Menu

وسط غياب مستلزمات النظافة..

تقرير"الطفح الجلدي".. مرض معدي يصيب أجساد الغزيين

أحمد زقوت

خاص _ بوابة الهدف

"البقع الحمراء والصفراء تظهر على شكل حبوب في جسد ابني"، هكذا بدأت والدة الطفل بهاء صالح حديثها عن معاناة ابنها المصاب بجرثومة "الطفح الجلد"، وسط غياب الأدوية وسوء التغذية وندرة مستلزمات النظافة الشخصية، إضافة إلى تكدس المواطنين في خيام يجعلهم أكثر تلاصقًا واحتكاكًا بين بعضهم البعض.

وتنتشر الأمراض الجلدية في قطاع غزة كالنار في الهشيم، وتحديدًا بين كبار السن والأطفال الأكثر تضررًا من تدهور الوضع الصحي وانتشار الأمراض والنفايات وتلوث المياه خصوصًا في مراكز إيواء النازحين، بسبب استمرار عدوان الاحتلال الصهيوني لأكثر من 300 يومًا على القطاع.

وبقلبٍ مثقلٍ بالحزن، تقول والدة الطفل بهاء صالح (6 أعوام) لـ "بوابة الهدف"، إنّ "ابني لم يكن يعاني من أي شيء قبل ذلك، وخلال الحرب لاحظت عدة مرات أنّه يحك في جسده كثيرًا ويتألم، وفجأة بدأت تظهر علامات غريبة على جسده بشكل كبير وبعضها باللون الأحمر والأصفر"، مضيفةً "الأطباء في المستشفى أبلغوني أنّ طفلي مصاب بطفح جلدي وينتشر بسرعة في جميع أنحاء الجسد، ولابد من علاجه في أسرع وقت".

وتشير إلى أنّ وضع طفلها مأساوي جدًا، لأنّ حالته تزداد سوءًا مع مرور الوقت، ولا يمكنها فعل شيء، خصوصًا أنّها نازحة في مركز إيواء مكتظ بالنازحين والمواطنين بعد تدمير الاحتلال لبيتها ببداية الحرب، حيث النفايات منتشرة في كل مكان ولا يوجد أدوات استحمام ولا مياه مفلترة ولا خدمات ولا علاجات فيها.

لوازم التنظيف غير متوفرة وأسعارها مرتفعة

لافتةً إلى أنّ "الحاجات الأساسية للنظافة الشخصية ولوازم التنظيف الأخرى غير متوفرة، وإن توفرت فهي شحيحة وثمنها مرتفع جدًا، فمثلًا يصل سعر عبوة شامبو إلى أكثر من "70 شيكلًا"، والصابونة صغيرة الحجم "15 شيكلاً" وهي مبالغ كبيرة لا يستطيع المواطنين شراؤها في ظل حاجتهم لتوفير مواد أساسية أخرى كالطعام والشراب".

وتبين صالح، أنّ "استخدام المياه الملوثة في تغسيل أطفالي يزيد من إصابتهم بالأمراض ذاتها لأنّها غير صالحة للاستخدام، إضافة إلى نقص الأدوية وسوء التغذية يؤديان إلى نقصان الوزن بشكل سريع ما يعني انخفاض المناعة الذاتية لمقاومة المرض"، موضحةً أنّ "ارتفاع درجات الحرارة وتنقل البعوض بين خيام النازحين يجعل الإصابة بأمراض معدية أو جلدية بشكل أسرع بينهم".

طبيب جلدي واحد فقط متوفر في شمال غزة

ومؤخرًا، وسع الاحتلال الإسرائيلي من قيوده على دخول مواد النظافة ولوازم التنظيف للمواطنين في القطاع رغم الظروف القاسية التي يعيشونها، والاكتظاظ الكبير في مراكز الإيواء ومناطق التجمعات، ما أدى إلى تفشي الأمراض الجلدية المعدية، ومرض الكبد الوبائي وغيره.

