Menu

هل نتعجل بالقول باي باي للهيمنة الأمريكية؟ (الجزء الثاني)

أحمد قطامش

بعد أن استطالت العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا إلى أكثر من خمسين يوما بين الاتحاد الروسي وحلف الناتو بقيادة الولايات المتحدة، خليّق التعرض لأربعة أبعاد: ماذا حصدت؟ آثارها على روسيا والغرب بشكل خاص وعلى العالم بشكل عام، ديناميتاها المتوقعة، اسقاطاتها على العرب وفلسطين.

ماذا حصدت؟

 بات من نافل القول التطرق للعوامل التي دفعت القيادة الروسية لهذا القرار الاستباقي، وكذا الحال الأهداف التي حددها القائد الروسي بوتين في خطابه الأول... فمن جهة تم حماية الدونباس من مذبحة جماعية بعد أن حشدت أوكرانيا أكثر من 100 الف جندي على الحدود، بما فيها عشرات الآلاف  من المتطرفين (النازيين الجدد) إذ جرى تكبيد هذه القوات خسائر كبيرة واجبارها على التقهقر بما ضاعف من مساحة الجمهوريتين الشعبيتين (دونتسيك ولوجانسك)، وهي أراضٍ روسية قبل مئة عام بما يشكل نحو 35 ألف كم2، 6% من مساحة أوكرانيا، أي مساحة فلسطين التاريخية مرة وربع المرة. وآخر الانتصارات تحرير معظم ماريوبل وميناءها فلم يتبقَ سوى المنطقة الصناعية والمعارك  في الدونباس لن تسكت مدافعها إلا بعد دحر ما تبقى من القوات الأوكرانية التي لم تنفك تسيطر على مساحات واسعة  وصولا إلى الحدود الإدارية.

 وكتحصيل حاصل سيطرت القوات الروسية على بحر آزوف، ومن المرجح أن تمتد لميناء ومدينة أوديسا (مليون نسمة) مركز صناعي وأغلبية سكانها ناطقون بالروسية، وبذلك تعزل أوكرانيا عن البحر الأسود، بما يحرم البوارج الأمريكية من منفذ بحري لأوكرانيا، تزامناً مع ذلك ربما تتقدم نحو مقاطعة  خاركوف (1.5 نسمة غالبيتهم من أصول روسية هي أكثر مركز اقتصادي وثقافي وعلمي قريب من الحدود الروسية)، وبذلك لا يتبقى من المدن الكبيرة سوى العاصمة كييف. وكلما تقدمت القوات الروسية ميدانيا إنما تقصّر الطريق نحو التسوية السياسية، ومن غير المتوقع ان تتبدل دراماتيكيا المعطيات على الأرض، رغم كل الدعم العسكري الغربي المتنوع للجيش الأوكراني والكتائب النازية.

يمكن إطالة الحرب ومضاعفة الخسائر من الطرفين، أما تغيير ميزان القوى   فهذا متعذر، إذ إن الجيش الروسي متفوق في كافة الميادين، رغم اعتراف  منسق حلف الناتو: أن الحلف يدرب ويسلح ويموّل الجيش الأوكراني منذ 2014، دون أن يثبت هذا الجيش قدرته على الصمود ولو في  معركة واحدة، علما أن 10% فقط من الجيش الروسي يشاركون في العملية الخاصة، ناهيكم أن سلاح الجو الروسي لم يتدخل إلا على نطاق محدود وصواريخ س 400 وس500 في المخازن والكثير من المنظومات العسكرية، فضلا ان روسيا ليست بحاحة لاستخدام الصواريخ النووية الاستراتيجية التي أصبحت في حالة تأهب و(موجهة نحو واشنطن ونيويورك وليس كييف)، الفيلسوف الكساندر دوغين.

