Menu

اغلاق المعابر يحرم طلبة القطاع من التعليم في الخارج

حاجز ايرز مغلق امام معظم سكان القطاع

بوابة الهدف_غزة_عزام شعث

مع مطلع شهر تشرين أول/ أكتوبر من كل عام تتجدّد معاناة طلبة قطاع غزة المسجلين في الجامعات والمعاهد العليا خارج قطاع غزة، وذلك جرّاء منعهم من السفر بسبب الحصار المشّدد الذي تفرضه  سلطات الاحتلال "الاسرائيلي" على قطاع غزة للعام التاسع على التوالي، والقيود الشّديدة على حركة تنقل الأفراد من وإلى القطاع عبر حاجز بيت حانون "إيريز" المخصص لتنقل الأفراد.  فضلاً عن إغلاق السلطات المصرية لمنفذ رفح البّري، وهو المعبر المخصص لتنقل الأفراد، بحجة تردي الأوضاع الأمنية في شمال سيناء.

ويُمنع الطلبة من السفر عبر المنفذين المخصصين لسفر سكان قطاع غزة، فالسلطات المصرية تغلق منفذ رفح البّري في وجه سكان القطاع ولا تفتحه إلا على فتراتٍ متباعدة لفئات إنسانية محددة شملت "المرضى والحُجاج" فقط هذا العام.  فوفقاً لمعلومات هيئة المعابر والحدود في غزة فإنّ عدد أيام فتح المعبر منذ بداية العام 2015، لم تتعدّ 19 يوماً. 

ويشهّد حاجز بيت حانون "إيريز" قيوداً "إسرائيلية" مشدّدة، ويسمح بفتحه في نطاق ضيق جداً ولفئات محددة "المرضى، الصحافيون الأجانب، العاملون في المنظمات الدولية والإنسانية، والتجار ورجال الأعمال"، ولم يتمكن، منذ بداية العام الدراسي الحالي 2015/2016، سوى 72 طالبة وطالب من السفر عبره، وذلك وفقاً لما أعلنه رئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية حسين الشيخ بتاريخ 7 أيلول / سبتمبر 2015.

وقال مدير عام قطاع التعليم العالي بوزارة التربية والتعليم الفلسطينية خليل حمّاد إنّ "وزارة التربية والتعليم أتمّت الإجراءات المتعلقة بالتحاق الطلبة بالجامعات خارج قطاع غزة بدءاً من استخراج شهادات الثانوية العامة في مواعيدها وصولاً إلى تسجيل الطلبة في الجامعات العربية والأجنبية أو حصولهم على منح دراسية عبر الوزارة نفسها وبالتنسيق مع وزارة الخارجية الفلسطينية".

وكشف حماد أن 400 طالب حصلوا على قبولات دراسية هذا العام، و1000 طالب آخرين مُنحوا مقاعد دراسية بواسطة وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، وما يزالوا ينتظرون فتح منفذ رفح وبين حانون للسفر للالتحاق بجامعاتهم خارج البلاد.  

ودّان حقوقيون استمرار سياسة الحصار المشّدد المعمول بها في قطاع غزة، والتي تترافق مع صمت المجتمع الدولي وعدم اكتراثه بمعاناة المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، وعدم إلزامه لإسرائيل لتحمل مسؤولياتها القانونية تجاه القطاع.

وأكدّ الباحث في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان فضل المزيني "إنّ "سياسة الحصار التي تفرضها السلطات الإسرائيلية المحتلة، أدّت إلى انتهاك حق سكان قطاع غزة في التعليم، وشكلت حرماناً لآلاف الطلبة من فرص التعليم في الخارج، بما في ذلك مؤسسات التعليم العالي في الضفة الغربية خلال السنوات التسع الماضية". 

وأشّار المزيني إلى أنّ "السلطات الإسرائيلية، وبصفتها قوة احتلال، تتحمل المسؤولية المباشرة عن قطاع غزة، وهي مطالبة وبشكل فوري بإزالة كافة القيود التي تحوُل دون تمكن طلبة قطاع غزة من السفر للالتحاق بجامعاتهم ومؤسسات التعليم العالي خارج القطاع". 

