Menu

"سيف القدس جسّدت وحدة شعبنا"

حوار"بوابة الهدف" تُحاور المُحرّر المقدسي شادي الشرفا: لن تتحقّق الوحدة دون ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي

أحمد نعيم بدير

الرفيق شادي الشرفا لحظة لقاء عائلته

القدس المحتلة _ خاص بوابة الهدف

تنسّم الأسير المقدسي الرفيق شادي الشرفا الحريّة قبل أيّام، وذلك بعد اعتقالٍ دام 20 عامًا في سجون الاحتلال الصهيوني، إذ حاول الاحتلال تنغيص فرحته فور الافراج عنه من خلال إعادة اعتقاله، ولكنّ الرفيق شادي بعزيمته وإصراره أمسى بين أحضان أمّه ورفاقه في أزقّة العاصمة القدس .

"يا سعدات طل وشوف.. هي رجالك ع المكشوف، واطلع يا قمرنا وهل.. وضوي ع المُخيّمات"، بهذه الهتافات استقبل أهالي القدس المُحرّر الشرفا الذي اعتقل بتهمة الانتماء للجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين، وبسبب مشاركته في عمليات كفاحيّة ضد الاحتلال ودفاعًا عن أبناء شعبه في ظل العدوان الصهيوني المُستمر على الأرض الفلسطينيّة وشعبها منذ احتلال الأرض في العام 1948..

المزاج الشعبي يميل نحو مقاومة الاحتلال

"بوابة الهدف الإخباريّة" حاورت الرفيق شادي، إذ أكَّد في بداية حديثه على أنّ عملية إعادة اعتقاله فور تحرّره كانت خطوة متوقّعة، ولكن هذه الخطوة لا تهدف فقط لتنغيص فرحة الأسير، بل خطوة مرتبطة بضعف هذا الكيان وخوفه من احتفالات استقبال الأسرى التي تحمل دلالات معنويّة كبيرة.

ولفت الرفيق شادي إلى أنّ الاحتلال لا يريد للناس أن تفرح بالمناضلين المحرّرين لتوِّهم من السجون، لأنّ كل هذه الاحتفالات والحشودات هي بمثابة استفتاء للمقاومة ولخيار المقاومة، فيما شدّد على أنّ الأسير هو أحد عناوين النضال الوطني الفلسطيني ومشهد استقبال الأسرى يعبّر عن الهويّة الفلسطينيّة.

وحول مشاهد الفرح الكبيرة التي شاهدناها في أزقّة القدس استقبالاً له، قال إنّ الرفاق والرفيقات وكل أهل القدس لم يخيّبوا أملي واحتفلوا بي واستقبلوني خير استقبال، لأنّ احتفالات استقبال الأسرى تؤكّد أنّ المزاج الشعبي يميل نحو تحدي الاحتلال ومقاومته، لكنّه عبَّر عن خشيته من أن تتحوّل هذه المسألة إلى فلكلورٍ شعبي فقط، أي أن يتم تنظيم مهرجان استقبال للأسير وكفى، لكن نؤكّد أنّ النضال الوطني هو السعي من أجل تحرير هؤلاء الأسرى وليس الاحتفال بهم فقط.

الأسرى يتعرّضون لشتى أنواع العذاب

وبيّن الشرفا خلال حديثه، أنّ الأسرى يتعرّضون لهجماتٍ متنوّعة بين الحين والآخر، ولكن بعد عملية "نفق الحرية" تصاعدت هجمة الاحتلال على الحركة الأسيرة وتم سحب بعض المنجزات، وعملية "نفق الحرية" هي عمل نضالي وسياسي بالأساس وليس فقط مجرّد عملية هروب من سجنٍ محصّن من أجل الحريّة، مُؤكدًا أنّ إدارة مصلحة السجون اتخذت مجموعة من القرارات والإجراءات العقابيّة التي رفضناها جميعًا وجهّزنا للإضراب المفتوح عن الطعام الذي كان من المفترض أن يبدأ أواخر شهر مارس، وبعد شهر ونصف من الحوارات الموحّدة مع كل فصائل العمل الوطني والإسلامي اتفقنا على تشكيل لجنة وطنيّة موحّدة لأوّل مرّة منذ 15 عامًا لتمثّل جميع الأسرى ومطالبهم، واتفقنا على اتخاذ سلسلة من الخطوات التصعيديّة في وجه مصلحة السجون والتحضير للإضراب المفتوح عن الطعام.

وقال إنّه وفي ظل كل هذا الضغط كانت معنويات الأسرى عالية جدًا، بالرغم من صعوبة وقساوة وخطورة الاضراب عن الطعام، وبعد سلسلة من الحوارات حقّقنا انتصارًا في أهم القضايا المرتبطة بالإجراءات الجديدة التي فرضتها مصلحة السجون والمستوى السياسي للاحتلال وبقيت ثلاث قضايا عالقة تم تأجيلها للنقاش في وقتٍ آخر.

