحةً أنّ مجالات الشراكة لم تُحدد بعد، وقد تغطي الشراكات جوانب فقط من برنامج وليس قطاعاً بعينه، فيما لفتت إلى حرص وكالة "أونروا" على الاستمرار في تقديم الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة وغيرها من الخدمات المدرجة تكاليفها ضمن الميزانية الأساسيّة.

من ناحيته، اعتبر عدنان أبو حسنة المستشار الإعلامي للـ "أونروا" بغزة، في تصريحات لقناة الغد، أنّ "هناك فهماً خاطئاً لما يتم طرحه والحديث عنه حول استبدال برامج الأونروا وتقديم خدمات بالنيابة عنها" موضحًا: "الحديث يدور عن تطوير شيء تمارسه الوكالة منذ أكثر من 70 عامًا، ونحن نتعاون من قبل مع منظمة الصحة العالمية واليونسكو والغذاء العالمي".

وشدد على أنّ "أونروا" باقية والتفويض باق وسيُجدد في شهر ديسمبر/أيلول من هذا العام والبرامج باقية والمفوّض العام يقوم بجهودٍ جبارة من أجل جلب التمويل، لافتًا إلى أنّ "الأونروا" تعاني من عجز بقيمة 100 مليون دولار، وأن الوضع المالي حرج ومقلق للغاية، خاصة أنّ الدول المانحة تركز حاليًا على أوكرانيا، معتبرًا أنّ الهدف من خطوة "أونروا" الجديدة هو البحث عن "مصادر تمويل جديدة حتى من خلال منظمات الأمم المتحدة" مضيفًا: "لا شيء سيتغيّر على الأرض".

لتجاوز الأزمة المالية؛ ترى منظمة التحرير الفلسطينية أنّ الحل هو القيام بجهود استثنائية لتوفير التمويل اللازم لمواصلة خدمات الوكالة بالمستوى والجودة اللازمَيْن لتلبية احتياجات اللاجئين، من خلال مطالبة الأمم المتحدة والدول المانحة بالوفاء بالتزاماتها، واعتماد موازنة ثابتة للوكالة أسوة بمؤسسات الأمم المتحدة الأخرى، والتعاون بين جميع الأطراف المعنية، خاصة الدول المانحة والمضيفة.

وتعاني "الأونروا"، التي تعتمد في موازنتها المالية - سواء العادية أو الطارئة - بصورة شبه حصرية على المساهمات الطوعية لأعضاء المجتمع الدولي، من مشكلات مالية منذ تشكيلها، إلا أنّ العام 2015 شهد عجزًا ماليًا غير مسبوق أثّر تأثيرًا كميًا ونوعيًا في الخدمات التي تقدمها في مناطق عملياتها الخمس وهي: الضفة الغربية بما فيها القدس ، قطاع غزة، لبنان، سوريا، الأردن.

لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية عقدت، في الأول يونيو/حزيران الجاري، لقاءً مع "لازاريني" والإدارة التنفيذية للأونروا في قطاع غزة، وقدمت وجهة نظر تقول: إنّ الأفكار تحت عنوان الشراكات الدولية وغيرها قد تؤدي إلى تخلي "الأونروا" عن دورها المكلفة بتنفيذه؛ وإزاحة مكانتها وتجاوز للصلاحيات الموكلة لها من الجمعية العامة للأمم المتحدة والتفويض الموكل لها، وتمثل تهديدًا لبقاء "الأونروا" كشاهد على النكبة الفلسطينية وبقائها كوكالة إغاثة وتشغيل للاجئين الفلسطينيين حتى عودتهم إلى ديارهم التي هجّروا منها قسراً، وهي تخلٍّ عن مسؤولياتها تجاه تحشيد التمويل اللازم والدائم والمستمر؛ من أجل ضمان استمرار "الأونروا" في تقديم خدماتها طبقا لقرار التفويض (302).

القرار رقم 302 (الدورة الرابعة) هو قرار صادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 8 كانون الأول/ديسمبر 1949؛ تأسست "الأونروا" بموجبه في أعقاب الصراع العربي "الإسرائيلي" عام 1948؛ بهدف تقديم برامج الإغاثة المباشرة والتشغيل للاجئي فلسطين حتى حل قضيتهم.

وفي سياق متصل، أكدت اللجنة رفضها القاطع لأي مساس أو تلاعب بصلاحيات "الأونروا" أو إحالة مهامها أو جزء منها إلى أية جهة كانت؛ سواء مؤسسات دولية أو اقليمية أو الدول المضيفة، مشددةً على التمسك "بشكل تام بصلاحيات وكالة الغوث كما نص عليها قرار التفويض رقم 302 الصادر عن الجمعية العامة؛ ومنها الالتزام بتقديم الخدمات للاجئين الفلسطينيين عبر الأونروا مباشرة وبشكل حصري" داعيةً "لازاريني" للتراجع عن هذه الأفكار ووقف تداولها، وعدم العودة لتكرارها، خاصة أمام اجتماع اللجنة الاستشارية في بيروت خلال الشهر الحالي؛ وأمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عند بحث إعادة تمديد التفويض للأونروا قبل نهاية العام ولمده ثلاث سنوات جديدة.

من ناحيته، أكد المفوض العام أنه لن يتم مطلقاً نقل صلاحيات أو نقل خدمات أو برامج لأية جهة كانت؛ سواء مؤسسات أممية أو الدول المضيفة، وأنه وإدارة "الأونروا" ملتزمون بنصوص التفويض الخاص بتأسيس "الأونروا" وفقاً للقرار 302، ولن يتم أي تلاعب أو تغيير في التفويض.

الواقع يقول خلاف ذلك؛ ففي 6 يونيو/حزيران الجاري، فوجئ الأهالي بإضافة اسم "اليونسكو" وهي منظمة تابعة للأمم المتحدة تختص بشؤون التربية والعلم والثقافة على مستوى العالم، إلى ترويسة شهادات أبناءهم الذين يدرسون في مدارس "الأونروا" وتعد هذه ترجمة عملية وخطوة أولى في طريق طرح "لازاريني" الأخير بالرغم من كل التصريحات التي تبعته حول نفي وتوضيح مفهوم الشراكة مع المنظمات الأممية الأخرى.

286360401_486204619982224_7317415740433379488_n.jpg

صورة لشهادة مدرسية تظهر إضافة المسؤولية عن مدارس اللاجئين الفلسطينين التي تديرها "الأونروا" إلى منظمة "اليونسكو".