Menu

كلمة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في اللقاء الفلسطيني في موسكو ٢٩/٢/٢٠٢٤

 

 

الأخوة والرفاق الأعزاء قادة الفصائل الفلسطينية

 

باسم الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الرفيق الأسير القائد أحمد سعدات ونائبه الرفيق المناضل جميل مزهر والمكتب السياسي نتقدم بالشكر إلى السادة الأعزاء في معهد الاستشراق على مبادرته بعقد هذا اللقاء الهام بدعمٍ من وزارة الخارجية الروسية، والذي يعكس الأهمية للدور الروسي في إسناد شعبنا والقضية الفلسطينية، والوقوف خلف حقوق وقضايا شعبنا العادلة.

 

كما يأتي هذا الاجتماع في لحظة مفصلية هامة في ظل حرب الإبادة المستمرة التي يشنها الاحتلال الصهيوني الفاشي ضد شعبنا والتي تجري بشراكةْ ورعايةٍ من الإمبريالية الأمريكية وشركائها من دول الغرب الاستعماري، ونفسها التي تستولد النازية الجديدة في كييف ضد روسيا . كما نُعبّر عن تقديرنا العالي للموقف الروسي الحاسم المندد بالعدوان والضاغط من أجل وقف العدوان، والرافض  للسياسة الأمريكية المنحازة وازدواجية المعايير المهيمنة على مؤسسات المجتمع الدولي.

 

كما يأتي هذا الاجتماع في خضم تحولات هامة في النظام العالمي،  يشهد تراجعا ملموسا في مؤشرات الهيمنة العدوانية الأمريكية، تستشعر فيه ابعاد دولية قد تؤسس لنظام عالمي جديد  متعدد الأقطاب، نأمل ان يكون أكثر عدلا،  وأن يشكل بديلاً عن نظام الهيمنة الأمريكي، أحادي القطب الذي أدى اشعال الحروب والكوارث والصراعات العسكرية  حول العالم، وخاصة دعمها العلني للكيان الصهيوني وانخراطها الوقح في خطط المجازر والابادة والتطهير العرقي وعدوانه الهمجي المتواصل على شعبنا وشعوب المنطقة. إنها معطيات تؤسس لحشد اصطفاف جديد لقوى منحازة للعدالة ورافضة للهيمنة الاستعمارية،  تكون بديلاً عن الامبريالية المتوحشة وتضع مصالح الشعوب ومصائرها واستقلالها وحقوقها فوق كل اعتبار، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.

 

الحضور الكرام،،،

على مدار  خمسة شهور ما زالت حرب الإبادة الوحشية مستمرة بحق شعبنا في قطاع غزة في جرائم غير مسبوقة لم يشهد التاريخ مثيلاً لها، واستهداف ممنهج للأطفال والنساء و للنازحين في خيامهم، وتدمير كامل للبنية التحتية، واستهداف المشافي وقتل الأطفال الأجنة والمرضى والطواقم الطبية، وتدمير المنازل على رؤوس سكانها بمختلف أشكال القصف وأدوات القتل من الطيران ومدفعية الدبابات والبوارج الحربية، واستخدام الأسلحة المحرمة دولياً خاصة الفوسفور الأبيض وغيرها من الأسلحة أمريكية الصنع، إضافةً للقيام بحملة تهجير إجرامية لأكثر من مليون ونصف إلى أقصى الجنوب، وحتى التهديد في الأيام الأخيرة باقتحام هذه المناطق المكتظة بالنازحين، فضلاً عن القيام بحرب تجويع على شعب بأكمله. وتزامناً مع هذه الجرائم المتواصلة في القطاع يتعرض شعبنا في الضفة لجرائم يومية من قبل جنود الاحتلال والمستوطنين برعاية قتلة ومجرمين و فاشيين وحكومة هي الأكثر ارهاباً و تطرفا بزعامة مجرم الحرب نتنياهو. إن سياسة التطهير العرقي والعقاب الجماعي والابادة الممنهجة والتجويع والتهجير من قبل الاحتلال بحق القطاع، تستهدف بالدرجة الأساسية ضرب الوجود الفلسطيني، وطرد شعبنا قسرا من ارضه في تكرار لجريمة العام ١٩٤٨.