وشدّد الشرفا على أنّ الأسرى دائمًا كانوا على أهبة الاستعداد للعمل والعطاء والصمود والتحدي والمواجهة داخل السجون من أجل تحقيق كافة مطالبهم، وهذا العنفوان المستمر لدى الأسرى يُعبّر عن قيمةٍ كبيرة، لذلك على القيادات الفلسطينيّة والمستوى السياسي الفلسطيني أن يقدّروا أنّ هؤلاء الأسرى يجب أن يكونوا جزءًا أساسيًا في صنع القرار السياسي فلديهم القدرات والإمكانيّات والإرادة.

تابعنا "سيف القدس" بكل فخرٍ واعتزاز

وأضاف الشرفا: "تابعنا معركة "سيف القدس" في أيّار العام الماضي بكل فرحٍ وفخر، وكلّما يحصل حراك أو تصعيد خارج السجون فهذا يعطي الأسير معنويات كبيرة جدًا، والحركة الأسيرة لا تقف موقف المتفرج بل تتفاعل مع الحالة وتُشارك في العملية النضاليّة خارج السجون قدر الإمكان، وفي شهر رمضان الفائت تجسّدت وحدة شعبنا بمعنى الكلمة، ورغم وضعه في "غيتوهات" معزولة ك غزة من جهة والضفة والقدس والقرى المعزولة حتى داخل الأراضي المحتلة عام 1948، أعطى دلالة واضحة بأنّنا شعب موحّد ويبحث عن الهويّة الفلسطينيّة".

كما أكَّد الشرفا على أنّ كل محاولات الاستيطان والاحلال والغاء الهوية الفلسطينيّة والأسرلة باءت بالفشل، وما جرى جدّد التذكير بأنّنا نواجه نظام "أبارتهايد" على كل مساحة فلسطين التاريخيّة، وحراك أهلنا في الداخل أكَّد على ذلك.

ورأى الشرفا أنّ حل القضية الفلسطينيّة لا يأتي من خلال ما يُسمى بـ"حل الدولتين"، ولكن يأتي من خلال إسقاط المشروع الصهيوني، وهذا هو شعارنا والاتجاه الصحيح الذي يجب على الجميع السير فيه، لذلك على القيادة الفلسطينيّة التي ما زالت تراهن على مسار التسوية أن تنظر بقليلٍ من الواقعيّة إلى أين وصلت الحالة الفلسطينيّة.

لا وحدة دون ترتيب البيت الداخلي

ولفت إلى أنّه لا يمكن تحقيق الوحدة دون ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي وهو منظمة التحرير بشكلٍ كامل وإعادة صياغة وبناء النظام السياسي الفلسطيني، مُشددًا أنّ منظمة التحرير ليست فقط تمثّل الكينونة والهوية، بل تمثّل اللجوء الفلسطيني وجوهر القضية الفلسطينيّة، مُشددًا أنّ التلكّؤ والمماطلة في إعادة بناء منظمة التحرير وفق اتفاق القاهرة 2005 هو نابع من فيتو أمريكي و"إسرائيلي"، ومن الواضح أن هناك جهة سياسيّة فلسطينيّة تريد أن تحتكر القرار الوطني وتُصادر القرارات وتمنع ترتيب البيت الفلسطيني.

وأردف الشرفا: "هذه الجهة السياسيّة خاطئة في حساباتها، وحل كل إشكالياتنا لا يتم إلا بالحوار، ويجب أن يأتي الحل من أسفل إلى أعلى وليس العكس، وعلى الجماهير الفلسطينيّة أن تتحرّك لكي تفرض على القيادة الفلسطينيّة إعادة ترتيب البيت الفلسطيني.

FPm5ROnWYA0RWRK.jpg
آن الأوان لإعادة بناء النظام السياسي

وفي ختام حديثه مع "بوابة الهدف"، رأى الرفيق شادي أنّه آن الأوان لإعادة بناء النظام السياسي، لأنّ شعبنا العظيم الذي يقدّم كل ما يملك في سبيل تحقيق أهدافه الوطنية لا يستحق كل ذلك، موجهًا تحيّة فخرٍ واعتزاز لكل أبناء شعبنا الفلسطيني في المُخيّمات والمدن والقرى داخل الوطن والمهجر.

ويُشار إلى أنّ الرفيق شادي اعتقل بتاريخ 6/4/2002 بعد رحلةٍ نضاليةٍ حافلة، ومطاردة من قبل الاحتلال استمرت لأكثر من عام، وحكمت عليه محكمة العدو بالسجن لمدة 20 عامًا، وسبق له أن شارك في حرب الأمعاء الخاوية أكثر من مرة، وقد تنقل في معظم السجون.

كما واجه الأسير الشرفا كغيره من الأسرى سياسة الإهمال الطبي المنظم الذي تمارسه سلطات الاحتلال التي منعته من تلقي العلاج المناسب لعينه حيث يعاني من مشاكل في القرنية، ورغم اعتقاله واظب شادي على مسيرته التعليميّة، وحصل على شهادة الثانوية العامة، ودرس في الجامعة العبرية المفتوحة، وانضم لإحدى الجامعات العربيّة واجتاز العديد من الدورات المهمة، والعام الماضي حصل على شهادة الماجستير في الدراسات الإقليمية من جامعة القدس بتقدير جيّد جدًا.

FPmScnEXMAAX4ZU.jpg