Menu

بين الإرهاب والمقاطعة قطر على صفيح ساخن

بين الإرهاب والمقاطعة قطر على صفيح ساخن

بقلم / لمى عبد الحميد

ما تشهده قطر من هجمة عالمية قبل أن تكون عربية ستضعها في موقف حرج ربما يفضي إلى تغيير في سياستها، وسيكون له تأثيره في المنطقة والعالم .

كانت البداية متمثلة بفتح ملف الإرهاب والاتهام المباشر لها بالتحريض والتمويل، ناهيك عن احتضانها لقادة من مجموعات متطرفة كالإخوان المسلمين، ودعم حركات متشددة متمثلة بالقاعدة وجبهة النصرة و طالبان .

إن امتهان قطر بعلاقاتها مع الدول الإسلامَ السياسي وعملها لالتفاف أكبر عدد من الدول حولها ممن تؤمن بذات الفكرة، لتأسيس وحدة تقوم على تعزيز اسمها كدولة مهيمنة بطابعها العام على مختلف القرارات الصادرة في دول المنطقة هو الهدف والتوجه الذي كانت تعمل عليه والذي وصل لفترة مزدهرة جانبت حكم أوباما وجماعته , أما و بعد وصول ترامب إلى الحكم أطاح بالحلم القطري جاعلاً إياه قضية اتهام تدان فيه قطر ولا أحد غيرها ..

... ترامب، الذي لديه مشكلات شخصية مع قطر قبل وصوله للرئاسة تعزز عداؤه لها بسبب السياسة التي تتبعها تجاه دول المنطقة ليُخرج ملف الإرهاب ورقةً رابحة يطيح بها بالواجهة القطرية في مختلف القضايا ويعيد هيكلة الأدوار الرئيسية، لتكون السعودية المستقر الأول والأخير  للدور الاقتصادي ( المورد المالي المعتمد ) قبل التوجه السياسي, والدليل على هذا رحلة ترامب الأولى إلى الشرق الأوسط , أي أن إزاحة قطر والعمل على جعل السعودية الرقم الأول والمرجع الواحد الوحيد لدول الخليج والمنطقة بما يضمن بشكل أو بآخر تنفيذ سياسة متفق عليها بين الحكومة الأمريكية والسعودية , وقد أفلحت هذه الزيارة بكل مضمونها في تغيير الأدوار على مستوى عالٍ لا يقتصر على الإطاحة بقطر, بل أيضا على تغييرات في بنية الحكم السعودي، لتبايع المملكة الأمير "محمد بن سلمان" لولاية العهد وهذا الأخير له علاقاته المتميزة جدا مع أمريكا وحكومة ترامب .

 إن قطر التي تتمسك برفض المطالب الخليجية، لتزيد من أمد المقاطعة على قاعدة الدعم التركي لها والمستفيد الأول والأخير من استمرارها جاعلاً من قطر سوقاً كبيرة تصرّف به منتجاتها المختلفة، بالإضافة لبناء قاعدة عسكرية على الأراضي القطرية مدعيةً الحماية من الإرهاب الذي من ممكن أن تتعرض له الدول الخليجية أجمع , بيد أنه  في الحقيقة لا يحمل سوى سمة واحدة هي حماية النظام القطري نفسه من الاحتجاجات التي يمكن أن يقوم بها الشعب القطري.

... ترفض قطر تلك المطالب بحجة أنها تمس السيادة والمنهجية المتبعة من قبلها , بيد أنها هي نفسها كانت تتدخل في الكثير من الدول وتمس سيادتها بتحريك عناصر معادية لها من قلب كل دولة وهذا ما أثبتته مجموعة من الوثائق والتحقيقات في آخر ما شهدته البحرين و مصر التي وقعت فيها هجمات إرهابية، ناهيك عن الملف السوري الضخم الذي يلقي على كاهل الحكومة القطرية الكثير من الإدانات غير القابلة للنقاش ..

كما يجدر بالذكر أن التوجه القطري الأخير الذي يقف بجهة واحدة مع الحكومة الإيرانية أغضب السعودية المنافس الأكبر ل إيران والمعادي لسياستها, إن البحث في نمط التعامل القطري مع دول المنطقة يضعنا أمام نتيجة واحدة لا غير , قطر كانت الداعم الدائم لأي توتر في المنطقة من خلافات أو صراعات، أو حتى حراك شعبي بدأ يطال جيرانها ويفاقم من الأزمات القائمة على الصعيد العربي ككل , يضعنا ذلك أمام حقيقة واحدة، أن هناك تناقضين واضحين في التوجه العام للسيادة القطرية، واحد يصعد باتجاه استغلال العناصر الموجودة لإحداث مكانة  تجعل من دولة صغيرة كقطر مؤثرة وفاعلة بكل قرارات المنطقة , و آخر يحمل توجه وفكر قائم على خلفية دينية طائفية نظراً للميل القطري الملحوظ باتجاه جماعة الإخوان المسلمين وفكرهم المتطرف , وهذا ما أشار إليه وزير الدفاع الأميركي الأسبق روبرت غيتس بقوله , "أن دولة قطر تحاول أن تلعب دورًا دوليًا أكبر من حجمها، في وقت تعتقد فيه العائلة الحاكمة أن الاستمرار في سياسة التناقضات قد يطيل عمر النظام ".

إن المرحلة الجديدة التي يمر بها العالم المتمثلة بإدارة ترامب، أفشلت الدور القطري ولعبته المفضلة بالغاز والألغاز على نحو لا عودة فيه , لكن يبقى السؤال الأهم، إن لم تصل المقاطعة حد التدخل العسكري داخل الأراضي القطرية فما الذي سوف يجبر قطر على الموافقة على المطالب الخليجية في حال فشلت جميع الوساطات المقدمة لها عن طريق عدد من الدول , علما بأنها رافضة لأي وساطة لا تترأسها الكويت وحكومة الصباح ؟!

وهنا، ما الذي يمكن أن يفضي إليه مجلس التعاون الخليجي إذا كان دوره الكامل متوقف على السعودية وما تصدره من بيانات وقرارات ؟!

ما الذي يمكن أن تتبعه حكومة الصباح  في ظل سياسة قطرية تثير ملفات تعزز الخلافات العربية والإقليمية، وتتقدم بالشكاوى لمنظمة التجارة العالمية بخصوص المقاطعة التجارية للدول التي تخاصمها سعياً لحل الأزمة القائمة ؟! وهل الدخول التركي الإيراني على خط الأزمة قد يحولها من أزمة خليجية الى أزمة إقليمية وربما عالمية لاحقا، تماما مثلما حدث للازمات السورية والليبية واليمنية ؟!

والسؤال الأهم هو أنه لو نجحت الوساطة الكويتية في إيجاد الحل، هل ستستمر قطر بذات الأيديولوجية والممارسات التي أوصلتها إلى الإدانة والمقاطعة في ظروف إقليمية ودولية حملت مأخذاً يوجب الحيطة والحذر من قطر وسياستها المتبعة, أم أننا يمكن أن نشهد حراكاً في الشارع القطري يخرجه من الوضع العصيب الذي وضعته فيه الحكومة لنرقب بالتالي تغييراً في وجوه الحكم القطرية، وتدخل من خلالها قطر في مرحلة جديدة لاعبةً دوراً إيجابياً يعاكس التوجه السابق للحكومة القطرية و توجه الأمير "تميم بن حمد آل ثاني"  لأن التجارب الحالية للدول العربية كشفت أنه لا يمكنك التغيير من السياسيات والتأثير فيها إلا إذا كان هناك تغيير للنظام القائم نفسه.