Menu

"بوعزيزي غزة" يشعل ثورة "الغلابة"

صورة تداولها نشطاء عبر

بوابة الهدف_غزة_مشيرة توفيق

غرّد ناشطون فلسطينيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، منذ الأمس، بحرقة، وبكلمات احتجاجية بالغة القوة، على حادثة محاولة شاب من غزة _يعمل في بيع الذرة المسلوقة والمشوية على بسطة أسماها "روتس الغلابة"_ الانتحار.

ونقل محمد أبو عاصي (27 عاما) من سكان مدينة غزة، إلى العناية المركزة بمجمع الشفاء الطبي، إثر تناول سم فئران، ولم تزل حالته تراوح خطورتها، رغم استقرارها، حسبما أكدت مصادر طبية تحدثت لوسائل إعلام محلية.

الدكتور تحسين أبو عاصي، والد الشاب محمد، قال في حديث لـ "بوابة الهدف": ابني محمد يبيع الذرة على كورنيش البحر منذ سنوات، ليعيل زوجته وأطفاله، وأخوته، أي قرابة الـ 10 أشخاص، لكن الكارثة أن البلدية تقصدت إيذاءه مرارا وتكرارا".

وفيما يقاوم دموع عينيه اللتين تغمرهما قلق رهيب من ما ستؤول إليه حالة ابنه يشرح أبو عاصي: من بين العشرات من البائعين المتجولين، صادرت عناصر الرقابة والتفتيش ببلدية غزة، مجموعة من الكراسي التي يملكها ابني، ويجلس عليها المشترون، لتناول الذرة، منذ حوالي الشهرين".

ويواصل أبو عاصي: ذهب ابني لإحضار الكراسي، لكن البلدية لم تعطه إياها، وقال له الموظفون بعد احتداد الحوار: رئيس البلدية شخصيا أوصى بألا تأخذها، لأنك حاولت تقديم شكوى لمؤسسات حقوق إنسان.

وفيما حمّل والد محمد مدير عام ديوان رئاسة بلدية غزة المهندس حاتم الشيخ خليل، المسئولية عن حياة ابنه، عبر حوارات إذاعية جمعت الاثنين عبر عدة إذاعات، من بينها إذاعة القدس ، وإذاعة الشعب، رد الشيخ خليل ببرود على الأب، وقال له: إن حالة ابنه محمد في تحسن، وإنه لن يموت.

وأوضح الشيخ خليل أن البلدية اتخذت قرارا سابقا بالسماح لأصحاب البسطات بالعمل، مراعاة للظرف الاقتصادي الصعب في القطاع، ولكن بشروط. مدعيا أن محمد تجاوز هذه الشروط عبر محاولته وضع مجموعة من الكراسي قرب بسطته، ولهذا صودرت.

ورد الأب على الشيخ خليل بالقول: إن عمال البلدية كسروا البسطة قبل أشهر، وإن ابنه دفع مخالفات للبلدية، علما بأن دخله اليومي لا يتجاوز الـ 25 شيقلا يوميا. متسائلا عن وجه المراعاة في ذلك.

وأوضح الأب أن محمد يعاني من ضغوط نفسية لا متناهية بفعل الظرف الاجتماعي والاقتصادي الذي يحياه، وأن البلدية لم تراع هذا بالمطلق، علما بأنه شرح لموظفيها الأمر في مرات سابقة، الأمر الذي اضطر الشيخ خليل للقول: البلدية ستتعامل بنظرة مختلفة مع أبو عاصي إن ثبت أنه يعاني من أمراض نفسية.

وفي حلقة برنامج نبض البلد الذي يقدمه الإعلامي أحمد سعيد عبر صوت الشعب، تساءل سعيد، هل استقال أي من المسئولين في البلدية بعد هذه الحادثة؟، فما كان من الشيخ خليل إلا أن قال: لم يتعرض أحد لمحمد بإساءة، وإن حدث، فأنا أعد بمحاسبة الفاعل.

وسأل أبو عاصي الأب الشيخ خليل عن القانون الذي بموجبه يمنع محمد من استرجاع كراسيه، لمدة شهرين، فرد الأخير: يسمح لصاحب الكراسي باسترجاعها أول مرة، وفي المرة الثانية يدفع غرامة، وفي الثالثة يدفع غرامة ويوقع على تعهد، وهذه ليست المرة الأولى التي تصادر فيها الكراسي من محمد.

ورغم أن الصور التي انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي تثبت تعرض بسطة أبو عاصي للتكسير في مرات سابقة، إلا أن الشيخ خليل أصر أنها لم تتعرض لتكسير وأنها صودرت فقط، الأمر الذي يتناقض مع ما قاله عن قرار البلدية السماح بتنظيم البسطات دون إزالتها.

