أثار تأجيل انتخابات مجلس الطلبة في الجامعة الإسلامية خلال العام الدراسي الحالي التكهنات حول إمكانية إجرائها في جميع جامعات قطاع غزة الفصل القادم بناء على توافق مع عدد من الأطر التي قاطعتها سابقًا، خاصة أنّ التأجيل جاء عقب إعلان للفصائل الفلسطينية بتاريخ 3 نيسان/ أبريل 2022 أكد البدء بالعمل على إنجاز توافق وطني طلابي على إجراء الانتخابات الطلابية في جميع جامعات قطاع غزة وفق مبدأ التمثيل النسبي الكامل. علمًا أنّ الفصل الدراسي التالي يبدأ خلال الأيام الأولى لشهر أيلول/ سبتمبر من كل عام.
لم تجر الانتخابات الطلابية في قطاع غزة تاريخيًا بشكل منتظم، ومنذ الانقسام الفلسطيني عام 2007، تعطلت في كل من جامعات الأزهر، والأقصى، و القدس المفتوحة، فيما انتظمت وسط مقاطعة كل مكونات الحركة الطلابية في الجامعة الإسلامية؛ حيث تنجح فيها الكتلة الإسلامية بالتزكية.
ساهم تفعيل سكرتاريا الأطر الطلابية، العام 2009، ومبادرة النائبين في المجلس التشريعي، جميل المجدلاوي وجمال الخضري التي تضمنت الاتفاق على أن يكون النظام الانتخابي وفق التمثيل النسبي الكامل الذي تعتمده جامعة النجاح بنابلس، وعلى آلية تشكيل مجلس الطلبة وفق مبدأ مؤتمر المجلس في إعادة طرح ملف الانتخابات الطلابية، إلا أنّ التنفيذ اصطدم بعقبة الاشتراطات المسبقة للكتلة الإسلامية والشبيبة الفتحاوية حيث اشترطت الأولى إجراء انتخابات متزامنة في جامعتي الأزهر والإسلامية، بينما اشترطت الثانية ضمانات أمنية بعدم ملاحقة كوادرها، وفتح مقراتها في قطاع غزة.
ويرى الباحث أحمد الطناني، الذي أعدّ ورقة بعنوان: "الانتخابات الطلابية في جامعات قطاع غزة: التحديات والفرص" في مقابلة مع "الهدف" أنّ بيان الفصائل، في نيسان/ أبريل الماضي، يعزز فرص التوافق على صيغة اتفاق لتحقيق اختراق في ملف الانتخابات الطلابية في القطاع" مشددًا على أنه مشروط بالقدرة على التوصل عبر الحوار إلى قواسم مشتركة تذلل أمام إجراء الانتخابات الطلابية في جامعات قطاع غزة.
وأشار الطناني إلى أنّ "أول هذه العقبات هي موقف حركة حماس المعلن من إجراء الانتخابات في كافة الجامعات وفقًا لمبدأ التمثيل النسبي، وتفضيلها للمزامنة بين الجامعات الكبرى، وخاصة جامعتا الأزهر والإسلامية"، معتبرًا أنّ توقيع الفصائل يشير إلى استعدادها لفتح حوار جاد حول إجراء الانتخابات الطلابية في جامعات قطاع غزة.
ولفت الطناني إلى أنّ ثاني هذه العقبات يتمثل في موقف حركة فتح، فمع أنها لا تنفي وجود تحسن نسبي في ملفي الاعتقالات السياسية والمقرات الحزبية، فإنها لم تتراجع عن مطلبها بتوفير "ضمانات أمنية" لحرية العمل النقابي، وأنها ما زالت تربط الموقف من الانتخابات الطلابية بتوافق وطني شامل على القضايا السياسية العالقة، وليس الطلابية فقط.
