التراجع المضطرد للجماعات المسلحة في سورية امام تقدم الجيش السوري، وحلفائه، يعبر الى حد كبير عن نجاعة الدفاع عن سورية كوطن ، والصمود الذي ابداه الجيش السوري، والقوى الوطنية السورية، في مواجهة هذه الجماعات.
في المقلب الاخر فأن القوى الاقليمية التي دعمت هذه الجماعات،في اطار مخطط يستهدف سورية كوطن ودور، تجد ذاتها اليوم في مأزق حقيقي عبرت عنه مجموعة من ردود فعلها ، فانسحاب وفد الرياض الممثل للمعارضة السورية في محادثات جنيف يعكس خشية هذه الاطراف من الا يعود هناك ما يجري التفاوض عليه اذا استمر تراجع المجموعات المسلحة التابعة لها والمدعومة من قبلها، كذلك كان التلويح بتدخل عسكري بري سعودي، والقبول الامريكي به، تعبير اخر عن هذا العجز الميداني، الذي سعت هذه الاطراف لتغطيته برفع الصوت سياسيا لحفظ ماء وجهها، داخليا و لدى من يأتمر بامرها من المجموعات المسلحة والمعارضين الموالين لها.
خيار الدخول البري السعودي، وما نقلته تقارير اعلامية روسية عن نوايا تركية بادخال قوات برية لسورية، يطرح امكانية تحول الصراع في سوريا الى حرب اقليمية بمشاركة اطراف دولية، وهو الامر الذي سيكون له تبعات لا يمكن التنبوء بها حاليا ولكنها بالتأكيد ستكون تبعاتها ومآلاتها صعبة على اكثر من صعيد.
في المقابل فإن فرصة حسم المعركة امام المجموعات المسلحة لمصلحة الجيش السوري تطرح مجموعة من المهمات امام الكتلة الوطنية السورية، اهمها الحفاظ على وحدة سورية كأولوية، و ضمان التداول السلمي للسلطة بشكل ديموقراطي، وتوفير مناخ التعددية السياسية، والحريات العامة والفردية في سورية بما يشمل حرية التعبير.
والاهم هو التحضير لمجابهة التحديات السياسية المتمثلة في محاولة اخراج سورية من مكانها في معادلة الصراع مع العدو الصهيوني، وافقادها دورها العربي، هذه الاخطار التي سعت اليها اطراف دولية عدة ابرزها الادارة الامريكية والكيان الصهيوني لسنوات طويلة ماضية، والتي لن تتوقف عن السعي لتحقيقها، من خلال المساومة على حل سياسي في سورية، و من خلال احتياجات سورية للاعمار اذا ما تحققت التسوية السياسية.
التحديات القادمة لا يمكن مواجهتها بذات الطريقة او المركبات الحالية التي شكلت عنوان وأداة لمواجهة المجموعات المسلحة والارهاب التكفيري، بل ان المطلوب في ضوء المهمات القادمة هو اعادة صوغ العقد الاجتماعي السوري بما يكفل بقاء وازدهار سورية، حرة، موحدة، ديموقراطية، عربية، مقاومة، ومعادية للمشروع الصهيوني والاستعماري.