Menu

بطلاً كان أم ضحيةَ احتلال.. "مناصرة" طفلٌ وحسب !

التحقيق

بوابة الهدف_ بيسان الشرافي

فيديو جديد يُوثّق ما يُقترف بحقّ طفلٍ في الثالثة عشر من عمرِه، داخل غرفة تحقيقٍ "إسرائيلية" لم يتركب أيَ جُرمٍ ليصلَ إليها، بل زَجُه فيها هو الجرم بعينه.

هو الطفل الجريح أحمد صالح جبريل مناصرة، من سكان بيت حنينا ب القدس المحتلة، الذي اعتقل  بتاريخ 12 أكتوبر 2015، وهو على حافة الموت، بزعم محاولته طعن "إسرائيلي"، وبرغم شرعية فعل المقاومة هذا من قِبل مناصرة والذي كفله القانون الدولي الخاص بالأرض المحتلة –إن كان فعلها حقاً- إلّا أنّ أحمد دُهِس وتُرك ينزف دون علاج، ثمّ اعتُقل ومورست بحقّه شتّى أساليب التضييق والاستفزاز خلال الاحتجاز والاعتقال وصولاً لجلسات التحقيق.

هذه الدولة المُسمّاة "إسرائيل"، تُسرّب مقطعاً جديداً لجلسة تحقيقٍ مع أحمد لإجباره على الاعتراف، وبدا واضحاً في التسجيل صراخ المحقق بوجه الطفل الأسير، واتّهامه بالكذب وغيرها من طرائق الضغط النفسي والمعنوي، كما بيّن الفيديو ردود فعل أحمد الذي بدا غيرَ قادرٍ على تحمّل المزيد من الصراخ، حيث راح يُخبّط رأسه بكفّيه ويُقسم بأّنه لا يعرف ماذا يقول وأنّه لا يتذكّر ما جرى بسبب الضربة التي تلقّاها على رأسه، كما أظهر التسجيل الموثق بالصوت والصورة ومدّته 14 دقيقة، بكاء الطفل، حتى صار يُقسم بأنّ كل ما يقوله المحقّقون صحيحاً، في مقابل أن يتركوه وشأنه.

"إجرام متواصل.. واعترافات غير مقبولة"

بدورها رأت منسقة قسم الشكاوى بالهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، المحاميّة صبحية جمعة أن ما تقوم به "إسرائيل" بحقّ أحمد مناصرة، هو تغطية على الإجرام الذي ارتُكب منذ البداية مع هذا الطفل، وهو وما تابعه العالم أجمع بالصوت والصورة.

وقالت في حديثها لـ"بوابة الهدف"، تعقيباً على ما تضمّنه الفيديو: إنّ استمرار اعتقال الاحتلال للطفل مناصرة وتوجيه اتهامات إليه، والأخطر التحقيق الملتوي الذي فضحه الفيديو، وهذا كلّه ممنوع بموجب القوانين المحلية والدولية الخاصة باحتجاز الأطفال، ويعتبر ممارسات إرهابية بحقهم.

وأكّدت المحاميّة جمعة على أن أيّ محكمة بها قدر من النزاهة يجب ألّا تأخذ هذه الاعترافات الناتجة عن الضغط النفسي والمعنوي، وهذا أبسط مفاهيم حقوق الإنسان.

ولفتت المحامية العاملة بالهيئة المستقلةّ لحقوق الإنسان، إلى أن ما يجري مع الطفل أحمد مناصرة، هو نموذج فقط، وأن هناك العديد من الحالات التي ترتكبها "إسرائيل" وتنتهك بها حقوق الإنسان والقوانين المحلية والدولية كافة، وهي لا تُوثّق ولا تصل إليها الكاميرات.

حقيقة "تسريب الفيديو" !

المحاميّة صبحيّة جمعة، لمّحت إلى وجود هدفٍ ما وراء تسريب هكذا مقطع، يبدو للوهلة الأولى أنّه يُدين دول الاحتلال وأجهزتها، وهو ما أجاب عنه الناشط مصطفى النتشة في أحد منشوراته عبر موقع للتواصل الاجتماعي، أمس، تعقيباً على نشر الفيديو، بأنّ الغاية هي تخويف الفلسطينيين من الإقدام على تنفيذ العمليات ضدّ "الإسرائيليين" وخاصة الأطفال منهم.

