Menu

المُوازنة العامة لـ2016: الأمن و"أخرى" تستحوذان على "جيب المواطن"

تعبيرية- غزة

بوابة الهدف _ وكالات

كشفت ورقة عمل تحليلية خاصة بالموازنة العامة لعام 2016 عن مشاكل كبيرة في الموازنة، بدءاً من التخطيط لها، ومروراً بنشرها والإفصاح عنها، وتفاصيلها، وقانونيتها، وليس انتهاء في أرقام عشوائية غير مفصلة حُشرت في ثناياها تحت بنود غامضة كبند "أخرى" الذي يستحوذ على أرقامٍ خيالية دون تفصيل.

وأوضحت الورقة التي أعدها الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة العامة خلال ورشة عمل نظمها منتدى الإعلام الاقتصادي وجود مشكلة حقيقية في تطبيق مبادئ الشفافية المتعلقة، وفقا لقانون رقم (7)  لسنة 1998، وكذلك في تطبيق القانون في عرض مشروع الموازنة على المجلس التشريعي قبل شهرين من انتهاء العام، وعدم انتهاج القائمين عليها للشفافية والمشاركة المجتمعية في دورة إعداد الموازنة العامة، أو في توفّر البيانات الخاصة بالحسابات الختامية للموازنات السابقة أو التقرير المدقق.

وأشارت الورقة إلى أن الجهات المعنية لم تتقيد بالمواعيد القانونية لإعداد وإقرار مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2016، حيث لم يتم تقديم مشروع الموازنة الى المجلس التشريعي في بداية شهر تشرين ثاني/ نوفمبر 2015 وفقاً لأحكام المادة (3/أ) من قانون تنظيم الموازنة.

كذلك لم يتضمن مشروع الموازنة 2016 قائمة بالأهداف الاقتصادية والاجتماعية التي تنوي السلطة الوطنية الفلسطينية تحقيقها كلياً أو جزئياً من خلال مشروع الموازنة.

وأصدرت الحكومة موازنة المواطن، ولكن في شهر 6/2016، وباللغة الانجليزية فقط، وهذا يخالف الهدف منها، فمن أسس إصدارها ان تكون بلغة مبسطة وموجهة للمواطن، فهل الهدف منها فقط إشارة للدول المانحة بالتزام وزارة المالية بإصدارها.

يشار إلى أن وزارة المالية لم تنشر ثلاث وثائق مهمة من أصل ثمانية تتعلق في الموازنة وهي: (التقرير النصف سنوي) إذ ان ما تنشره وزارة المالية هو تقرير تراكمي لنصف العام، وهذا لا يلبي شروط ومعايير التقرير نصف السنوي، وتقرير نهاية السنة (الحساب الختامي)، تبعا للقانون الاساسي وقانون الموازنة العامة، يجب ان تصدر وزارة المالية والتخطيط الحساب الختامي لموازنة العامة 2015 في نهاية الاتم 2016، وهذا لم يتم.

أما التقرير الثالث الذي لم ينشر فهو (التقرير المدقق)، وكان آخر تقرير مدقق صدر في العام 2016، هو تقرير العام 2011، وتبعا للأحكام القانونية يجب ان يصدر تقرير العام 2014، وهذا لم يتم.

وكشفت الدراسة ان اجمالي صافي إيرادات الموازنة العامة 2016، كانت أعلى من المخطط، وحققت (13,581.4) مليون شيكل، في حين كان المخطط في موازنة 2016 (11,188.0) مليون شيكل.

ومن خلال تحليل مبنى الإيرادات نلاحظ ان هناك زيادة عن المقدّر في كل من الإيرادات المحلية وإيرادات المقاصّة، إ ارتفع اجمالي الإيرادات المحلية عن المخطط بنسبة (148%)، في حين ارتفع اجمالي إيرادات المقاصة بنسبة (108%) .

وخلُصت الورقة التحليلية إلى وجود ارتفاع في اجمالي صافي الإيرادات في العام 2016، مقارنة بالمقدّر في موازنة العام 2016، او مقارنة بالمتحقق فعليا في موازنة العامة 2015، وهذه مؤشرات جيدة، وان كان جزء من تلك الإيرادات هو لمرة واحدة.

وفيما يتعلق بالتمويل الخارجي، أوضحت الورقة أنه على رغم التقديرات المنخفضة للتمويل الخارجي، إلا أنّ المتحقق فعليا ما زال ايضا اقل بكثير من المقدّر، وهذا الأمر يخلق مشكلتين، الأولى تتمثل بزيادة العجز في الموازنة العامة، والثانية تتمثل في مصير الخطط والبرامج وخاصة التطويرية والتي لم يصل التمويل التطويري الخاص بها.

