كتب ناجي صفا*
دولة عربية أخرى تنضم إلى معركة الشرف ضد الكيان الصهيوني هي الجزائر أم العروبة وأبوها وعائلتها الحاضنة إلى جانب كل من اليمن والعراق ولبنان.
لم يفاجئنا انخراط الجزائر العظيمة، الدولة ذات التاريخ المجيد بالمعركة، فالجزائر التي لم تضيع البوصلة يوماً منذ استقلالها عام ٦٢ كانت أياديها المباركة حاضرة في كافة محطات الصراع مع العدو. تضامنت مع سوريا و مصر ومع الشعب الفلسطيني في كل منعطف احتاجت به هذه الدول المساعدة، أما فلسطين فلذلك كلام آخر، هي التي ترفع العلم الفلسطيني بدل الجزائري خلال مباراة رياضية بين فريق جزائري وآخر فلسطيني.
اليوم أضافت الجزائر إلى سجلها الذهبي المضيء والناصع، أضافت مكرمة جديدة حين صادرت باخرة ألمانية محملة بالسلاح والذخائر كانت متجهة إلى "إسرائيل" عبر البحر الأبيض. باخرة ألمانية محملة بالسلاح والصواريخ والقنابل كانت ذاهبة إلى الكيان الصهيوني صادرتها وسحبتها إلى الميناء الجزائري واستولت على السلاح والذخيرة. أدى ذلك إلى انهيار أحد الجنرالات الصهاينة على الهواء مباشرة معلناً أن "إسرائيل" أصبحت محاصرة بحرياً من جهتي البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط.
وإذا كان الرسول محمد (ص) قد وصف اليمن منذ ألف وأربعماية سنة بأن (الإيمان يمان، والحكمة يمانية) وقد صدق رسول الله حيث أثبت اليمن ذلك من خلال الحمية والانخراط الميداني عبر الصواريخ والمسيرات، وأخيراً احتجاز سفينة "إسرائيلية" في البحر الأحمر كانت متوجهة إلى الكيان، فإن الجزائر بدورها أثبتت وطنيتها وعروبتها وقوميتها وإيمانها وحكمتها.
"إسرائيل" الآن مطوقة من جهة البحر الأحمر من خلال اليمن، وقد شلت بذلك ميناء إيلات منفذها على البحر الأحمر، ومن جهة أخرى شلت الجزائر ميناء حيفا منفذها على البحر الأبيض، يجري ذلك في حين عجزت ٥٧ دولة عربية وإسلامية عن تسجيل خطوة جدية لوقف العدوان على غزة وإنقاذ الشعب الفلسطيني من المجازر التي ترتكب بحقه.
وفي حين كان شلال الدم في غزة وفي لبنان ينزف، كانت بعض الدول العربية تقيم حفلات الرقص والغناء والترفيه في محاولة لحرف بوصلة شعبها عما يجري في فلسطين في غزة وفي الضفة الغربية كما في مناطق ال ٤٨ من قمع واعتقال.
دولة عربية أخرى تسمي نفسها عربية وهي لا صلة لها لا بالعروبة ولا بإلإسلام، هذه الدولة أرسلت الأكفان إلى غزة، وأرسلت الأطباء والمسعفين إلى "إسرائيل" للمساهمة في علاج الجنود الصهاينة الجرحى، وأرسلت ثماني طائرات شحن ضخمة محملة بالمساعدات للكيان الصهيوني، وشارك طياروها بقصف غزة إلى جانب الطيران الصهيوني، دولة أخرى كان ملكها أول المتصلين بنتنياهو معلناً تضامنه معه ومع الجيش "الإسرائيلي" بوجه "الإرهابيين"، دولة عربية أخرى مطبعة يتهم وزير خارجيتها حماس بالإرهاب ويدين العملية البطولية التي قامت بها (طوفان الاقصى).
دولة إسلامية أيضاً تقدم للكيان النفط المسروق من العراق عبر كردستان وترسله إلى إسرائيل لتذخير طائراتها التي تقصف غزة وتزويدها بهذا النفط، وترسل البواخر المحملة بالمؤن والمواد الغذائية والمساعدات إلى "إسرائيل"، وفي حين تقطع خمس دول في أميركا اللاتينية علاقاتها "بإسرائيل" وتسحب السفراء، ما زال العلم "الإسرائيلي" يرفرف في عدد من العواصم العربية.
اليمن والجزائر والعراق ولبنان هم طليعة هذه الامة، فقد جسدوا حقيقة الضمير العربي الناصع، في حين ستبقى ضمائر تلك الدول التي أشرت إليها ملطخة بالعار الذي لن يمحوه الزمن.
*كاتب سياسي لبناني