انتهت حكومة التغيير الصهيونية، بدون أن تغير أي شيء، بل كانت مجرد استمرار مسخ لحكومات الكيان الصهيوني السابقة، أوغلت أيضًا في دم الفلسطينيين، وسرقت المزيد من أرضهم وزرعت المزيد من المستوطنات على تلالهم، وحاولت سن المزيد من التشريعات العنصرية، ضدهم.
في المقابل كانت حكومة بينيت –لابيد نموذجًا تامًا لصهيونية الإجماع القومي، والتأسرل، عبر عناصرها التي تبدو للوهلة الأولى متناقضة، ولكنها متكاملة في خدمة هذا المشروع الإجرامي.
لا أسف على حكومة بينيت، كما لم يكن أسف على حكومة نتنياهو، إن الوعي الصحيح بطبيعة صراعنا مع العدو الصهيوني كفلسطينيين وكعرب معنيين بالقضية الفلسطينية، لم نسقط في مهاوي التطبيع ومستنقع الاتفاقيات الإبراهيمية هو أن نعي طبيعة هذا الكيان بتنويعاته وفكرته الحاضنة.
إذا، بعد عام على تشكيلها، لم تتمكن الحكومة الصهيونية من الصمود، خصوصًا بعد الأزمات التي عصفت بها خلال الشهرين ونصف الأخيرين، وكما كان متوقعًا، أطلق بينيت صافرة النهاية، وهي نهاية فعلية لن يغير من طبيعتها أن الحكومة الانتقالية ستستمر بضعة ِأخرى لن تكون كافية لإرواء عطش زعيم يش عتيد يائير لابيد للمنصب.
وعلى الرغم من أن البيان الصادر عن كل من بينيت ولابيد تم توقيعه من كليهما، إلا أن الصحافة الصهيونية اكدت أن بينيت اتخذ القرار لوحده، ولا يبدو هذا غريبًا حيث أن معظم اضطرابات الائتلاف أو أبرزها على الأقل جاءت من داخل حزبه بالذات، ويفسر التسرع في اتخاذ القرار، أن المنشق عن (يمينا) أورباخ أبلغ بينيت أنه سيصوت مع قرار للمعارضة بحل الكنيست، ويبدو أن بينت فضل الاستبقاء واتخاذ هذه الخطوة بنفسه خصوصًا مع يقينه أن المعارضة سترحب بها. وأيضًا وجد بينيت نفسه في مستنقع قانون يبعد أن أدرك انه لن يكون بمقدور حكومته تمديد قانون الطوارئ العنصري في الضفة الغربية بدون حل الكنيست، وخشيته من حدوث فوضى حقيقية قانونية وأمنية عندما تنتهي صلاحية اللوائح في نهاية الشهر. فما كان منه إلا دعوة لابيد لاجتماع منفرد لإبلاغه بقراره.
وبعد الظهر، دعا قادة أحزاب التحالف لابيد، بني غانتس، ميراف ميخائيلي، نيتسان هورويتز ومنصور عباس. وقال لهم: "بغض النظر عن طريقة نواياكم لكن هذا لا يعمل" مشيرًا إلى مواقف المنشق تير أورباه وتصويت كل من غيدا ريناوي الزعبي ومازن غنايم عضوي الائتلاف ضد قانون الطوارئ. وجرى الاجماع العاصف بغياب رئيس إسرائيل بيتنا افيغدور ليبرمان، ورئيس أمل جديد جدعون ساعر.
ماذا سيحدث بعد الحل
قانونيًا ستنتهي ولاية نفتالي بينت وسيتم في الفترة الانتقالية تنفيذ قانون التناوب، لتنتقل السلطة على الفور إلى يائير ربيد الذي قيل إنه سيحتفظ بمنصب وزير الداخلية إضافة إلى رئاسة الحكومة ليكون لابيد بهذا رئيس الوزراء الرابع عشر لدولة الكيان الصهيوني، بينما سيشغل بينيت منصب نائب رئيس الحكومة بدون حقيبة وزارية. وتستمر حكومة الانتقال حتى موعد الانتخابات القادمة التي ستكون الخامسة خلال أربع سنوات في رقم قياسي جديد يحققه الكيان الصهيوني.