 

ولو أفرط زيلينسكي في الصراخ، لن يشارك حلف الناتو مباشرة في الحرب، ذلك أن الحرب في هذه الحالة تنتقل إلى نووية تنهي الحضارة الإنسانية. فالدول العظمى والكبرى لا تنتحر من أجل وكيل محلي مهما عظم شأنه وتدرك معنى "الردع المطلق" فيما بينها، فأقصى ما يمكن الحصول عليه هو استمرار الدعم المتنوع من الغرب وظهور بايدن يوميا على شاشات التلفزة معلنا إرسال شحنات عسكرية جديدة ومليارات جديدة لكييف، وهذا حال أوروبا... أما الفيلق الدولي من المرتزقة، فمحكوم عليه بالموت الجماعي شأن النازيين الجدد، والنموذج هو ماريو بول. فالروس عازمون على الانتصار ليس على أوكرانيا بتوجهاتها النازية وتطلعها للانضمام للحلف الأطلسي فقط، بل وعلى الهيمنة الامريكية، فالحرب لديهم (حياة أو موت) لافروف.

وقد تجلى بسفور أن روسيا دولة عظمى لا يجرؤ حلف الناتو على مواجهتها عسكريا، أما امتداده في شرق أوروبا فهو بلا شك تعزيزاً لوزنه وتطمينا لحلفائه ويمهد لنصب صواريخ نووية على حدود روسيا الغربية، بما سيدفع روسيا لنصب صواريخ  نووية مقابلة، إنها لعبة عض أصابع دون أن ترقى لإشعال النار النووية.

                                   ****

بلا ريب أن للأزمة الأوكرانية تأثيرات عديدة، يمكن التعريج لما هو جوهري في البعد الاقتصادي. أجل ثمة أضرار اقتصادية سواء على روسيا أو على الغرب والعالم، فالحرب التي أعلنتها العواصم الغربية على موسكو  بما يسمى خمس أو ست حزم من العقوبات التي شملت إخراجها من نظام التحويلات النقدية سويفيت ومقاطعة بعض صادراتها وتجميد نحو 300 مليار$ من أموالها، سواء كانت للقطاع الخاص أو للبنك المركزي ووقف عمل استثمارات الكثير من الشركات الغربية في روسيا ووو ... قد عاد بخسائر جدية على موسكو، ناهيكم عن الحرب الإعلامية الأشبه بطوفان من الأخبار التضليلية التي شاركت فيها وسائل الإعلام الغربية وتوابعها في أرجاء العالم، وصولا لإغلاق وكالات الأنباء الروسية وحجب محتواها... وهندسة عقول البشرية بما يخدم السردية الغربية وشيطنة روسيا وتشويه ثقافتها وسمعة جيشها.

ومن جانب آخر، ثبت بالملموس أن أوروبا المستورد الأول للصادرات الطاقية الروسية من غاز ونفط، غير قادره على الاستغناء عنها، بل لقد ارتفع سعر الغاز 10% والنفط أكثر من 25% وبلغ التضخم في أوروبا وامريكا حتى اللحظة نحو 10%.  صحيح ان نسبة من التضخم في روسيا، كما أن الروبل خسر في البدايات 40% من قدرته الشرائية، غير أن قرار اعتماد الروبل في المبادلات التجارية الخارجية، أعاد له عافيته وقلص من نسبة التضخم، وروسيا شرعت في توسيع السوق الداخلية وفتح أسواق خارجية جديدة كما إدارة الشركات الغربية التي أوقفت نشاطها... الخ.

 لكن من المتوقع أن ترتفع أسعار المواد الغذائية في السوق العالمية، مثلما من المتوقع أن تشهد أسواق بعض بلدان الجنوب نقصا في وارداتها من القمح والذرة والشعير والسماد، وهذا ما يفسر زيارة وفد من الخارجيات العربية  لموسكو، ارتباطا بتقلص الواردات من روسيا وأوكرانيا (تشكلان معا أكثر من 25% من الإنتاج العالمي).

