أكد ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، أن المملكة العربية السعودية لن تقيم علاقات دبلوماسية مع "إسرائيل" دون تحقيق شرط إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، تكون القدس الشرقية عاصمتها. جاء هذا التصريح في كلمة ولي العهد خلال افتتاح أعمال الدورة التاسعة لمجلس الشورى السعودي، حيث شدد على أن القضية الفلسطينية لا تزال على رأس أولويات المملكة.
وأشار ولي العهد في خطابه إلى أن السعودية ترفض بشكل قاطع الجرائم والانتهاكات "الإسرائيلية" المتكررة بحق الشعب الفلسطيني، مؤكداً أن هذه الأعمال تنتهك القانون الدولي والإنساني، وتزيد من معاناة الفلسطينيين في ظل استمرار الاحتلال "الإسرائيلي".
يعتبر تصريح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي أكد فيه رفض التطبيع مع "إسرائيل" دون إقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس، تحوّلاً مهماً في الموقف السعودي، خاصة بعد فترة من الصمت خلال الأشهر الطويلة من الحرب على غزة.
خلال الأشهر الـ 11 الماضية، بدا أن السعودية كانت تتجنب إبداء مواقف صريحة تجاه العدوان الإسرائيلي على غزة، وركزت بدلاً من ذلك على أولوياتها الإقليمية والدولية، بما في ذلك مشاريع التطوير الداخلي مثل "رؤية 2030" والعلاقات الدولية مع الولايات المتحدة و"إسرائيل" في إطار مبادرات اتفاقيات أبراهام.
لكن إعلان بن سلمان يعيد التأكيد على التزام السعودية بالقضية الفلسطينية، ويضع شرطاً واضحاً يتعلق بإقامة دولة فلسطينية كجزء من أي تسوية دبلوماسية مع "إسرائيل".
هذا التصريح يظهر أن الرياض لا تتجاهل الضغوط الإقليمية والعالمية بشأن حقوق الفلسطينيين، وقد يشير إلى تغيير استراتيجي في طريقة تعاطيها مع عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية في المستقبل.
دور المملكة في الساحة الدولية
وعلى الصعيد الدولي، تلعب السعودية دورًا مهمًا في دعم الجهود الدولية الرامية إلى حل الصراع الفلسطيني "الإسرائيلي". وقد أكد ولي العهد على أن المملكة ستواصل مساعيها الدبلوماسية لحشد الدعم الدولي للقضية الفلسطينية، والعمل مع الشركاء الدوليين لضمان تطبيق قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالقضية، وخاصة تلك التي تنص على ضرورة انسحاب "إسرائيل" من الأراضي الفلسطينية المحتلة.
كما أشار إلى أهمية الدور الذي تلعبه المملكة ضمن منظومة الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية، ودعم كافة المبادرات الإقليمية والدولية التي تدعم حل الدولتين.
موقف حاسم ضد الانتهاكات "الإسرائيلية"
أضاف ولي العهد أن المملكة تدين بشدة كل الانتهاكات "الإسرائيلية" بحق الفلسطينيين، بما في ذلك عمليات التوسع الاستيطاني غير القانونية، والاعتداءات المستمرة على المقدسات الإسلامية في القدس. وأوضح أن مثل هذه الأعمال تزيد من تعقيد الحلول وتبعد فرص تحقيق السلام في المنطقة.
وأشار أيضًا إلى أن استمرار "إسرائيل" في سياسة الاستيطان والاعتداءات على الفلسطينيين يعد انتهاكًا صارخًا لكل الاتفاقات الدولية، وهو ما يستدعي موقفًا موحدًا من المجتمع الدولي للضغط على "إسرائيل" للالتزام بالمعايير الدولية.
تأثير التصريحات على التطورات الإقليمية
تأتي تصريحات الأمير محمد بن سلمان في وقت حساس تشهد فيه المنطقة تطورات متسارعة فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني "الإسرائيلي". كما تتزامن مع جهود دولية بقيادة الولايات المتحدة لدفع عجلة السلام في الشرق الأوسط. هذه التصريحات قد ترسل رسالة واضحة إلى الأطراف المعنية بأن السعودية لن تتخلى عن موقفها التاريخي الداعم لحقوق الفلسطينيين، وأن أي اتفاق تطبيع مستقبلي سيكون مرهونًا بتحقيق تلك الحقوق.
تصريحات ولي العهد السعودي تضع شرطًا واضحًا أمام أي تطبيع محتمل للعلاقات مع "إسرائيل"، وهو إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، تكون القدس الشرقية عاصمتها. هذا الموقف يؤكد التزام المملكة بالقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، ويبعث برسالة واضحة إلى المجتمع الدولي بأن السلام العادل والشامل في المنطقة لا يمكن تحقيقه دون تحقيق هذه المطالب.