ما تطرّق إليه النتشة، هو هدفٌ أثبتت عشرات العمليات الفلسطينية البطولية، عقمه وعدم فاعليّته، فالفيديوهات المماثلة تعمل عكسياً، حيث تشحن نفوس وإرادة وإيمان الفلسطينيّين، لينطلقوا بمختلف انتماءاتهم وأعمارهم، لإيلام الاحتلال ومستوطنيه بـ"العمليات"، وغيرها.

وهو أمرٌ يحدث يومياً، وحدث بالفعل صبيحة اليوم التالي للفيديو الأول لإصابة الطفل أحمد مناصرة، حيث تلاه 3 عمليات نوعيّة استهدفت جنود الاحتلال والمستوطنين، اثنتان  منهما في العاصمة المحتلة، وكانت الحصيلة مقتل 3 جنود على الأقل وعشرات الإصابات.

أحمد بطلٌ حرٌ.. ومُعلّم

وهُناك من يرى في أحمد مناصرة، الذي أدمى قلوب الملايين من المتابعين ممّن شاهدوا المقطع المنشور أمس، وممّن تابعوا المقطع الذي وثّق الجريمة "الإسرائيلية" التي ارتُكبت بحقه قبل نحو شهر، يرونه بطلاً حقيقياً، حرّاً، مُعلّماً، وهو ما نشره ناشطٌ من قطاع غزة عبر "فيسبوك"، والذي كتب أن أحمد انتصر على تقنيّات متعددة ومُجتمعة استخدمها المُحقق "الإسرائيلي" ضدّه، رغم عدم تلقّيه تدريباً على مواجهة التحقيق، وباستذكار عمره الصغير، فهو لم يدرس أساليب المحققين، مؤكّداً أنه و"بغض النظر عن الاتهامات التي ستُصدرها محكمة العدو العسكرية بحقه، يجب افتداؤه بأول صفقة لتبادل الأسرى".

واستعرض الناشط الغزّي التقنيّات التي استخدمها المحقق "الإسرائيلي" في الضغط على الطفل أحم، منها اللعب على الوتر الديني والأخلاقي حين صرخ المُحقّق بوجه أحمد"كذّاب.. بتحلف باسم الله كذب؟"، إضافة لمحاولات المُحقق تشتيت الطفل وإضعاف تركيزه، بتناوب 3 محققين في الحديث معه، واستعمال تقنيّة الصدمة عبر مواجهة الطفل بفيديو يُظهر صورته لحظة الحدث، والتضليل في البند الثاني من الاتّهام، بـ"مساعدة جهات معادية وقت الحرب" وهو ما قد يفهمه الطفل بشكل مُشوّش ويُدلي بعدها باعترافات.

"خطوات عمليّة"

من جهته أكّد رئيس نادي الأسير قدورة فارس في تصريحات صحفيّة، على أن خطوات عملية سوف تتخذ بالتشاور مع مؤسسات حقوقية عاملة في مجال الأسرى، رداً على تنكيل محققي "إسرائيل" بالطفل مناصرة، وهو ما أظهره المقطع المذكور، وتمهيداً لتقديمهم للمحاكمة، مطالباً بالإفراج الفوري عن الطفل الأسير، وتأمين خضوعه للعلاج الفوري.

وأوضح رئيس نادي الأسير أن ما يفضحه هذا الفيديو ليس جديداً، فهناك العديد من الجرائم تحدق داخل أقبية وغرف التحقيق مع الفلسطينيين بما فيهم الأطفال، ويأتي هذا المقطع ليفضح مُجدّداً جهاز القضاء العسكري للاحتلال في إلصاق التهم للأسرى الفلسطينيين.

وأفصح فارس عن آخر إحصائية للأطفال المعتقلين، حيث تجاوز عدد الأطفال الذين تعرضوا للاعتقال خلال شهر أكتوبر المنصرم 500 طفل.

وبين من يرى أحمد فلسطينياً آخر تُجرم بحقّه "إسرائيل" التي يجب محاسبتها وفضحها أمام العالم، ومن يراهُ بطلاً، يبقى مناصرة ذو السنوات الثلاثة عشر "طفلاً" وحسب !