بدوره، أشار مسؤول العلاقات الوطنية في حركة الشبيبة الفتحاوية في قطاع غزة سليم الأغا، في مقابلة مع "الهدف" إلى أنّ الانتخابات في جامعات قطاع غزة معطلة منذ 15 عامًا، لافتًا إلى أهمية تأثير مشاركة الطلبة في العملية الانتخابية داخل الجامعة وانعكاساته على مشاركتهم ووعيهم السياسي خارجها، مشددًا على أنّ فرص إجراء انتخابات في قطاع غزة في السنوات الأولى للانقسام كانت معدومة، إلا أنّ الحوارات مؤخرًا تشير إلى إمكانية إجراءها.
واستدرك: نريد أن نذهب إلى إجراء انتخابات تساهم بشكل حقيقي في تعزيز دور الحركة الطلابية، على اعتبار أنها ركيزة أساسية في المشروع الوطني الفلسطيني، مؤكدًا على أنّ وظيفة الجامعة لا تقتصر على تدريس المساقات التعليمية للطلبة بل يتوجب أن تكون رافعة للمشروع الوطني الفلسطيني بحيث تكون هذه الانتخابات تعبيرًا حرًا من الطلبة عن واقع الشارع الفلسطيني، لافتًا إلى أنّ مطالبات الشبيبة الفتحاوية تأتي في سياق تحسين شروط إجراء هذه الانتخابات وخلق أرضية وبيئة مناسبتين لتحقيقها، مؤكدًا أنّ خيار الذهاب إلى إجراء الانتخابات في الجامعات الفلسطينية هو خيار استراتيجي بالنسبة لحركته، معبرًا عن آماله أنّ يكون كذلك بالنسبة إلى الكتلة الإسلامية بعيدًا عن الذرائع ووضع العراقيل.
بدوره، أكد رئيس الكتلة الإسلامية في قطاع غزة محمد فروانة أنّ العمل جارٍ مع الأطر الطلابية كافة لإطلاق مسار كامل ومتكامل يعيد العملية الديمقراطية في كل جامعات قطاع غزة بمشاركة القوى الوطنية والإسلامية ومؤسسات ذات صلة، لافتًا إلى أن نتائج هذا المسار قد تظهر في فرصة قريبة، مشددًا على أنّ الانتخابات أولوية بالنسبة للكتلة الإسلامية في هذه الفترة.
وأشار فروانة إلى أنّ الكتلة تدعم تفعيل الانتخابات الطلابية في جامعات قطاع غزة وفق نظام التمثيل النسبي، معتبرًا أنه يضمن تمثيًلا لجميع مكونات الحركة الطلابية، مؤكدًا أنّ الكتلة أحد أول الأطر التي طالبت بتطبيقه على مدار السنوات.
وأوضح فروانة أنّ أسبابًا عدّة تسببت في تعطل الانتخابات الطلابية في بعض جامعات قطاع غزة، لافتًا إلى أنّ هذه الأسباب بعضها يتعلق بالأطر الطلابية ذاتها والآخر يتعلق بإدارة الجامعات.
ولفت إلى أنّ أحد الأطر الطلابية وضع شروطًا مسبقة للمشاركة في الانتخابات كالضمانات الأمنية أو فتح مقراته في إشارة إلى شروط الشبيبة الفتحاوية، معتبرًا أنها مجرد عراقيل، متهمًا إياها بتنفيذ قرارات تهدف لعرقلة أي عملية ديمقراطية في قطاع غزة بشكل متعمّد.
وفيما يتعلق بالأسباب التي تتعلق بإدارة الجامعات، قال فروانة إنّ بعض الجامعات تعطل الانتخابات الطلابية في قطاع غزة لتتفرد في الطالب وتفرض قراراتها عليه دون وجود أي جسم يساعده في رد أي قرارات تتعارض مع مصلحته.
لا شك بأن اتفاق ست قوى سياسية فلسطينية على فتح حوار من أجل إجراء الانتخابات الطلابية بجامعات قطاع غزة، يعزز فرص التوافق على صيغة اتفاق لتحقيق اختراق في ملف هذه الانتخابات، من شأنه تذليل العقبات التي حالت، ولا تزال، دون إجراء الانتخابات الطلابية في الجامعات، وهي خطوة مهمة على طريق تفعيل الحياة الديمقراطيّة ليس على مستوى الحركة الطلابية فحسب بل على المستوى الوطني.