ومن أجل حل الكنيست هناك حاجة إلى 61 من أعضاء الكنيست للتصويت لصالحه، وبمجرد أن يوافق قادة الائتلاف على دعم الخطوة، فإن فرص إجراء انتخابات شبه مؤكدة. ومن المتوقع التصويت في الجلسة المكتملة الأسبوع المقبل
رغم كل شيء، ورغم هذا التطور الدراماتيكي، هناك تقارير صهيونية تشير إلى أنه لا تزال هناك إمكانية لتشكيل حكومة بديلة في الكنيست الحالية. ويمكن أن يحدث هذا إذا نجح عضو كنيست واحد في تعزيز دعم 61 من أعضاء الكنيست من حوله. وهذا شبه مستحيل رغم أن بنيامين نتنياهو يتمتع بأكبر فرصة لقيادة مثل هذه الخطوة، لكنه لا يزال يفتقر أيضًا إلى أيد قليلة للحصول على الأغلبية. ومن ثم لأن هذا سيناريو غير محتمل للغاية.
وبالنسبة للتحالف قالت التقارير أن كلاً من ريس ميرتس وزير الصحة نيتسان هورويتز ومنصور عباس زعيم القائمة الموحدة حاولا إقناع بينيت بعكس قراره وأن كل شيء تحت السيطرة وأن هنام حاجة لمزيد من الوقت، فأجاب أنه لا يرى أي جدوى من تضييع الوقت.
الاستعداد للحملة
بدأت جميع الأحزاب الصهيونية في الاستعداد للحملة التي ستجري في الصيف وفي محادثات مع شركائه، قال بينيت: "في الوقت الحالي، أنوي العمل بمفردي وعدم التواصل مع أي شخص، سأفكر في خطواتي في الأيام المقبلة وقلبت تقارير إنه سيرشح نفسه في الانتخابات القادمة بهدف العودة إلى منصب رئيس الحكومة، بينما قالت تقارير معاكسة إنه قد يتقاعد من الحياة السياسية.
من جانبه علق رئيس أمل جديد وزير العدل جدعون ساعر، على الدراما السياسية مكررًا مواقفه السابقة ضد نتنياهو وهاجم المعارضة: "كما حذرت - أدت عدم مسؤولية بعض أعضاء الكنيست في الائتلاف إلى النتيجة الحتمية. الهدف في الانتخابات القادمة واضح: منع نتنياهو من العودة الى السلطة واستعباد الدولة لمصالحه الشخصية ".
وقال رئيس أزرق- أبيض وزير الحرب بني غانتس "لسوء الحظ، نوقع هذا المساء على الفصل الخاص بحكومة التغيير. حكومة حققت في سنوات نشاطها الكثير للمجتمع الإسرائيلي وأمنه ومرونته وستواصل العمل من أجلها حتى خلال الفترة الانتقالية".
وزعمت رئيسة حزب العمل، وزيرة النقل ميراف ميخائيلي، أن " التحالف ساهم من أجل التغيير في تقريب أجزاء مختلفة من المجتمع الإسرائيلي من بعضها البعض"، ووصفها الوزير هورويتز زعيم ميرتس بأنها: " حكومة تاريخية أنقذت الديمقراطية الإسرائيلية"، فيما زعم وليد كه من راعم "لقد فعلنا وسنواصل صنع التاريخ".
المعارضة تحتفل
احتفلت المعارضة بحل الكنيست وإجراء انتخابات مبكرة، وقال زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو في بيان مسجل: "الحكومة التي كانت تعتمد على مؤيدين للإرهاب، تخلت عن الأمن الشخصي لمواطني "إسرائيل"، رفعت تكلفة المعيشة إلى مستويات غير معروفة، وفرضت ضرائب غير ضرورية، عرضت الطابع اليهودي لبلدنا للخطر - هذه الحكومة ستعود للوطن ". كما وعد بأنه سيعمل على تشكيل حكومة وطنية واسعة برئاسة الليكود".
وكتب رئيس شاس أرييه درعي على تويتر: "شعب إسرائيل حي"، فيما علق رئيس يهودية التوراة موشيه غافني: "إننا عشنا وعاشنا ووصلنا في هذا الوقت" وكتب رئيس الصهيونية الدينية بتسلئيل سموتريتش: "شعب إسرائيل حي. إسرائيل"..
متى الانتخابات؟
ليس من الواضح في الوقت الحالي ما هو التاريخ المحدد للانتخابات - والذي سيكون الخامس في فترة أربع سنوات - وهناك تاريخان محتملان لإجراء الانتخابات: 25 أكتوبر أو 1 نوفمبر.