Menu

قراءة في كتاب "زمن الكبار- قادة الجبهة الشعبية كما عرفتهم" للمؤلف الراحل الدكتور فايز رشيد (الحلقة 2)

عليان عليان

استعرضت في الحلقة الأولى، في قراءتي لمؤلف الأديب الراحل فايز رشيد، السيرة الذاتية للكاتب التي استهلها باعتقاله لمدة عامين في سجون الاحتلال ومن ثم إبعاده إلى الأردن، وعلاقته مع الدكتور جورج حبش والبعد الفكري للحكيم، ملقياً الضوء بشكل مكثف (أولاً) على الجوانب الإيجابية المتعددة في الفكر السياسي للدكتور حبش، والتي أغنت نهج الجبهة الشعبية في إطار حوار معمق داخل القيادة الجماعية للجبهة (وثانياً) التطور في مواقف الجبهة في سياق جدلي.

وفي هذه الحلقة نتوقف أمام ثلاثة عناوين وهي: (العلاقات الاجتماعية والانسانية في الجبهة الشعبية ومنظومة قيمها/ ملاحظات نقدية حول مضمون الكتاب / القضايا الهامة التي أثارها الكتاب/ الإبداع الأدبي في النصوص الرثائية للمؤلف للقادة الكبار

العلاقات الاجتماعية والانسانية في الجبهة الشعبية ومنظومة قيمها

تمكن المؤلف عبر تناوله مواقف القادة وحياتهم الاجتماعية اليومية، ومن خلال علاقاته معهم، من الكشف عن الجانب الإنساني العميق واللين في شخصياتهم الذي يصل لحد الرومانسية، بما في ذلك النبل والطيبة، ونظافة الكف واليد واللسان، وذرف الدموع حيال مواقف عاطفية وإنسانية، أو عند رؤية مأساة فلسطينية أو عربية، والحزن لدمعة طفل يبكي.. رغم أنهم في الجانب الآخر من شخصياتهم، شديدو الصرامة والقسوة في الدفاع عن نهج الجبهة والثوابت الاستراتيجية للجبهة وللكفاح الفلسطيني والعربي، ورفض المساومة على هذه الثوابت.

وهؤلاء القادة رغم مهماتهم اليومية، يجدون ولو قليلاً من الوقت أو بعضاً منه للتزاور والخروج في رحلات إلى هنا وهناك، توطد أواصر العلاقة بينهم وبين عائلاتهم في السياق الإنساني بشكل حميمي، وعدم توظيف العلاقات الاجتماعية في أي سياق تنظيمي أو مصالح خاصة ...فعلى سبيل المثال لا الحصر

=الرحلة المشتركة (أسبوعان) ل أبو علي مصطفى وزوجته وفايز وليلى إلى بلغاريا وما اعتراها من أحداث مشوقة.

=شهر العسل لصابر محيي الدين وزوجته إلى براغ وقيام أحد الغجريات بسرقة شنطة زوجته التي كانت تحتوي على كل النقود اللازمة للعسل.

= الرحلة المشتركة لفايز وليلى وتيسير قبعة إلى عين الفيجة وتمثيل تيسير دور عميد الأمن ليوقف تحرش بعض المخبرين بالمواطنين.

= تناوب الزيارات الأسبوعية والمبيت في عمان وإربد بين أسرة فايز وأسرة صابر.

وما يلفت الانتباه، أن قادة الجبهة لا يميلوا في معظمهم إلى الحديث عن القضايا التنظيمية في اللقاءات الاجتماعية، وقد أورد المؤلف مثالاً على ذلك في أنه شارك مع صالح رأفت في ندوة إبان القيادة المشتركة للجبهتين الشعبية والديمقراطية، وحاول في لقاء اجتماعي مع الرفيق أبو علي مصطفى وأسرته شرح ما دار في الندوة من زاوية خروج صالح عن النهج المشترك، فما كان من أبو علي إلا أن طلب منه بأدب جم عدم الحديث في الموضوع وكتابة تقرير بشأن ذلك للمرتبة التنظيمية.