وشدّد المزيني على أنّ "الإجراءات المعمول بها ضد سكان قطاع غزة تنتهك أحد أبرز الحقوق الأساسية وهو الحق في التعليم الذي كفلته جميع المواثيق والمعاهدات الدولية والإقليمية، بما فيها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وغيرها من مصادر القانون الدولي وقانون حقوق الإنسان".

وقد أبدى عدد من الطلبة المسجلين في الجامعات والمعاهد في الدول العربية والأجنبية وجامعات الضفة الغربية، المحرومين من السفر بسبب إغلاق منفذي رفح وبيت حانون "إيريز"، قلقهم الشديد لعدم تمكنهم من السفر، الأمر الذي يهدد مستقبلهم لا سيما مع بدء العام الدراسي، وناشّدوا حكومة التوافق الوطني الفلسطينية للضغط على السلطتين المصرية والإسرائيلية لفتح المعابر الحدودية مع قطاع غزة وتمكينهم من السفر.

الطالبة (ر. أ)، 17 عاماً، من سكان محافظة خان يونس، تقول"بعد إعلان نتائج الثانوية العامة في أغسطس الماضي، تقدمت بأوراقي لدراسة الهندسة، وهو الحلم الذي راودني طوال السنوات الماضية، وأُبلغت بالموافقة على قبولي مطلع هذا الشهر، وعلى الفور قُيدت في كشوف وزارة الداخلية في غزة للسفر عندما يتم فتح المعبر في وجه الطلبة، إلا أنني أُبلغت بأنّ أعداداً كبيرة جداً سجّلت قبلي، وما تزال على قوائم الانتظار.  وتضيف: "الوقت يمر سريعاً، والأعداد المكتظّة التي نشاهدها، في كل مرّة، أمام معبر رفح تفقدنا الأمل في إمكانية تجاوز المعبر عند فتحه، وبالتالي ضياع حلمي وفرصتي في التعليم ومستقبلي أيضاً".

ويقول الطالب مجد يوسف الخالدي، 17 عاماً، من سكان محافظة الوسطى أنّ "حصوله على منحة لدراسة الطب البشري في الجامعات المصرية، حلماً راوده وراود عائلته، وبذل جهداً كبيراً من أجل التفوق والحصول عليها، غير أنّه يخشى من تحطم آماله بسبب الإغلاق المستمر لمعابر القطاع، وأنّ عدم وصوله والتحاقه بالجامعة، في أقرب وقت، يعني فقدان الأمل في الالتحاق بالعام الدراسي الحالي، و ربما فقدان المنحة".             

محمد إبراهيم، 32 عاماً، من سكان بلدة بيت لاهيا، شمال قطاع غزة، ينتظر السماح له بالسفر إلى ماليزيا للالتحاق ببرنامج الدكتوراه في علوم الأغذية "وهو تخصص نادر" منذ نحو عام ونصف.  أُدرج إبراهيم على قوائم المسافرين عدة مرات، وتمكن لمرة واحدة من السفر عبر معبر رفح، وعندما وصل إلى الجانب المصري، أعادته السلطات المصرية إلى قطاع غزة ثانيةً بحجة أنه لم يحصل على تذكرة طيران للسفر إلى ماليزيا.  توجه إبراهيم إلى هيئة الشؤون المدنية للحصول على تصريح للسفر عبر حاجز بيت حانون "إيريز" وانتظر أسبوعين قبل أن ترفض سلطات الاحتلال طلبه وتحرمه من السفر، وقد ناشّد المؤسسات الحقوقية في قطاع غزة للتدخل لدى سلطات الاحتلال للسماح له بالسفر، لكن جدوى.

وأخيراً: تظل معاناة الطلبة الفلسطينيين المحرومين من السفر إلى الخارج واحدة من الأزمات الإنسّانية الخانقّة والمتجّددة في قطاع غزة والتي لا تنتهي بفعل الحصار المفروض على القطاع.  ويتطّلع الفلسطينيون إلى أية إجراءات أو حلول يمكن أن تخّفف أو تنهي معاناتهم وتمّكنهم من العيش في بلدهم، وتّضمن لهم حرية التنقل والحركة المكفولة وفقاً لقواعد القانون الدولي وقانون حقوق الإنسان.