ولوح أبو عاصي بإظهار أدلة وبراهين رفض الكشف عن ماهيتها، تدين أصحاب القرار وتثبت تورطهم واستهداف ابنه لشخصه، حال تعرض لأي خطر.

بوابة الهدف بدورها زارت المكان منذ انتشار الخبر ليلة الأمس، فبدا واضحا أن البلدية لم تنشر ما يكفي المواطنين من كراسي أسمنتية على الكورنيش، حتى أن الكثيرين منهم لجأوا للجلوس على الرصيف، الأمر الذي دفع محمد والكثيرين من البائعين لوضع كراسي، دون رفع سعر "كوز الذرة" لأكثر من شيقلين، وهو سعره المتعارف عليه محليا بكرسي أو بدون.

واتهم المواطن أبو إبراهيم خضير الذي قال إنه اعتاد على شراء الذرة "طيبة المذاق من محمد الذي أظهر كل مرة أنه شخص متدين وبشوش الوجه، البلدية بمحاباة أصحاب الاستراحات التي تستأجر الساحل في فصل الصيف في مقابل مادي، على أصحاب البسطات "الغلابة".

فيما نقل المواطن أحمد عيسى لـ "بوابة الهدف" في رسالة إلكترونية أنه في إحدى المرات التي جذبته فيها شخصية محمد، سأله: إن عرضت عليك صاحبة فندق الروتس أن تشاركك في البسطة لتحويلها لمشروع كبير فهل ستوافق؟، غير أن الأخير فاجأه بإجابة يقسم أنها صادقة ومن القلب: هي تسعى لاستثمار أموالها، وأنا أسعى للقمة عيشي، ولذلك الفرق بيننا كبير، أنا سأظل أعمل بين الغلابة وأنا منهم.

من جهتها كتبت أخت محمد الشاعرة أمل أبو عاصي عبر صفحتها على الفيسبوك في تغريدة شاركها المئات: محمد أبو عاصي، صاحب بسطة "روتس الغلابة"، التي تزعج كبار المسئولين، وتغلق عليهم شوارعهم، وتعطّل مواكبهم الرفيعة المقدّس سرّها، وتسيء للمشهد الحضاري الباباواتي في غزة التي لا يليق برقيها وتمدّنها أن يتخذ أحد شبابها المضطهدين، المحاصرين، المرهقين، المتعبين، المذبوحة أحلامهم، الملعون أبو وجدّ وعم وخال وأم وأخت سنسفيلهم، ركنًا من (كورنيش نيل غزة )، الراقي جدا، والـ (مفيش منه اتنين).

وأضافت: محمد أبو عاصي، اللي ما عاش طفولته، ولا حاضره، ومائة ألف مليون علامة استفهام على مستقبله، واللي بيته ما أظن الحشرات تقدر تسكن فيه، واللي أبوه كان أسيرًا في سنوات طفولته الضائعة، واللي بدأ ببيع الشاي من عمر 8 سنوات، إياكم تلوموه، محمد ضحية، متله متل كل شبابنا، اللي عمله مش صح، أكيد، لكن.. لا تلوموه إلا لو كنتم مكانه.

كما دعت أبو عاصي أن لا يمر الحادث دون حراك شبابي حقيقي، وافتتحت هاشتاق (#روتس_الغلابة) لكل من تحيز لقضية محمد.

ودعا ناشطون لاستقالة رئيس بلدية غزة، إثر الحادثة التي تناولتها وسائل الإعلام المحلية والدولية ببالغ الاهتمام، وقارنتها بحوادث أخرى كانت سببا في اندلاع ثورات عربية وعلى رأسها التونسية التي أشعلها محمد البوعزيزي.

وليست هذه المرة الأولى التي يدعوا فيها ناشطون لاستقالة رئيس بلدية غزة، فقد سبق أن دعوا لذلك بعد غرق عدة مناطق سكنية بالمياه خلال فصل الشتاء قبل الماضي، ولم يستجب لمطالبهم أحد، لا بالاستقالة ولا بتحسين الخدمات، إذ تكررت حوادث مشابهة العام الماضي.

ويأمل المواطنون في القطاع أن يساهم الحراك في تحسين ظروف أصحاب البسطات، والشباب عموما، وقد خصصت لذلك عدة هاشتاقات من بينها #روتس_الغلابة، و#نعم_لاستقالة_رئيس_البلدية، و#بوعزيزي_غزة.