المعطيات كثيرة هنا، ولكن يمكن القطع أن المخطط الغربي سيما الانجلو ساكسوني الأمريكي – البريطاني لتدمير الاقتصاد الروسي، قد أخفق شر اخفاق، ويمكننا المتابعة في الأسابيع المقبلة لمعرفة فيما إذا كانت الخسائر الاقتصادية هي الأكبر على روسيا أم على أوروبا وأمريكا. فالسوق الروسية واسعة ومتنوعة كما أن ثمة تبادل تجاري متنامي وبمئات المليارات مع الصين والهند (35% من سكان الأرض)، وكذا إيران وبلدان عديدة في أمريكا اللاتينية وافريقية وأسيوية وعربية... والشعاراتية الأمريكية أن لدى أمريكا قدرة على تعويض الطاقة الروسية، لم تثبت مصداقيتها، ناهيكم أن أسعار الغاز المسال هو أضعاف الغاز الروسي، وتوجه أمريكا لفنزويلا وإيران هو فرصة لهما لرفع العقوبات عنهما دون المساس بالتدفقات الروسية (روسيا أكبر منتج للنفط والغاز). ورداً على الحاح بايدن وتلميذه المستجد زيلينسكي أن على أوروبا مقاطعة الطاقة الروسية، صرح المستشار الألماني (هذا مستحيل) وشيء مشابه أعلنته فرنسا وإيطاليا وهنغاريا وصربيا والنمسا... فالمصانع والمواصلات والتدفئة والإنارة تحركها الطاقة لا الشعارات.

اما عن الخسائر العسكرية والبشرية فهي كبيرة، وبداهة أنها لدى الأوكرانيين اعلى بثلاث أو أربع مرات عن روسيا، وهذا ما يفسر تقهقرهم ميدانيا بعيداً عن الفبركات الإعلامية، آخذين بالحسبان أن القصف الروسي يستهدف أول ما يستهدف القدرة القتالية والقيادية ومنظومات الصواريخ والطائرات وخطوط القتال وليس الثكنات العسكرية. وكما أشار الرئيس بوتين (إننا شعب واحد)، ومن هنا انتشرت الممرات الآمنة ومقولة (إلقوا سلاحكم وعودوا لمنازلكم)، ولئن كانت المجموعات المتطرفة أكثر عناداً، فهل يستمر زيلينسكي بالقتال من أجل القتال وأنه صدق أن الجيش الأوكراني يحقق الانتصارات؟ ولماذا لا يتجاوب مع مساعي إخراج المتطرفين من المنطقة الصناعية في ماريوبل  بدل أن يحكم عليهم بالإبادة الجماعية؟ وماذا يقلق أمريكا البعيدة والاتحاد الأوروبي لو سفكت المعارك المزيد من دماء "الشعب الواحد"؟ ألم تكن روسيا وأوكرانيا بلداً واحداً والتزاوج بينهما؟

 ديناميات متوقعة

سوف تستمر المعارك على الأرض، وسوف تتقدم القوات الروسية ميدانيا باتجاه مدن جديدة ومساحات جديدة وسوف يتم تحرير الدونباس إلى حدوده الإدارية، فالميدان يقرر في نهاية الأمر النتائج السياسية، وسوف تتواصل المساعدات الغربية المتنوعة، بما فيها الخبراء وستتواصل الحرب الاقتصادية والمعنوية على روسيا. إن حفل الدمار والدماء لن يتوقف إلا بعد أن يصحو الرئيس الأوكراني ويستجيب للمطالب الروسية، ويدرك حقيقة أن النظام الدولي يتغير، وأن تعددية قطبية تتشكل، وفيما يتراجع تأييد بايدن إلى 30% ارتفع تأييد بوتين إلى70%. إن جوهر الحرب في أوكرانيا ليس بين روسيا وأوكرانيا، بل بين روسيا والهيمنة الامريكية، وقد أفصحت العواصم الغربية، بأن هدفها الأساس هو "خنق روسيا وتفكيكها"، فيما أعلنت موسكو أن هدفها هو "القضاء على الهيمنة الأمريكية"، أي أن ما يدور هو أكبر من أوكرانيا ويتصل بخيارات البشرية.

تخوض أمريكا ومن معها حربا ضروس للحفاظ على هيمنتها، ولكن هذا بات في عداد الأوهام، ذلك أن مخططها أخفق في الشرق الأوسط، سيما في سوريا وإيران وأفغانستان... ومن قبل أخفقت في أمريكا اللاتينية، حيث فاز اليسار بثمانية عواصم والبرازيل على الطريق وربما كولمبيا. أما المتغير الأعظم فهو صعود الصين التي بات إنتاجها يعادل إنتاج أمريكا (22 تريليون سنويا) ولديها رصيد 3.5 تريليون، فيما مديونية أمريكيا 32 تريليون حسب آخر الإحصاءات وقوة عمل الصين 850 مليون، فيما قوة عمل أمريكا أقل من 170 مليون بما لحجم قوة العمل من إنتاجية.