وفي الإطار، يؤكّد مدير مستشفى كمال عدوان الدكتور حسام أبو صفية، لـ "بوابة الهدف"، أنّ "الأمراض الجلدية المعدية متفشية بين المواطنين بشكل كبير، وتحديدًا بين الأطفال بسبب جرثومة تصيب الجلد، مع عودة ظهور مرض شلل الأطفال"، لافتًا إلى أنّ "الطبيب الوحيد للأمراض الجلدية موجود حاليًا في المستشفى بفعل التغيب القسري للأطباء وترحيلهم من الشمال إلى جنوب القطاع، حيث يكافح الأطباء مع عشرات ومئات الحالات التي تتوافد يوميًا إلى عيادة الجلدية في المستشفى".

تطور بعض الحالات قد تؤدي للوفاة

ويوضّح أبو صفية، أنّ "الالتهابات الجلدية تنتشر في مراكز الإيواء وبين النازحين التي تفتقر إلى أدنى مقومات النظافة والتهوية، إضافة لنقص الأدوية اللازمة للعلاج من هذا المرض"، مبينًا أنّ "الأطفال المصابين بهذا المرض تتفاقم معاناتهم بسبب قلة مناعتهم، إضافة إلى ارتفاع الحرارة والبكاء المستمر وعدم قبول الرضاعة أو الطعام".

ويحذر أبو صفية، من "تطور الحالات بدخول الجرثومة إلى الدم والإصابة بتسمم وتعفن الدم الذي قد يؤدي للوفاة"، مشيرًا إلى أنّ "المياه الملوثة وسوء التغذية وندرة مستلزمات النظافة والتنظيف، ومنع الاحتلال دخول تلك المستلزمات يدهور الوضع الصحي ويؤدي لزيادة تفشي الأمراض المعدية".

أدوية شحيحة وأمراض غريبة

وبشأن علاج الأمراض الجلدية المعدية، يؤكّد أبو صفية، أنّ بعض الأدوية والمراهم العلاجية الخاصة بالأمراض الجلدية خاصة الصدفية والجرب متوفرة، لكن تأتي للمستشفى أمراض غريبة بفعل سوء التغذية وانتشار الأمراض الجلدية، ونحاول قدر الإمكان معالجتها رغم عدم وجود إمكانيات أو أدوية.

مؤسسات أممية تؤكّد محدودية منتجات النظافة

من جهتها، قالت وكالة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف"، إنّ "أطفال قطاع غزة يواجهون ظروفًا صعبةً وسط الأمراض الجلدية والبيئة غير الصحية والأعمال العدائية التي لا تنتهي"، مشددةً على الحاجة إلى وقف إطلاق النار.

أمّا وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، أكدت أنّ "الأسر في قطاع غزة لديها قدرة محدودة للغاية على الوصول للمياه النظيفة ومنتجات النظافة ولوازم التنظيف، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة الأمراض والالتهابات الجلدية".

وأشارت الوكالة في بيانٍ لها، إلى أنّ "العائلات في غزة تعيش في ظروف غير إنسانية، مع الحد الأدنى من الوصول إلى المياه والصرف الصحي؛ ما يؤدي إلى زيادة في الالتهابات والأمراض الجلدية"، لافتةً إلى أنّ "غزة تحتاج إلى مزيد من الوصول الإنساني من أجل جلب الوقود بصفة منتظمة للمياه النظيفة ولوازم النظافة، بما في ذلك الصابون".

خلاصة القول، إنّ استمرار حرب الاحتلال على القطاع لأكثر من عشرة أشهر، وتواصل مجازره بحق السكان الأبرياء، وزيادة عدد مرات نزوحهم من منطقة لأخرى خصوصًا داخل مناطق التجمعات مثل المستشفيات والمدارس، تؤدي إلى تفاقم الوضع الصحي للنازحين خصوصًا مع تواصل الاحتلال منع دخول الطعام والمياه الصالحة للشرب والأدوية ولوازم التنظيف عن المواطنين.