 

إننا في الجبهة نرى بعملية السابع من أكتوبر جزء من دفاع شعبنا عن وجوده في وجه سياسات الابادة والتطهير العرقي المستمرة منذ أكثر من ٧٥ عام، وامتداد لحق شعبنا في الدفاع عن نفسه وحقوقه الوطنية المكفولة بالقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية المنصفة لشعبنا؛ ونُعبّر عن فخرنا بإرادة القتال والنضال والإصرار على الكفاح لدى شعبنا، و بالمقاومين الأبطال من مختلف الأذرع العسكرية الذين يتصدون للعدوان ببسالةٍ منقطعة النظير، وإلى أبناء شعبنا الصامدين بوجه الأعداء.

فغزة شكلت نموذجاً ملحمياً ملهماً سيسطرها التاريخ كإحدى أهم ملاحم البطولة في التاريخ. وهي مصلحة وطنية للكل الوطني , بما يقتضي منا جميعاً استغلال تبعاتها الميدانية وتردداتها العالمية للبناء عليه بابعاد استراتيجية وطنية , والتي ستشكل بداية النهاية لمنظومة القتل والاحتلال والابادة التي يدعمها ويغطيها معسكر الاستعمار والعدوان.

ونحن في الجبهة نُشبه ما يجري في غزة الآن بمعركة ستالينغراد التي شكلت بداية النهاية للقوات النازية الفاشية. وستكون غزة بداية أفول منظومة الابادة المجرمة وفجر لحرية شعبنا، كما كانت معركة ستالينغراد بداية أفول النازيين المجرمين، وبوابة لانتصار الشعوب  والانسانية على الوحشية والفاشية. نقدر الموقف الذي عبر الرئيس بوتين وصف ما يجري في غزة بالحرب النازية ضد لينين غراد.

الحضور الكرام،،،

إننا في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين نؤكد على أن الشعب الفلسطيني هو الوحيد القادر على رسم مستقبل القطاع وهو الذي يقرر في مصيره وليس الاحتلال المجرم أو أي جهة أخرى، وإن أي مخططات لحكومة مجرمي الحرب وجنرالات الابادة عن اليوم التالي للحرب هي أهداف وهمية ومتخيلة، فالواقع على الأرض يؤكد فشل الاحتلال في تحقيق أي من أهدافه، وأن المقاومة صامدة لم ولن تهزم، وأن مشروع التهجير سيسقط بفعل صمود شعبنا، وفي ظل حالة التفاف الرأي العام غير المسبوقة، وسقوط السردية الصهيونية أمام الرواية الفلسطينية، إضافةً لانفضاح المواقف الأمريكية المنحازة للكيان والتي بانت على حقيقتها. وأمام جملة هذه التطورات فإننا في الجبهة الشعبية نعتبر أن الأولوية الآن هي وقف حرب الإبادة الصهيونية التي تشن على شعبنا والتي يجب أن تستبق المسار السياسي، ففي هذا السياق فإننا في الجبهة نؤكد على التالي:

1.      وقف العدوان الصهيوني بشكلٍ فوري على شعبنا في قطاع غزة، وانسحاب قوات الاحتلال من جميع مناطق قطاع غزة.

2.      عودة جميع النازحين إلى ديارهم ومناطقهم التي هجروا منها دون قيود.

3.      انجاز عملية تبادل للأسرى يتم بموجبها تحرير جميع الأسرى خاصة الأسرى أصحاب المحكوميات العالية والمرضى.

4.      رفع الحصار وفتح المعابر والإغاثة الفورية عبر دخول كل متطلبات شعبنا في جميع مناطق القطاع.

5.      التزام دولي بإعادة الإعمار وفق آلية سلسلة وسريعة دون أي اشتراطات أو معيقات.

 

الحضور الكرام

إننا في الجبهة ومنذ الأسابيع الأولى لبدء العدوان بادرنا من موقع المسؤولية الوطنية والأخلاقية باللقاء مع جميع المكونات الفلسطينية، والنضال من أجل تشكيل قيادة طوارئ وطنية موحدة، مهمتها قيادة وإدارة معركة التصدي للعدوان، وتوحيد الموقف الفلسطيني، والاتفاق على مسار سياسي يساهم في ترتيب البيت الفلسطيني بهدف حشد عناصر القوة الفلسطينية  لمواجهة التحديات، وواجبنا الوطني والمصلحة العليا والسياسة العليا تفرض علينا ان نتوحد فوراً دون تلكؤ او تراخي او ذرائعية, وهذا المسار يمكن أن يُشكّل خارطة سياسية للاتفاق عليها في هذا اللقاء، وهو على النحو التالي:

1.      اعتبار الوحدة الوطنية قضية وجودية في هذه المرحلة وسياسة مفتاحية لضمانة ترتيب البيت  الفلسطيني، ونقطة انطلاق معالجة القضايا الخلافية، وإعادة بناء المؤسسات الفلسطينية على أسسٍ وطنية وديمقراطية.