ويلاحظ أن اجمالي النفقات المتحقق في ارتفاع، وارتفع عن نسبة الـ (108%) عن المخطط، رغم حديث الحكومة المتكرر عن ترشيد النفقات وإطلاقها خطة لذلك في العام 2016، علما بان اجمالي النفقات وبما فيها النفقات التشغيلية "السلع والخدمات" لم تنخفض بل بالعكس ارتفعت، كل ذلك في ظل عجز الموازنة العامة ووجود فجوة تمويلية تحدثت الحكومة عن ردمها بترشيد النفقات.

وعن صافي الإقراض، ذكرت الورقة "أن صافي الإقراض له تأثير واضح على الموازنة العامة، وفي الأعوام الأخيرة به تزايد مضطرد، وتحيط به حالة غموض كبيرة، وفي كل عام تكون قيمته أكبر من المخصص وبشكل غير طبيعي ودال إحصائياً، لذا توجد ضرورة لمعرفة أين تذهب هذه الملايين والتي فاقت في العام 2016 عن المليار شيكل، وهو بند يستنزف الموازنة العامة، وارتفاع تقديراته مؤشر على ضعف المساءلة والمحاسبة للمسببين في تبذير المال العام في هذا الملف الهام، وترشيده أمر هام جدا في خطة التقشف والترشيد لسد عجز الموازنة".

وبينت الورقة أن الاقتراض من البنوك كان بندا ثابتا في موازنة العام 2016، لذا توجد ضرورة لنشر تفاصيل كاملة عن الاقتراض من البنوك، وما هي الفوائد التي تدفع مقابلها، وما هي رؤية الحكومة لسداده؟ ومع أي البنوك يتم ووفق أي شروط؟ خاصة في ظل وجود أكثر من اتفاقية مع البنوك في العام 2016، وبنسب فائدة مختلفة، وفارقة إحصائياً، كلها أسئلة هامة توجد ضرورة لتوضيحها من قبل الحكومة من اجل شفافية أكبر للموازنة العامة.

وفيما يتعلق بالدين العام، أوضحت الورقة أن السلطة تعاني مشكلة الدّين العام قائمة لدى السلطة الوطنية الفلسطينية، بالرغم من حديث الحكومة ووزارة "المالية والتخطيط" عن تخفيض الديّن العام كهدف من أهدافها، إلا أنّ النتائج ما زالت محدودة، علماً بأنه تم تحقيق نجاح ضئيل في موازنة 2016، بتخفيض الديّن العام بنسبة (3.5%).

في السياق، لم تتضمن الموازنة العامة 2016 تفاصيل عن صندوق التقاعد والمعاشات، ومستوى الاقتراض من الصندوق من قبل الحكومة، وتوجد ضرورة كبيرة لتعزيز شفافية صندوق التقاعد، ونشر التقارير السنوية الخاصة به، علما بأنها لا تدخل ضمن بيانات الديّن العام المفصح عنها، خاصة في ظل تضارب البيانات الرسمية حول صندوق التقاعد ومستوى العجز فيه.

ومن غير المعقول أنّ لا تكون هناك معلومة واحدة دقيقة حول رصيد الصندوق، ومستوى الديون المستحقة له في موازنة العام 2016.

وما زالت مخصصات الأمن تستحوذ على حصة الأسد من الموازنة العامة، واستحوذت خلال العام 2016 على نفقات تقارب مجموع كل من وزارة التربية والتعليم العالي ووزارة الصحة الفلسطينية، كما ما يزال بند الرواتب والأجور فيها يستهلك ويستنزف الحصة الأكبر من نفقات الأمن ويفوق بكثير «مجموع موازنات» الصحة والتنميّة الاجتماعية ومؤسسة رعاية اسر الشهداء معا، ولا توجد تفصيلات عن نفقات وزارة الداخلية والأمن سوى بنود رئيسية عامة عن مبنى النفقات.

وأوصى الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة العامة بضرورة التشدد والالتزام باحترام أحكام القانون الاساسي والملزم للجميع بما فيه وزارة "المالية والتخطيط" في إعداد الموازنة العامة الفلسطينية بكافة مراحلها، وتقديم المشروع للمجلس التشريعي قبل شهرين من بداية العام الجديد، وكافة الأحكام القانونية الواردة في قانون الموازنة العامة.

وأوصى وزارة "المالية والتخطيط" بضرورة الالتزام بتعزيز الشفافية في إعداد الموازنة العمة وتنفيذها، والالتزام بالأحكام القانونية، والتي تتضمن نشر وثائق الموازنة العامة في مواعيدها، ومن ضمنها إصدار ونشر موازنة المواطن باللغة العربية، اللغة الرسمية في القانون الأساسي الفلسطيني. ونشر التقارير الدورية والربعية والحساب الختامي.