وما يلفت الانتباه في الكتاب الجانب الأسري الغني في شخصية ليلي، فليلى خالد التي أشغلت العالم وأوقفته على قدميه، من خلال عمليات خطف الطائرات، هي أم رؤوم وزوجة مخلصة، تجاوزت في إخلاصها المرأة الريفية التي تحمل الزوادة لزوجها في الحقل.

فقد حملت هذه المناضلة الوطنية القومية الأممية الجسورة المؤدلجة، في إحدى الحقائب علبة مليئة بالكوسا المحشي الجاهز، لتطبخه لأبو بدر الذي كان يواصل دراسة التخصص في مينسك بالاتحاد السوفييتي، وكانت برفقة وفد متوجه إلى موسكو من مختلف التنظيمات الفلسطينية ومن ضمنهم (أبو ماهر اليماني ونايف حواتمة)، وقبل التوجه مباشرةً إلى الطائرة سأل المفتش الطفلين بدر وبشار.. ماذا تحملان في حقائبكما؟ أجاب بشار: نحن لا نحمل قنابل! ذهل المفتش وأصر على تفتيش كل الحقائب بدقة متناهية...نحى الأغراض جانباً، وأدخل كل الركاب الواقفين، وطلب من ليلى والأولاد الانتظار، من بين ما حملته علبة تحتوي على طبخة كوسا محشية، وهذا ما زاد من شك المفتش الغائب عن الواقع انتصاراً لمهمته، فبدأ في تفتيت الكوسا ليتأكد مما بداخلها.. اعترضت ليلى ونهرته، كما بدأ الولدان في الصراخ.

افتقد أبو ماهر تأخر ليلى، فخرج من الطائرة ليرى الأمر، وبعد حوار طويل توقف الموظف عن تفتيش الكوسا، بعد أن أفهمته أنه مشروع طبخة لزوجها الذي لم يتذوق الكوسا منذ عام.. اقتنع جنابه وسمح لها بدخول الطائرة...وكانت تأخرت عن إقلاعها ربع ساعة. 

ثالثاً: هنالك مسألة غاية في الأهمية، يمكن استخلاصها من ثنايا شخصيات الكتاب ألا وهي أن نهج الجبهة الفكري والسياسي، أرسى منظومة قيمية تتسم بالصدقية والرفاقية والشفافية العالية في التعامل مع القضايا، ووضوح الرؤيا ومحاربة الفساد، نهج بريء ومبرأ من الانتهازية التي غلفت نهج بعض الفصائل وقياداتها السياسية.

لقد ألقى الكتاب الضوء على شخصية الحكيم د. جورج حبش كرمز كبير في حركة التحرر العربية كقائد لحركة القوميين العرب، بنى علاقة وطيدة مع خالد الذكر جمال عبد الناصر وكقائد رئيسي في حركة التحرر الوطني الفلسطينية، منوها بدوره الفكري المتقدم في التحول نحو الماركسية ال لينين ية، دون الانسلاخ عن الفكر القومي، وأنه جسر العلاقة بين القومية التقدمية والماركسية.

وألقى الضوء على صفاته السياسية، كقائد متواضع قريب إلى جميع الرفاق بغض النظر عن موقعهم التنظيمي، وكمستمع ممتاز لرفاقه، ومحاور ديمقراطي لهم في الكونفرنسات والمؤتمرات الحزبية، ويسأل عن أدق تفاصيل الرأي، وبخاصة فيما يتعلق بوجهة نظر الجبهة من قضايا مفصلية في الثورة الفلسطينية.

لقد ألقى الدكتور فايز الضوء بشكل مفصل على الأبعاد المختلفة في شخصيات الكتاب وخاصة شخصية أبو علي مصطفى – نائب الأمين العام للجبهة، وأمينها العام في المؤتمر السادس بعد استقالة الحكيم من موقعه، واصفاً إياه بأنه سيد الموقف وفارس الكلمة، مبرزاً البعدين الاجتماعي والكفاحي في شخصيته، إضافة إلى البعد المعرفي النظري الذي طوره بشكل كبير جداً، ووظفه أيما توظيف في صناعة وتطوير النهج السياسي للجبهة ومواقفها في إطار ديالكتيكي، حيث يمكن ملاحظة التطور في نهج الجبهة في كل مؤتمر من المؤتمرات اللاحقة.

