قدّم عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، كايد الغول، جملةً من المعالجات الوطنية، التي تمكّن من الخروج من المأزق السياسي الحالي، الذي لا يختلف اثنان على مدى تعقيده وصعوبته، سيّما في ظل جملة الأزمات المتفاقمة، والتي تعدّدت مفاعليها وتداعياتها، والخاسر الأكبر فيها القضية الوطنية والشعب والحقوق الفلسطينية، التي تتكالب كل الجهات المعادية سعيًا لتصفيتها.
جاء ذلك خلال مداخلةٍ شارك بها الغول، ضمن لقاءٍ سياسيّ عقدته مؤسسة رواسي فلسطين، ظهر الأربعاء 21 أغسطس، في مدينة غزة، استضافت فيه كلًا من: عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كايد الغول، وعضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي نافذ عزام، وعضو المكتب السياسي لحركة حماس سهيل الهندي، وعضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية صالح ناصر.
من جهته، قال كايد الغول "نتفق جميعًا على أنّنا نواجه في هذه اللحظة التاريخية مخططات لتصفية الوجود والشعب الفلسطيني والقضية الوطنية". واستعرض الوضع السياسي الراهن، في عدّة محاور، أوّلها مخططات التصفية، الذي تجسده الآن صفقة القرن، بشراكة كاملة مع الكيان الصهيوني، والتي بدأت فصولها بالتنفيذ، وتناولت حقوقًا أساسية للشعب الفلسطيني، يُقابل هذا تراجع في دور المؤسسات الدولية المعنية بحل الصراع وفق قرارات الشرعية الدولية".
وثاني هذه المحاور، بحسب الغول، "الوضع العربي الذي يعيش حالة تفكك، وانشغالٌ بالذات وبالأوضاع الداخلية، وقسم رئيسي منه أصبح تابعًا بشكل أوسع للمخططات المعادية وللإدارة الأمريكية ومخططاتها. ثم وفي سياق ترتيب المنطقة يجرى حرف الصراع ليكون بين بعض العرب وإيران، بدلًا من أن يكون الصراع مع الاحتلال، إضافة إلى تظهير التطبيع العربي مع إسرائيل، الذي هو جوهر صفقة القرن، على طريق تمكين الكيان فيما بعد ليكون دولة المركز".
هذا التحول في العالم العربي، بحسب الغول "يؤثر في ميزان القوى والصراع الدائر بين الشعب الفلسطيني والكيان الصهيوني، إذ يُضعف الطرف الفلسطيني ويُضيف إلى الإسرائيلي".
والمحور الثالث، هو الانقسام، وفي هذا الصدد بيّن الغول أنّ "الانقسام يوفر البيئة المثلى لتنفيذ مخطط التصفية". مستدركًا أنّ "هذه اللوحة، في مقابلها لوحة أخرى، لقوى المقاومة التي بإمكانها أن تقاوم- وتقاوم حاليًا- المخططات المعادية، لكن يجري إشغالها الآن، كما يجري في سوريا".
وتابع الغول قوله "إذا كنا متفقين على مخاطر هذه اللحظة التاريخية الراهنة، كيف لنا أن نفسر استمرار واقع الحال على ما هو عليه، أي الانقسام، رغم كل ما يترتب عليه. ألا يحق لنا الاستنتاج بأنّ الأولويات في التصدي لمخططات التصفية، من حيث الممارسة، معكوسة، وتُلحق أشد الضرر بشعبنا وقضيته، فإعطاء الصراع على السلطة الأولوية مصيبة كبرى، وتزداد هذه المصيبة في ظل الاعتقاد بأن الحفاظ عليها في كلٍ من الضفة وغزة، هو الهدف المركزي أو البرنامج الوطني لكلٍ من الطرفين، والذي من خلالها يّمكن تحقيق برنامجه الخاص، والذي يتصوره على أنّه البرنامج الوطني.
وفيما قدّمه الغول من "معالجات وطنية"، قال إنه في ظل الإدراك الجمعي لخطورة اللحظة الراهنة، من المفترض أن نكون أمام فرصة للاتفاق على فعاليات ميدانية ومعالجات وطنية، منها: أولا، مغادرة أية أوهام بإمكانية الوصول إلى حلٍ وطني للصراع مع الاحتلال، ومباشرة تنفيذ قرارات المجلسين الوطني والمركزي بشأن الاتفاقات مع الكيان، والموقف من (إسرائيل)".
وأكمل الغول، في البند الثاني من "المعالجة، وفق ما اقترحه أنّ "يتم التعامل بجدية ومسؤولية مع الاتفاقات الموقعة لإنهاء الانقسام، والتركيز على ما هو جوهري للنجاح في ذلك، وصولًا إلى تحقيق وحدة وطنية تعددية، تستند إلى إستراتيجية وطنية تُعيد للصراع طابعه، وإلى شراكة حقيقية وديمقراطية، وإعادة بناء المؤسسات الوطنية وفق الاتفاقات".
وأضاف "مطلوبٌ العمل استعادة دور ومكانة م.ت.ف، كممثل شرعي ومرجعية موحدة للشعب الفلسطيني، وتشكيل حكومة وطنية، وتحديد موعد إجراء انتخابات عامة. إلى جانب وقف الحملات الإعلامية ووقف الإجراءات العقابية ضدّ غزة".
وثالثًا، قال الغول إنّه "يجب عقد اجتماع قيادي عاجل، تُشارك فيه القوى كافة، حتى في ظل استمرار حالة الانقسام، على أن يبحث هذا الاجتماع كيفية مواجهة مخططات التصفية، وكيفية إدارة الصراع مع الاحتلال في هذه الفترة".
وتتضمن المعالجة الوطنية للوضع السياسي الراهن، وفق الغول، تفعيل الحالة الشعبية وابتكار أساليب تُطور من الفعل القائم، كمسيرات العودة- على سبيل المثال- لجهة تحويلها إلى مسيرات لإسقاط وإفشال صفقة القرن، مع تخليصها مما علق بها من سلبيات، وعدم الإقدام على أية ممارسات تُحولها إلى أداة استخدامية لتحقيق أغراض معينة. يُضاف إلى هذا الدفاع عن مصالح شعبنا في الشتات، وإيجاد آليات لتحقيق هذا الهدف.
يُضاف إلى جملة المعالجات المطلوبة للخروج من الوضع الراهن، وفق ما اقترحه الغول "تنظيم المقاومة بأشكالها كافة، وعدم الوقوع في فخّ معادلة الهدوء مقابل الهدوء، التي يسعى الاحتلال لفرضها كمحددٍ للعلاقة معه، وكذلك وضع خظة وطنية لمواجهة مخطط التهجير واتباع سياسات داخلية عادلة توفر الاحتياجات الضرورية للمواطنين، في ظل الحصار، وتوفير فرص العمل والتنافس عليها، بعيدًا عن الفئوية، ووقف إنهاك المواطنين بالضرائب وغيرها من السياسات التي تُثقل كاهل المواطنين في ظل جملة الأزمات المعاشة".
وختم الغول بالتأكيد على ضرورة إعادة الاعتبار إلى العلاقة مع الشعوب العربية وقواها الوطنية والتقدمية، بهدف تعزيز احتضانها للقضية الفلسطينية، إلى جانب ضرورة مواجهة التطبيع في بلادنها، وكذلك تفعيل البعد الدولي للقضية الفلسطينية".