2.      طبيعة الكيان الصهيوني الاستئصالية لا يعترف بوجودنا لا كشعب ولا دولة, ويشن حرب الإبادة  المستمرة ضد شعبنا وضد الكل الفلسطيني,  هذا يتطلب  تغليب المصلحة الوطنية والمصالح العليا على المصالح الفردية والفئوية الضيقة، وفي إطار ذلك نحن بحاجة إلى إعادة تقييم للتجربة الفلسطينية بكل تجلياتها خاصة تجربة أوسلو المريرة، واستخراج الدروس لصياغة استراتيجية عمل فلسطيني.

3.      إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، بمضمونها التحرري الوطني وكثمرة  لنضال شعبنا وبمشاركة الكل الوطني وليس إئتلاف سياسي  كيان وطني جامع لوحدة شعبنا  في الوطن والشتات.  وإجراء انتخابات للمجلس الوطني، وتجديد بنى السلطة لتتحول السلطة إلى سلطة ذات طابع خدماتي، أما القضايا السياسية فهي مهمة منظمة التحرير. ولحين انجاز انتخابات المجلس الوطني يمكن اعتبار الإطار القيادي المؤقت أو اطار الأمناء العامون قيادة مؤقتة لحين إجراء الانتخابات.

4.تشكيل حكومة توافق وطني و مرجعية وطنية متفق عليها، مهمتها إدارة الوضع في الضفة وغزة، و تولي قضية إعادة الإعمار والتحضير لانتخابات فلسطينية شاملة .

5.الالتزام بتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة وغير القابلة للمساومة والتي تؤكد على أولوية إنهاء الاحتلال كضمان لحق شعبنا في إقامة دولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس وحق تقرير المصير وعودة اللاجئين إلى ديارهم التي هجروا منها وفقاً للقرار الاممي 194.

6.ضمان حق شعبنا في مقاومة الاحتلال بكل الأشكال باعتباره حق كفلته كافة القوانين الدولية.

 

الحضور الكرام

إننا أمام لحظة مصيرية ومطلوب من جميع القوى والفصائل أن تتفق اليوم على رؤية وطنية شاملة، لمواجهة الحرب المدمرة على شعبنا والتحديات الجسام التي تنتظرنا، من غير المقبول أن لا نتفق. فالوقت من دم والتاريخ لن يرحمنا جميعاً. ودماء الشهداء وعذابات المهجرين والنازحين وآلام الجرحى، وصرخات الاطفال والامهات تتطلب أن نرتقي إلى مستوى هذه التحديات، ونحظى بثقة شعبنا ونقود معركة تحرره، وننهي هذا الاحتلال الأكثر اجراماً في التاريخ.

إن دعوتنا واضحة ومحددة، وهي الخروج من هنا باتفاق على تنفيذ الرؤية الوطنية الشاملة، بعد مناقشتها وتقديم التعديلات والملاحظات الكفيلة بتطويرها بما يخدم الأهداف المتوخاة منها وطنيا.

نجدد شكرنا  للأعزاء في وزارة الخارجية الروسية ومعهد الاستشراق على  هذا الجهد في لم الشمل الفلسطيني،  والمساند للقضية الفلسطينية، ومن منطلق الوزن  الدولي المركزي إلى المساهمة في جهود وقف العدوان، ومحاصرة الاحتلال ومن يدعمه في جميع المحافل الدولية، وتعميق الدور الروسي والصيني للوصول لضمانات لوقف العدوان، والوصول إلى تحالف دولي يتصدى للسياسات الامريكية المتوحشة حول العالم، وخصوصاً في منطقتنا، وشراكته في العدوان المستمر على شعبنا وحقوقنا. 

وتقبلوا فائق الاحترام والتقدير...

 

الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.