قال في بعض ما كتبه حول شخصية أبو علي مصطفى "أبو علي هو بداية البدايات الثوري البروليتاري، الذي بنى نفسه بنفسه، تفوق على الحاضر، اجتاز بمراحل من سبق فيها جيله، المليء بالحضور الحي، المضمخ بتراب الوطن، عاشق البرتقال الحزين الموسوم بالفلسطينية باعتبارها تهمة في نظر الآخرين".

" حضوره كنبع عطاء، لم يبخل به يوماً على أحد، طور ذاته فكان وما يزال رمزاً فلسطينياً، عربياً وإنسانياً... يقولون القائد يولد قائد.. أبو علي لم يولد قائداً، تحمل المسؤوليات الجسام، وكان أهلاً لها، فتربت القيادة معه، انطبعت في ثنايا ملامحه وانعكست في نبرات صوته ".

" أصبحت اللغة مطواعة بين يديه، عجن القيادة لتكون مفهوماً جديداً يجمع بينها والتواضع، لتلقي هي الأخرى بظلالها على مفاهيم أخرى، ربطت بل وحدت صلابة القائد ورقة الإنسان، بين أصالة الموقف والإيمان به والاستعداد العالي للنقاش حوله، وبين نبل الهدف وخدمة الجماهير، بين أصالة التراث وحداثة الواقع... ألخ...

كما أبرز الدور الكفاحي القومي للقائد تيسير قبعة عبر رئاسته لاتحاد طلبة فلسطين ودوره الريادي في عقد " ندوة فلسطين العالمية" ودوره التعبوي في المعتقلات الصهيونية عندما عاد مع رفيقيه أسعد عبد الرحمن وأحمد خليفة للضفة، لبناء خلايا حركة القوميين العرب في إطار الجبهة، ودوره الكفاحي المبدع كمسؤول للمجال الخارجي، ودوره الرائد في المجلس الوطني- كنائب لرئيس المجلس الوطني- الذي أزعج القيادة المتنفذة في منظمة التحرير- التي عملت على محاصرته.

وأوضح الدور الكفاحي – ولو بشكل موجز – للقائد الكبير وديع حداد الذي قض مضاجع العدو الصهيو أميركي عبر ترجمته على الأرض شعار "وراء العدو في كل مكان".

وأبرز الدور الكفاحي والسياسي والأدبي والإعلامي بشكل مكثف للأيقونة الفلسطينية غسان كنفاني ، والدور الكفاحي للمناضل القائد حمدي مطر منذ أن كان في حركة القوميين العرب ودوره في منظمة الجبهة في الأردن إلى جانب رفيق دربه عزمي الخواجا، وتطوعه مع المئات من الأردن للدفاع عن الثورة رغم تقدمه في السن، مبيناً أنه موسوعة للأحداث الفلسطينية وأن تجربته في الحركة والجبهة والثورة جديرة بالتسجيل.

وأبرز دور القائد الكبير أبو ماهر اليماني بوصفه أحد مؤسسي حركة القوميين العرب والجبهة، وبوصفه كضمير للجبهة والثورة، جمع في شخصه كل الايجابيات: المخلص النقي، المتواضع، المناضل، الحالم، الوفي، الشريف، المعطاء الفلسطيني حتى النخاع، عفيف اللسان، الطيب البسيط.

"وأنه أدرك تماماً الارتباط العضوي بين الخاص الوطني والعام القومي، فكان فلسطينيا وطنياً وقومياً عربياً وحدوياً، وكان قائداً جماهيرياً على المستويين"

وأنصف القائد النبيل صابر محيي الدين"ابن الحكيم وتلميذه" مشيدا بدوره في المكتب السياسي وفي إدارته الديمقراطية للهدف، التي اتسمت بسعة صدره للكتاب والمحررين ومحاورتهم بهدوء، لضبط كتابة المواد على مسطرة استراتيجية الجبهة.

