Menu

60 يومًا على إضرابه..

الأسير زهران: جسدٌ مُنهَك يُواصل الإضراب.. وعائلته "لا ندري متى سنراه"

بيسان الشرافي

وقفة تضامنية مع الأسير المضرب أحمد زهران

فلسطين المحتلة_ خاص بوابة الهدف

ينتظر أطفالُ الأسير الفلسطيني المعتقل في سجون الاحتلال أحمد زهران أيَّ اتصالٍ من أيِّ جهةٍ كانت للاطمئنان على وضع والدهم، المُعتقل "إداريًا" بدون تهمة أو محاكمة، والذي تختطفه سلطات الاحتلال للشهر الثامن على التوالي، وهو الذي غاب عنهم أعوامًا طويلة في السابق، مُعتقلًا في زنازين السجون الصهيونية.

الأبناءُ الأربعة، أكبرُهم بعمر 15 عامًا، وأصغرهم في السابعة، يتساءلون كل يومٍ، لماذا أطال أبونا الغياب؟ يُثقلُهم البُعدُ حدّ الشقاء، فلا أعيادُهم أعيادٌ ولا أيامُهم أيامٌ، ولا فرحُهم فرحٌ! يستيقظون كلّ يومٍ فيسألون والدتهم "كريمة" هل من جديدٍ عن أبينا؟ هل من اتصالٍ لنسمعَ صوتَه فقط؟ هل من قرارٍ بالسماح لنا برؤيته؟ لماذا يمنعوننا أصلًا من زيارته؟!

تقول زوجته كريمة، للهدف، أثقل كاهلنا الغيابُ، نتأمل كل يومٍ بأن يُهاتفنا أحدهم ليُخبرنا بأنه تم تحديد موعد الإفراج عن أحمد، وأنه سيُغادر عتمة السجن.

والأسير أحمد زهران (42 عامًا)، من سكان قرية دير أبو مشعل غربي رام الله وسط الضفة المحتلة، يخوض إضرابًا مفتوحًا عن الطعام، لليوم 60 على التوالي، منذ قرار الاحتلال تجديدَ أمر الاعتقال الإداريّ بحقه، بتاريخ 24 أكتوبر 2019، قبل يومين من الموعد الذي كان مُحددًا للإفراج عنه. ومؤخرًا ثبّتت المحكمة العسكرية للاحتلال القرارَ، ومدّته 4 أِشهر.

اقرأ ايضا: الاحتلال يثبت الاعتقال الإداري للأسير أحمد زهران أربعة شهور

وتعتقل "إسرائيل" 450 أسيرًا فلسطينيًا- من مُجمل 5 آلاف في سجونها- على بند الاعتقال الإداري، الذي تدّعي سلطات الاحتلال فيه وجود ملفٍ سريّ ضدّ المعتقَل، لا يحق له أو لمحاميه الاطّلاع عليه.

"هاملة همُّه، حالتنا صعبة جدًا، هدول 60 يوم إضراب"، تقول زوجة الأسير زهران، وبصوتها المخنوق قهرًا وحُزنًا تُكمل "قليل لما حدا يكلّمنا ويطمِنّا عليه، زيارات المحامين إله محدودة جدًا، وكل العيلة ممنوعين من الزيارة!".

اقرأ ايضا: الاحتلال أصدر أكثر من 50 ألف أمر بالاعتقال الإداري منذ 1967

تعرف كريمة (35 عامًا) الوضع الصحي لزوجها أحمد، وتُدرك كم بات خطيرًا، وتقول للهدف بنبرةٍ مرعوبة "صار وزنه في الخمسينات، بعدما كان تسعين وأكثر، هل تتخيّلون أن يفقد شخصٌ هذا الوزن كلّه من جسده؟!، كيف سيكون حالُه".

تتتبّع كريمة أيَ أخبارٍ قد تنقلها مؤسسات حقوقية، عبر محاميهم، ممّن يتمكّنون من مقابلة زوجها أو معرفة معلومات عنه، فتعرف حالتُه الصحيّة من هذه الجهة، ومن تلك تطمئنّ على معنوياته، أما عن ما يُنعش قلبَها بحقّ، فهي "السلامات"، وما أثمنُها!

تقول "ينقلُ لي محامون من جهات حقوقية مختلفة، أخبارَ أحمد، خاصة خلال الإضراب، ورسائلَ منه"، سألناها: ماذا يقولُ في الرسائل؟ صمتت كريمة لوهلةٍ وكأنّها تستجمع قُواها، ثمّ أجابت بكلمةٍ واحدةٍ فقط "بيسلّم"!

