أثار حفيظة مجموعة كبيرة من الفرق الفنيّة والمؤسسات الثقافيّة في فلسطين، تعميم أصدرته وزارة الخارجيّة الفلسطينيّة برام الله، للسفارات والممثليّات الفلسطينيّة في العالم، يقضي باعتماد فرقة الفنون الشعبيّة التابعة لجامعة الاستقلال بالضفة المحتلة، دون غيرها في المشاركات الفلسطينيّة الفنيّة في الخارج.
وفي ردٍ مبدئي على تعميم الخارجيّة، وقّع مثقفون ومؤسسات فنيّة وثقافيّة على عريضة مطلبيّة موجّهة إلى رئيس الوزراء الفلسطيني في حكومة التوافق رامي الحمدالله ووزير الثقافة إيهاب بسيسو تطالب بإلغاء هذا التعميم لما له من تبعات خطيرة على المسيرة الفنيّة الفلسطينيّة.
"بوابة الهدف" تواصلت مع العديد من الفنانين والمؤسسات الفنيّة والثقافيّة للوقوف أكثر على حيثيّات التعميم وتبعاته المستقبليّة.
يقول الفنان الفلسطيني علي أبو ياسين، أنها خطوة خاطئة جداً، مرجعاً ذلك لعدة أسباب منها "الهدف من المشاركات الدوليّة للفرق الفلسطينيّة هو تبادل الخبرات والعلاقات وتطوير أداء وإظهار الفرق للمجتمع الخارجي، وبذلك تُحرم باقي الفرق الفلسطينيّة التي هي بالأساس تعاني من حالة العزلة الثقافيّة".
ويضيف الفنان أبو ياسين لـ"بوابة الهدف"، أن "الحالة الثقافيّة في فلسطين ليست في أوج ازدهارها لندخل في مثل هذه المهاترات والمناكفات"، متسائلاً عن موقف وزير الثقافة الفلسطيني من هذا التعميم.
يشار إلى أن الموقّعون على العريضة، أكدوا بالإجماع، بأنه لا توجد مشكلة مع فرقة الفنون الشعبيّة كفرقة "إلا أننا نستهجن هذا التعميم والقرار ومنطقيته، ونتساءل هل وزارة الخارجيّة الفلسطينيّة هي الجهة المخولة بإصدار هذا القرار؟".
"هل شاهدت كل الفرق الفنيّة في فلسطين؟، ونجزم أن الجواب لا لأنك لم تزر قطاع غزة منذ سنوات ولا تعلم إلى أي مستوى وصلنا بمجال الفنون، وكنّا نتمنى أن تعملوا على مشاركة الفرق من قطاع غزة" أحد الأسئلة التي وجهت لوزير الخارجيّة "المالكي" خلال العريضة المطلبيّة التي وقع عليها العشرات من الفنانين والكتاب والمؤسسات الثقافيّة الفلسطينيّة.
واستهجن أبو ياسين تعميم الخارجيّة بالسؤال "هل وزير الخارجيّة على علم واطّلاع بكافة الفرق والمؤسسات الفنيّة والثقافيّة في الوطن حتى يقرر أن فرقة الفنون الشعبيّة هي الأفضل في فلسطين؟"، مؤكداً على أن روح المنافسة يجب أن تكون حاضرة، في ظل وجود نهضة ثقافيّة كبيرة في قطاع غزة الذي خرّج محمد عساف ومحمد الديري، إلا أن الحصار المفروض على القطاع منذ (10) سنوات، أجبر الكثير من الأعمال والفرق الفنيّة على البقاء داخل القطاع.
وختم الفنان أبو ياسين حديثه لـ"الهدف" بالقول "إذا كان وزير الخارجيّة حريص على الفن والثقافة، فهناك فرق ومؤسسات ثقافيّة مهددة بالإغلاق فالأولى إنقاذها، مشيراً إلى أنه في حال لم تسحب وزارة الخارجيّة التعميم، ستكون هناك خطوات تصعيديّة أخرى من قبل الفنانين.
الموقعون طالبوا بوضع معايير مهنيّة عند اختيار الفرق للمشاركات الخارجيّة، وأن يتم وضع المعايير بالتشاور فيما بين الفرق ووزارة الثقافة الفلسطينيّة، ويكون دور الخارجيّة فقط في حسن استقبال الفرق من خلال سفرائها في الخارج.
الأمانة العامة للاتحاد العام للفنانين التعبيريين الفلسطينيين في المحافظات الجنوبيّة، اجتمعت ظهر اليوم السبت، وأدانت قرار الخارجيّة باعتباره يتنافى مع الموضوعيّة والرسميّة.
وأكدت الأمانة العامة لـ"الهدف" على أن فرقة الفنون الشعبيّة، هي واحدة من عشرات الفرق الفلسطينيّة، مطالبةً بالعدول عن هذا القرار والإسراع بتشكيل الفرق القوميّة للفنون الشعبيّة والمسرحيّة لتمثل دولة فلسطين والسلطة الوطنيّة الفلسطينيّة في المحافل والمهرجانات الدوليّة.
لربما يتساءل القارئ عن ماهيّة المعايير التي تم الاستناد إليها عند اختيار الفرقة، وهل تم عمل مسابقة بين الفرق أو عروض فنيّة من شأنها أن تقيّم الفرق بشكل مهني وتصل إلى نتيجة؟.
المدير الفني لمؤسسة أيام المسرح بقطاع غزة، الفنان رأفت العايدي، معقباً على قرار الخارجيّة "لا يحق لوزارة الخارجيّة ولا الداخليّة ولا غيرها، تحديد فرقة معينة لتمثيل دولة فلسطين في خارج أو داخل الوطن"، مؤكداً أن هذا القرار دكتاتوري يتبع سياسة الرجل الواحد ضد مصالح وفكر الآخرين.
البعض رجّح بأن تعميم الخارجيّة، هو دليل على تضارب الصلاحيّات في بعض الوزارات الفلسطينيّة، لا سيّما وأن هذا الموضوع من اختصاص دائرة الفنون الشعبيّة في وزارة الثقافة.
وفي اتصالٍ هاتفي مع وزير الثقافة الفلسطيني د. إيهاب بسيسو، صرح لـ"بوابة الهدف"، بأنه بعد حالة الجدل التي أثارها هذا التعميم وبعد عشرات الاتصالات المستفسرة عن طبيعة ذلك التعميم، فإنه سيتم التواصل مع وزارة الخارجيّة لاستيضاح تفاصيل وبحث حيثيّات التعميم الذي تم نشره.
وأكد الوزير بسيسو على اعتزازه بجهود جميع الفرق الفنيّة الفلسطينيّة التي تعمل على إيصال رسالة فلسطين الثقافيّة رغم التحديات، وأن وزارته من جهتها تواصل العمل على تحقيق وتنفيذ رؤيّة ثقافيّة وطنيّة تضمن حق الفرق الفنيّة والفنانين في المشاركات الخارجيّة بما يؤكد على أهميّة تعزيز حضور فلسطين في المحيط العربي والدولي ويعكس طبيعة التنوع الفني والثقافي الفلسطيني.
يذكر أن وكيل وزارة الخارجيّة، تيسير جرادات، صرح لوسائل إعلام محليّة، بأنه لا معلومات كافية لديه حول تعميم السفارات، مضيفاً "الوزير مسافر، وعلينا الانتظار إلى يوم الأحد".