أمريكا عملاق ضخم مثل أخيل في الأدب الإغريقي، ولكن تنخره أزمات داخلية عديدة بما فيها (احتكار 3% - 90% من الثروة) من جهة، وهي غير قادرة على مواصلة الهيمنة الخارجية والتفرد بالقرار العالمي من جهة أخرى، كما سنوات المشمشية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وهناك تساؤلات جدية عن مستقبل النموذج الاقتصادي – الثقافي الأمريكي، فروسيا والصين وأكثر من نصف القارة اللاتينية وإيران وفيتنام وكوريا الديمقراطية...  تعلن صراحة: لا نريد نموذجك الليبرالي الجديد ولا الفردية المنفلتة ولا أخلاقيات الاستهلاك ولا أن الربح هو المقدس الوحيد ولا شوفيينية أن أمريكا فوق الأمم.. (ولا داعي أن تفكروا، فأمريكا تفكر لكم ولا داعي أن تنتجوا فأمريكا تنتج لكم) بريجنسكي مستشار الأمن القومي في زمن كارتر... ولا فبركات إمبراطورية  الإعلام ولا تحرر الأفلام من أية ضوابط ولا التحكم بالسوشال ميديا، فللبشر حرية أن يختاروا نمط حياتهم، ضمن هويتهم وخصائصهم، دون نمذجة مرسومة في دولة أخرى. نعم للتلاقح الثقافي والتعددية ولا لإسقاطات ثقافة واحدة (فليس هناك ثقافة أفضل من ثقافة) جارودي، لأن الثقافات انعكاس للمسارات الحضارية المتنوعة. وعليه، فاتفاقية بريتون وودز 1944 التي اعتمدت الدولار كعملة عالمية لم تعد تستجيب اليوم لما نشأ عن الأزمة المالية – الاقتصادية 2008، وثمة العديد من البلدان الكبيرة تدعو لعملة جديدة والتبادل حسب العملة القومية. أما أخلاقية "اللهم نفسي" في مواجهة فايروس كورونا، فلا تستجيب لحاجات الشعوب التي تتطلب التضافر والتضامن، وهذا حال أزمة المناخ وارتفاع درجة حرارة الأرض والجفاف والتصحر... ناهيكم عن تضخم الجيوش والموازنات العسكرية ورعب السلاح النووي، فيما الفقر يناهز 2 مليار نسمة ومتوسط الأعمار بالكاد 40 سنه في إفريقيا...

منعكسات الحرب الروسية – الغربية في أوكرانيا على العرب والقضية الفلسطينية

يتوجب تخطي النظرة الميكانيكية والانعزالية التي لا ترى الترابط، فالعالم بنية وسلسلة مترابطة وما يحصل في حلقة يترك بصماته على الحلقات الأخرى وإن بتفاوت. فلو افترضنا نجاح أمريكا والغرب (بخنق الاقتصاد الروسي وتفكيك روسيا)، يمكن حينها التصور أن سوريا وإيران سوف تخسران، حليفا وصديقاً، بما سيجعلهما تواجهان الضغوط الأمريكية – الإسرائيلية، دون اسناد هذا الصديق – الحليف، وبالتالي فقدان محور المقاومة لهذا السند، الأمر الذي من شأنه أن يضعف قوة هذا المحور وقدرته على دعم خيار المقاومة في لبنان وفلسطين واليمن، بما يفضي إلى إضعاف هذا الخيار ومواجهته المزيد من التحديات والعربدات.