تجاوزت سنوات الاعتقال 15، بعدّة اعتقالات، لكنّ كريمة لم تعتد الغياب، الذي يزداد أثره في تلك الأوقات التي تكون فيها العائلة بأمسّ الحاجةٍ للأب/ الزوج/ السنَد والحامِي، تقول الزوجة "في غيابه يُصبح كل شيء من مسؤوليّتي، لن يُعينكَ أحدٌ، تكون وحدَك؛ وأنا بالفعل وحدي أُراعي الأطفال وأتدبّر أمور المنزل وأهتم بكل شيء".

لا شيء يُعوض الغياب، ولذوي الأسرى أقسى تجربةٍ في هذا الأمر، فإلى جانب إدراكهم مرارة الأسر، لا يُسلّمون بفكرة الإفراج عنه مجرد إنهائه محكوميته، فقد يُمدد الاحتلال اعتقاله إداريًا أو يُصدر قرار اعتقال إداري بعد إنهائه الحكم. بل وأكثر من هذا، لا يأمَنون الاحتلال حتى لو أفرج عنه وصار في أحضانهم، فقد يُعيد الاحتلال اعتقاله! هذا ما يعيشُه الفلسطينيّون، فالأسى مُلازمُهم، أسرى كانوا أم أحرارًا، وهذا ما لحِق بعائلة الأسير زهران أيضًا.

"كُنّا ننتظر الإفراج عنه في 26 أكتوبر الماضي، كُنت أنتظرُه، فهذا كان موعد انتهاء القرار الإداري الصادر بحقّه، وهو الموعد الذي حدده الاحتلال بموجب اتفاقٍ مع أحمد، بعد خوضه إضرابًا عن الطعام، بأن لا يتم التجديد له، إلّا أن هذا لك يحصل، وأحمد لم يخرج". والحديث لزوجته. التي تابعت "نقضَ الاحتلالُ الاتفاقَ، وأبقى على أحمد في الأسر، وجدّد قرار الاعتقال الإداري بحقه، والآن لا نعرف متى سيُفرَج عنه!".

واعتقل الاحتلال الأسير أحمد زهران هذا العام، في شهر مارس الماضي، وأصدر بحقه قرار اعتقال إداري لمدة 4 شهور، وبعد انتهاء المدة مدّدت سلطات الاحتلال القرار، ليُعلن الأسير على الفور خوضه الإضراب، وبعد مُضيّ أكثر من شهر، تم إعلان التوصل إلى اتفاقٍ مع مصلحة السجون الصهيونية، تعهّدت فيه بعدم تجديد "الإداري" للأسير زهران، وتحديد موعد 26 أكتوبر للإفراج عنه، وعليه علّق الأخير إضرابه، وانتظر سطوع شمس الحرّية، إلا أنّ الاحتلال تنصّل من الاتفاق، ومدّد اعتقاله إداريًا، مُجددًا، في 24 أكتوبر، لمدة 4 أشهر.

المحامي محمود حسان، من مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان، والذي يُتابع ملف الأسير أحمد زهران، قال "نيابة الاحتلال تعهّدت أمام المحكمة بعدم تجديد (الإداري) الحالي للأسير زهران".

وأوضح المحامي، الذي تحدث للهدف، أن الاتفاق السابق الذي تم مع مصلحة سجون الاحتلال كان شفويًا لذا تعمّد الاحتلال التنصّل منه، وعليه سنحرص على أنّ يكون الاتفاق الذي نسعى للتوصّل إليه هذه المرّة مكتوبًا وموثّقًا، منعًا لمراوغة الاحتلال.

ووفق ما أفادت به منسقة وحدة البحث والتوثيق في "الضمير، احترام غزاونة، للهدف، تنتظر المؤسسة موافقة الاحتلال على طلبٍ تقدّمت به لزيارة الأسير أحمد، الذي يقبع بظروفٍ اعتقاليه صعبة للغاية في عزل "نيتسان الرملة".

وعن آخر المستجدات بشأن وضعه الصحي، بيّن المتحدث باسم هيئة شؤون الأسرى حسن عبد ربه، للهدف، أنّه ما ينفكّ يتدهور يومًا بعد آخر، سيما مع دخوله الشهر الثالث في الإضراب، إذ فقد الأسير زهران أكثر من 20 كغم من وزنه، ويعاني من ضعفٍ وهزال عام ولا يستطيع المشي، ويستخدم الكرسي المتحرك للتنقل، كما أنّه يرفض تناول المُدعّمات الطبية، وفق ما نقله محامي الهيئة الذي تمكّن من زيارة الأسير منذ نحو أسبوع.

في المقابل، تتعمّد إدارة المعتقلات الصهيونية تجاهل معاناة الأسير، ومطلبه بالحرية وإنهاء اعتقاله الإداري، بل تُمارس عليه شتى أساليب الضغط المعنوي والجسدي لدفعه لكسر الإضراب.