كان رد الحكومة الإسرائيلية على حركة «المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات» متوقعاً بشكل كبير. وقد عمد القادة الإسرائيليون، في ضوء عجزهم عن إجراء أي نقد ذاتي، إلى صب جام غضبهم على منتقديهم وضحاياهم.
خلال السنوات الأخيرة، طبق عدد من الكيانات والجهات تدابير لمقاطعة إسرائيل، بينما يدرس بعضُها القيام بإجراءات عقابية أخرى، في محاولة لإحداث تغيير في السلوكيات الإسرائيلية داخل الأراضي المحتلة. وتطالب الحكومات الغربية إسرائيل بوضع علامات على المنتجات، توضح ما إذا كان منشأها المستوطنات في الضفة الغربية، لكي تميزها عن صادراتها الأخرى. كما قررت بعض الكنائس وصناديق التقاعد الأميركية سحب استثماراتها من الشركات التي تؤيد الاحتلال والمؤسسات الاستيطانية. ونجحت جماعات طلابية أميركية وبريطانية في الفوز بأصوات تطالب مؤسساتها بدعم «حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات». وأشارت أيضاً بعض المنظمات الأكاديمية وبعض العلماء والممثلين المشاهير، إلى نية مقاطعة إنتاج المؤسسات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة.
وفي مواجهة حملة الضغوط الدولية المتزايدة، تخوض حكومة تل أبيب معركة دفاعية، وقد أشار نتنياهو أثناء حديث له في إسرائيل الأسبوع الماضي إلى أن إسرائيل تخوض «معركة كبيرة ضد حملة دولية لتشويه سمعتها»، مؤكداً أن «آخر ما ينبغي علينا فعله هو أن نطأطئ رؤوسنا ونسأل أنفسنا أين الخطأ الذي ارتكبناه، لأننا لا نخطئ ولم نرتكب خطأ»!
وقد زعم نتنياهو أن الحملة هذه شكل جديد من أشكال معاداة السامية. وذهب آخرون في حكومته إلى ما هو أبعد، واصفين حركة «المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات» بـ «الإرهاب» أو مساوين بينها وبين الجهود النازية لشيطنة أو محو اليهود!
وكرد مبدئي، فقد جرّم النظام القانوني في إسرائيل الأنشطة التي تؤيد الحركة، واقتفى الموالون لإسرائيل في الكونغرس أثرهم بتبني صيغة في كل من قانوني التجارة وسلطة الجمارك الأميركية، المنظورين، من شأنها استهداف الدول أو الشركات التي تقاطع أو تعاقب أو تسحب أموالها من إسرائيل بأي صورة.
تتصرف إسرائيل بوقاحة. فهي تصادر الأراضي وتهدم المنازل الفلسطينية بلا رادع أو عقاب، وتعتدي على الحريات الأساسية للفلسطينيين، ثم تقوم بمعاقبة السلطة الوطنية عن طريق رفض تحويل إيرادات الضرائب، كما تساند التشريعات الأميركية التي تعاقب وتسحب التمويلات من أي كيان تابع للأمم المتحدة يعترف بالحقوق الوطنية الفلسطينية.
وعدائية إسرائيل تجاه الأمم المتحدة قصة قديمة، فعندما صوتت الجمعية العامة بغالبية 143 عضواً مقابل ثلاثة فقط لمصلحة وضع فلسطين كدولة، شجبت إسرائيل المنظمة العالمية ووصفتها بـ «مجموعة من الدول المعادية للسامية وديكتاتوريات العالم الثالث». وأصرت إسرائيل على أن الأمم المتحدة منظمة متحيزة لا أمل فيها، وعاجزة عن لعب أي دور منصف! ثم أخذ مؤيدو إسرائيل يضغطون على الكونغرس الأميركي لتمرير تشريع أحادي الجانب مناهض لفلسطين أو معادٍ للأمم المتحدة!
نقلاً عن: السفير