صحيح أن روسيا ليست طرفا في محور المقاومة ولها علاقات جيدة مع تل أبيب وهناك مليون وربع المليون من أصل روسي وجمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق (يجري تهويدهم بتدرج ذلك أن ثلثيهم ليسوا يهوداً، فالأم غير يهودية)، ولكن دعم روسيا لسوريا وإيران هو على النقيض من مصالح تل أبيب، وبالتالي فصمود سوريا وإيران إنما عزز من صمود وقوة حزب الله ومن إمكانات المقاومة في غزة والقدرة القتالية في اليمن... ودور حزب الله يتعدى تحرير الجنوب اللبناني والمشاركة الفاعلة بالدم في مواجهة (الحرب الكونية) على سوريا، وحماية لبنان من الانصياع للإرادة الأمريكية – الإسرائيلية، بل هو يتقدم الصفوف، بما يراكم من إمكانات في التحضير "للمواجهة الكبرى"، حيث لقائده الاستراتيجي والمتمرس والمصداق دور المهماز الذي لا يلين، بما يقوي بالتالي، روح التحرر في الساحة الفلسطينية بعد أن ارتقت العلاقات بين خنادق محور المقاومة إلى الاسترشاد برؤية مشتركة...

أما في حالة انتصار روسيا، ومقاربتي تذهب في هذا الاتجاه، رغم الثمن العظيم، فسوف تتراجع الهيمنة الأمريكية وقدرتها على ممارسة الضغوط على الشرق الأوسط، بما يدفع العديد من الحكومات للتفلت والتمرد على الاملاءات الأمريكية، وقد أصبحت أمام عدة خيارات، فهي غير ملزمة للانصياع  لخيار واحد، ويمكن أن تصبح موسكو بوابه ومزارا لقوى كانت وسطيه أو مرعوبة حتى الأمس القريب، علاوة على القوى والأنظمة المناهضة للإمبريالية، على قاعدة التقاطعات والمصالح المشتركة، كما يكرر المنظر الكبير دوغين (تسع لغات و60 كتاب).

ومن جانب آخر، سوف ينعكس ذلك على الصين، المنافس الأول لأمريكا، ليس بنهوضها على كافة الصعد والضخ الذي يشكله طريق الحزام، بل لنموذجها، إذ يقودها حزب شيوعي مكون من 96 مليون عضو وأكثر منهم شبيبة، واقتصاد هو خليط من الاقتصاد الاشتراكي والرأسمالي ورأسمالية الدولة والتعاوني والملكيات الصغيرة، أما قطاع الدولة فهو القائد.. و (لا مستقبل للصين دون الاشتراكية) قرارات الحزب الشيوعي، والثقافة الماركسية – ال لينين ية والماوية والاشتراكية بطبعه صينية، والتضامن ورفض الهيمنة الإمبريالية (الأمر يتطلب مقالة منفصلة).

ويمكن القول بأن الانعكاس المباشر والفوري هو على تايوان التي تراها الصين جزءاً من الوطن التاريخي، ولا تتهاون مع التحريضات الامريكية التي تشجعها بأن تعلن استقلالها، وكذا الصراع على بحر الصين الجنوبي والتحالفات الأمريكية مع عدد من دول الشرق الأقصى لتطويق الصين سيما اليابان وأستراليا. ومن الطبيعي أن تتعزز وتتوسع العلاقات الصينية – الروسية (إنها اكثر من تحالف) وزير الخارجية الصيني، وربما يتعزز أيضا محور البريكس: الصين، روسيا، الهند، جنوب إفريقيا والبرازيل وانضمام اطراف أخرى إليه، ومن هنا نرى تصريح وزير خارجية الهند (نحن أدرى بمصالحنا القومية)، رداً على المطلب الأمريكي بإبعاد الهند عن روسيا.

ويمكن التذكير ختاما، بما قاله الوزير الروسي لافروف للدكتور شعث منذ سنوات، عندما طلب الأخير من الأول المساعدة (كيف نساعدكم وأنتم تتفاوضون مباشرة وتحت المظلة الأمريكية؟ تعالوا إلى الأمم المتحدة)، وفي هذه الكلمات متسع لأن تفكر القيادات العربية والفلسطينية، بإمكانية الإفادة من صعود الصين وفوز روسيا.. فثمة معادلات جديدة في طور الولادة، ففلسطين هذا البلد الصغير هو عقدة مواصلات للسياسات الإقليمية والدولية سواء كانت صديقة أو معادية، لا يمكن المرور في الإقليم دون المرور من بوابتها.