ولم ينس القائد المؤسس في الحركة والجبهة القائد هاني الهندي الذي ارتبط اسمه بالحكيم جورج حبش، ووديع حداد، د. أحمد الخطيب، جهاد ضاحي، وطلائع المناضلين والمفكرين العرب، الذين كرسوا حياتهم للعمل القومي العربي، حيث تشهد على ذلك كتاباته إذ صدر له 12 مؤلفاً عن القومية العربية وحركة القوميين العرب، والقضايا العربية المتعددة، ومنها "إسرائيل" – فكرة- حركة- دولة.

وهو أحد أقطاب الجبهة الشعبية ساهم في مختلف نشاطاتها الفكرية والإعلامية والنضالية والعسكرية، مما أقلق العدو الصهيوني، فقام بمحاولة اغتياله في العام 1981 في قبرص ما أدى إلى إصابته بجروح خطيرة.

ملاحظات نقدية ...ملاحظات عامة

-     الكتاب في جانبه السياسي  تحدث عن دور الجبهة  الرائد في إقامة " جبهة الصمود والتصدي " بعد زيارة السادات للقدس وتوقيعه اتفاقات كامب ديفيد ، ودورها في إنجاز "اتفاق عدن – الجزائر" الخاص بالوحدة الوطنية، ومحاصرة نهج عرفات خاصةً زيارته بعد أحداث طرابلس لمصر، وتشكيل القيادة الموحدة مع الجبهة الديمقراطية، وخروج الأخيرة من القيادة الموحدة، ودخولها في فلك ياسر عرفات الذي استثمر الانقسام الفلسطيني، وعقد دورة للمجلس الوطني في عمان في  نوفمبر 1984 الذي قاطعته الجبهة وغيرها من الفصائلٍ ، ودور الجبهة في تشكيل جبهة الإنقاذ الفلسطينية رداً على دورة المجلس الوطني ونتائجها ، قراءة الجبهة  لانتفاضة الحجارة.

-     الكتاب لم يقدم قراءة نقدية لمواقف الجبهة مثل: الموافقة على البرنامج المرحلي في المؤتمر الرابع في مطلع الثمانينات، بعد رفضه عام 1974 الذي حمل اسم "برنامج النقاط العشر"،

-     الكتاب، لم يتعرض، لدورة المجلس الوطني في الجزائر عام 1988 التي جرى فيها الاعتراف بقرار 242، ولم يتعرض لموقف الجبهة من البرنامج السياسي الذي نجم عن هذه الدورة .

 ونحى إلى حد كبير موقف الجبهة الشعبية من اتفاقات أوسلو ومشتقاتها، وكان بإمكانه أن يعرض العناوين السياسية لموقف الحكيم والجبهة، من اتفاقات أوسلو ومشتقاتها، ومن السلطة، ومن القيادة المتنفذة في منظمة التحرير والتنسيق الأمني..ألخ وذلك من واقع تصريحات الحكيم ومواقفه وكتابيه "المقابلة " " والثوريون لا يموتون أبدا"، ومن واقع تصريحات أبو علي مصطفى ومواقفه ، ومن واقع أدبيات الجبهة، واكتفى بالتركيز على الفكر السياسي للحكيم والجبهة في الإطار النظري.

-     الكتاب ألقى الضوء بشكل مهم ومميز، على المواد التي حذفت من الميثاق الوطني الفلسطيني في دورة المجلس الوطني الفلسطيني في غزة عام 1996، وما يترتب على ذلك من ضرب للثوابت وللاستراتيجية الوطنية الفلسطينية (ص 137- 138)

-     الكتاب لم يبرز البعد الطبقي بشكل دقيق في استراتيجية الجبهة وأدبيتها.

-     المؤلف أنصف غسان كنفاني عبر استعراض تراثه الأدبي الوطني بشكل مكثف ممثلاً في رواياته وقصصه القصيرة ومسرحياته (رجال في الشمس، عائد إلى حيفا، وما تبقى لكم.. ألخ، كما أنصفه من خلال التذكير بدوره في التعريف بأدباء الأرض المحتلة، وأنه أول من كتب دراسةً عن الأدب والأدباء الصهاينة، ناهيك عن دراسته القيمة عن ثورة 1936.