وضرورة اعتماد وزارة "المالية والتخطيط" النهج التشاركي مع الفريق الأهلي لشفافية الموازنة العامة ومؤسسات المجتمع المدني، في كافة مراحل دورة إعداد وتنفيذ الموازنة العامة، ومأسسة تلك الشراكة بشكل دائم.

وضرورة إعادة النظر في مبنى الموازنة العامة وتوزيع المخصصات للقطاعات المختلفة، وإيلاء اهتمام أكبر للقطاع الاجتماعي، وإعادة توزيع الموازنات تبعا للبرامج فيها، وبما يحقق التنمية الاجتماعية، وضرورة ان يتم اعتماد نظام موحد لمراكز المسؤولية، دون دمج او تجزئة دون الاعتماد على معايير موحدة، وتوجد ضرورة ان لا تتضمن مراكز المسؤولية أي نفقات غير تابعة لها.

واعتماد برنامج مخطط للترشيد والتقشف والذي دعا إليه الفريق الأهلي لشفافية الموازنة العامة بمنهجية علمية موضوعية تشاركيه، خاصة في ظل وجود فجوة تمويلية وتراجع الدعم الخارجي، وعدم تخفيض النفقات في العام 2016.

وضرورة توفير شفافية كاملة في بند النفقات التحويلية، نظرا لوزنه النسبي الكبير في مكونات الموازنة، وتماسّه المباشر مع الفئات الأكثر تهميشا والأقل حظاً في المجتمع، وضرورة لتعزيز الشفافية والإفصاح عن البيانات الخاصة بصرف الاحتياطات المالية، خاصة وإنها تنفق تحت بند (فضفاض) وهو النفقات التحويلية.

ودعا الفريق إلى ضرورة معالجة الحكومة لبند "صافي الإقراض"، وتوجد ضرورة لمساءلة وزارتي المالية والحكم المحلي عن سبب ذلك، ومحاسبة من يتسببون بارتفاع صافي الإقراض من هيئات محلية وشركات خاصة وغيرها، وتفعيل مبدأ الشفافية في هذا البند، وعن طبيعة التسويات مع البلديات والهيئات المحلية وشركات توزيع الكهرباء وغيرها.

وضرورة أنّ تتضمن تقارير موازنة 2016، تفاصيل عن آليات التعامل مع ثلاث قضايا مرتبطة معا وهي (الديّن العام- المتأخرات- والتحويلات لصندوق التقاعد والمعاشات)، وان يتم الإعلان عن ديون صندوق التقاعد، وبشكل دقيق وشفاف.

وأكدت الورقة على ضرورة ان يتضمن تقرير الموازنة العامة 2016 (ملحق) بإجمالي الإيرادات المتحصلة والنفقات الخاصة بقطاع غزة، والنفقات التطويرية، وذلك من اجل شفافية أكبر للموازنة العامة، وتوفير معلومات دقيقة ورسمية عن حجم الإنفاق الرسمي في قطاع غزة.

كما، أكدت الورقة ضرورة ان تتضمن النفقات، تفصيلات خاصة بالإنفاق على قطاع غزة في المحاور المختلفة، والخدمات ومن ضمنها الكهرباء، وأيضاً التوجهات الحكومية والسياسات المالية المتعلقة بقطاع غزة، وذلك من اجل تحقيق مبدأ الشفافية.

بدوره، أكد محمد أبو جياب رئيس تحرير جريدة "الاقتصادية" في غزة وعضو الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة أن العرض السريع لبعض العثرات والمشكلات التي عانت منه الموازنة العامة عام 2016 يتطلب وقفة مجتمعية مسؤولة وحريصة من جميع الجهات لتصحيح المشاكل التي تعاني منها الموازنة، خاصة أنها تفتقد للشافية وغياب التخطيط الاستراتيجي.

وأوضح أبو جياب أن وعي المواطن في تفاصيل الموازنة العامة وقانونيتها وطريقة إجراؤها والمراقبة عليها من كل القطاعات يساهم في التنمية المجتمعية ويصب في صالحه، وغياب وعيه بالرقابة عليها ينعكس سلباً على المجتمع من خلال الخدمات المقدمة.

بدورها، قالت منسقة الفريق الأهلي لمراقبة شفافية الموازنة في ائتلاف أمان مروة أبو عودة "إن ورشة العمل والورقة التحليلية تأتي ضمن جهود الائتلاف الرامية لتعزيز مبادئ الشفافية ونظم المساءلة".

وأوضحت أبو عودة أن أهم مادة سياسية اقتصادية اجتماعية في السلطة هي قانون الموازنة العامة، كونها الأداة المالية الأساسية وبرنامج عمل السلطة التفصيلي للنفقات والإيرادات لمختلف النشاطات، كما أنها تعبر عن توجهات الحكومة وبرامجها وسياساتها المستقبلية في مختلف المجالات الاقتصادية والمالية والاجتماعية والتنموية.

المصدر: فلسطين اليوم