Menu

كورونا: تحدٍ سياسي واقتصادي

بوابة الهدف الإخبارية

خاص بوابة الهدف

اعتادت المجتمعات والحكومات اتخاذ اجراءات استثنائية لمواجهة أحداث طارئة أو ظواهر خطيرة، لكن الأساس أن هذه الإجراءات الاستثنائية والحالات الطارئة، تتم بواسطة أجسام ومؤسسات وبنى جاهزة وذات كفاءة وتجربة نجاح، فيما تكون اجراءات الاستثناء أداة لسد ثغرة استحدثها التحدي أو أخرى قائمة بالفعل في النمط الاجرائي المتبع. أمام انتشار فيروس "كورونا" لا تملك غزة الكثير، خصوصًا على مستوى المنظومة الصحية والخدمية، وهي أعمدة ضرورية لمواجهة التحدي الفيروسي، فهذه القطاعات كما غيرها منكوبة منذ سنوات، والهدف من إيضاح هذه الحقيقة بسيط ومباشر، ضرورة التعامل فلسطينيا بإجراءات استثنائية للغاية مع حالة انتشار الفيروس في غزة، بكل ما يعنيه ذلك من استثناءات على مستوى الإجراءات المتبعة أو استحداثات لهيئات ولجان التنفيذ والروافع المختلفة التي ستحمل هذه الإجراءات وتتعامل معها، بما يشمله ذلك من ضرورة تجاوز كثر مما جذره الانقسام خلال السنوات الماضية، والتصرف وفقًا لما تتطلبه المسؤولية الوطنية إزاء هذه المخاطر.

لا يقتصر التحدي على جوانبه الطبية، فحيثما حلت الجائحة على مستوى العالم، أحدثت أضرار اقتصادية هائلة، اضطرت الحكومات لمعالجتها بكثير من "الإنفاق الاجتماعي" والحزم الانقاذية لقطاعات اقتصادية بأكملها، في غزة المحاصرة والمنهكة اقتصاديًا، سيكون التحدي الأول في ظل حالة الحجر كيفية ضمان حصول الناس على قوتهم واحتياجاتهم بكرامة وفي ظروف آمنة صحيًا، وهذه الشروط تحديدا تعني أن مسار "الكوبونة" سيكون خطره أكبر من نفعه تحديدًا في مواجهة الانتشار الوبائي، ناهيك عن أضراره الاجتماعية المعلومة بالفعل.

الإجراءات المطلوبة في هذه المواجهة هي إجراءات مجتمعية ووطنية، وليس حكومية فحسب، يجب أن ينهض بها الكل الوطني الفلسطيني، بروحية ومسؤولية عالية، بما يسمح بتجاوز هذه المحنة، ويتيح الفرصة أيضًا لتجاوز الكثير الكثير من آثار الانقسام البغيض، ويعيد الاعتبار لقدرة مجتمعنا على التكافل والتعاون والنهوض بالمهمات الجسيمة قبل البسيطة.

إن أدوات العمل الوطني التي تكفلت بمقارعة الاحتلال، وتأمين جبهة اجتماعية صلبة لشعبنا عبر مسيرة كفاحه الوطني الطويل، تبدو اليوم مواردنا الأساس في مواجهة التحدي الصحي والاقتصادي، كما هي في مواجهة التحدي السياسي المتعلق بخطة الضم ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية من قبل الإدارة الأمريكية والمشروع الصهيوني ومن التحق بهذا المحور من حلفاء عرب. وإلى جانب هذه الأدوات الوطنية العامة، هناك أهمية خاصة للمسؤولية الفردية، وما تعنيه من انعكاس للوعي الوطني والمجتمعي على السلوك اليومي للفرد، بغية حماية الأرواح وحفظها، والحفاظ على سلامة مجتمعنا صحيًا كما وطنيًا وسياسيًا.