وأنصفه عندما قال أن غسان لم يفصل الأدب عن السياسة، وأنه كان مناضلاً سياسياً من خلال عضويته في المكتب السياسي للجبهة الشعبية، ومن خلال رئاسته للمكتب الإعلامي فيه، ورئاسته لمجلة تحرير الهدف الناطقة باسم الجبهة.

وأنصفه وأنصف الجبهة الشعبية والمثقفين الثوريين، عندما أنعش ذاكرتنا بتصريح جولدا مائير -رئيسة وزراء الكيان الصهيوني آنذاك – الذي جاء فيه " باغتياله تخلصنا من كتيبة دبابات والآلاف من المخربين "

لكن هنالك أدوار أخرى لغسان، كان يجب عدم إغفالها ممثلة بدوره في التصدي للانشقاقات اليسارية الطفولية والانتهازية، وبعلاقاته الأممية الكفاحية، وعلاقاته الاعلامية الأممية، وليس صدفةً أن تجري عملية اغتياله بعد فترة وجيزة من عملية اللد البطولية، التي نفذها الفدائيون اليابانيون من الجيش الأحمر الياباني المتحالف مع نهج الجبهة آنذاك الذي عمل على إرسائه وديع حداد.

قضايا هامة أثارها الكتاب

في ثنايا الكتاب أثار المؤلف بشكل مميز عدة قضايا غاية في الأهمية تستحق النقاش:

1-    الهدف الاستراتيجي من النضال الفلسطيني وفق أطروحات الجبهة الشعبية ومدى ملائمته للحظة السياسية الراهنة.

2-    قضايا الخلاف مع الأحزاب الشيوعية العربية.

3-العلاقة الجدلية بين النظرية والتطبيق في استراتيجية الجبهة.

4-مدى صوابية موقف الجبهة في الانسحاب عدة مرات من اللجنة التنفيذية.

   5-القراءة بأثر رجعي لموقف الجبهة واليسار عموماً لتجربة غورباتشوف " البروسترويكا والجلاسنوست " التي لعبت دوراً رئيسياً في انهيار الاتحاد السوفييتي.

الإبداع الأدبي في النصوص الرثائية للمؤلف للقادة الكبار

في رثائه للقادة التسعة الكبار قدم المؤلف نصوصاً رثائية مبدعة، بجمل رشيقة تعبق بالبلاغة بمختلف أدواتها، من استعارات تصريحية ومكنية وغيرهما، نصوصاً تعكس الخلفية الروائية والقصصية للمؤلف، وتعكس حالة عميقة من الصدق في وصف مزايا القادة التسعة وانتمائهم الوطني والقومي.

أمثلة: (مقتطفات)

"في رثائه المطول للشهيد أبو علي مصطفى كتب يقول "اجتمعت فيك صلابة الماس، ورقة النسيم، في معادلة رائعة، صلابة حين يستلزم الموقف ذلك، ورقة في مواضعها... لا تتطلع إلا إلى السماء، عمادك العزة، والوفاء، والكرامة، ومصالح شعبنا.. وأولاً وأخيراً موقفك من الكفاح المسلح.

في حياتك كنت بسيطاً كالماء.. في عطائك مثل البيدر، تعطي بلا حدود لا تكل ولا تمل".

"أبو علي.. اعتقدوا أنهم دمروك بصواريخهم.. لا يدركون حقيقة عطاء الفلسطيني حياً أو شهيداً، فهو يظل نبعاً يسكن وراء جدران القلب.. يظل منبعاً أصيلاً للعطاء الأزلي، يغيب شكلاً ويظل مضموناً مثل قوس قزح، ما أن يغيب حتى يظهر مرةً أخرى.

قلتها بعد أن عبرت نهر الأحزان والشوك والشوق.. نطق بها قلبك قبل فكرك ولسانك: "جئنا لنقاوم، لا، لنساوم".. شهدت الأراضي المحتلة مقدار عطائك، وأحس أبناء شعبنا بأهمية وجودك بينهم، ورفاقنا بالتصاقك بهم وبجهودك من أجل إثراء قضيتنا.

انتهى