Menu

حين تُختصر المقــاوَمةُ بـ "الحجابِ" !

..

thumb (2)

خاص بوابة الهدف

لم تشفع عشرات المناضلات الفلسطينيّات ومنهنّ الاستشهاديات، لجماعات الفكر المتطرّف، كي يُغيّروا نظرتهم النمطية للمرأة على أنّها "العورة" و"الشرف"، فبعد أن كانت النساء تُقاتل جنباً إلى جنب مع المُقاوم المُسلّح، ونموذجاً يُرسم ويُروى ويُدرّس في ملحمة النضال مع الاحتلال الصهيوني، أصبحت الآن تتعرّض للتجريح والإدانة، لحملها البندقيّة، ولعصبةٍ، لفّت بها جبهتها.

حملة ضخمة من التشهير والتشويه شنّها نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعد حفلِ تخريجٍ لمخيّمات تدريبية، نظّمته الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، حمل اسم "كلنا مقاومة"، وأقيم على أرض السرايا بمدينة غزة، بمشاركة مجموعة من الفتيات اللاتي كُنّ يحملن السلاح، ليتعرّضن للإدانة فوراً، لظهورهنّ "بلا حجاب"، باعتبار أنهنّ "لا يمثلن الشعب الفلسطيني وتاريخه النضالي"، وأن هذه المشاهد "لن تُحرر الوطن"، وهي عبارات نشرها نشطاء عبر "فيسبوك" و"تويتر".

وطغى على تعليقات النشطاء -مُنتقدي مشاركة الفتيات في العرض- طابع السخرية والتهكم على تنظيم الجبهة الشعبية، كما تم تداول العبارات المُسيئة والمهينة، وصلت بعضها حد توجيه الشتائم والإهانات، واختصار المقاومة والنضال على أبناء فصيل بعينه.

إيمان جمعة، وهي طالبة في جامعة الأزهر بغزة، كانت إحدى المشاركات في العرض، قالت لـ"بوابة الهدف": نحن جزء لا يتجزأ من بِناء الشعب الفلسطيني، ونحن شركاء مع الرجال في معركة النضال الوطني منذ بداية الثورة الفلسطينية،..، لطالما عُرفت المرأة بدورها الفاعل في هذا الإطار،..، من حقنا أن ندافع عن وطننا بالطريقة التي نراها مناسبة، نحن سيدات هذا المجتمع وسنربي بناتنا وأبنائنا على القيم الراقية، تماماً كالتي تربّينا عليها نحن.

الشاب علي عبد الباري، شقيق إحدى الفتيات المشاركات في العرض، أوضح أن هكذا مخيمات تحدث في كثير من بلدان العالم، وهي جزء من سياقات التنشئة الوطنية للجيل الشاب.

وقال في حديثه لـ"بوابة الهدف": هنا لا نتحدث عن تدريب عسكري بحت، بل عن تجربة مهمة تهتم بالتأكيد على أن النساء هنّ جزء من العمل الوطني.

الجبهة الشعبية لتحرير فلسين، لم تُصدر بدورها بياناً عن الواقعة، كونها تجد أنّها حدثاً لا يستحق تناوله بالحجم الكبير، فيما يتعلّق بمشاركة الفتيات، التي تعتبره أمراً بديهياً، موصولاً بما تحمله من فكر وثقافة ورؤية تحرّرية خاصة بحجم ومكانة المرأة في العمل الوطني والنضالي والمجتمعي ككل.

"بوابة الهدف" من جهتها، لاحظت تركيز بعض الجهات الإعلامية، والنشطاء عبر مواقع التواصل، على نشر صور الفتيات المشاركات في الحفل "فقط"، دون الالتفات لوجود الذكور، في إشارة لانتقادهنّ، الأمر الذي أثار تحفظ أنصار الجبهة والعديد من المواطنين والنشطاء ليردّوا باستهجان.

أشرف أبو عمرة، مصور "وكالة الأنباء المصورة APA IMAGES "، قال لـ "بوابة الهدف": كنت المصور الصحفي الوحيد الذي يعمل لوكالة دولية في المكان، ولفت انتباهي وجود الفتيات وهو أمر جديد في العرض الذي نفذته الجبهة، ويستحق الاهتمام، صورته وصورت المقاتلين الملثمين حاملي السلاح، وقد كانت الصور في الصدارة من بين جملة الصور التي نشرتها وسائل الإعلام العالمية، وهذا لا يعني أنني قصدت الإساءة للشعبية، مستدركاً: تربطني علاقة جيدة بالجبهة وأنصارها، وما قدّموه يستحق الاحترام، كما لا يمكنني تحمل مسئولية ما علّق به المغردون على وسائل التواصل الاجتماعي منتقدين كانوا أم مؤيدين.

ورصدت "بوابة الهدف" العديد من المنشورات التي تبادلها نشطاء لم يروا في الموقف، ما يستدعي الانتقاد أو التضخيم الإعلامي الذي حصل، كون النضال غير مقتصرٍ على فصيل أو لون سياسي معين، ولا حتى جنس أو فئة معيّنة من المجتمع الفلسطيني، كذلك غرّد العديد من الشباب بأنّ المجتمع الفلسطيني بنيان واحد له الحق الكامل بشتّى أنواع النضال، ابتداءً من حمل البندقية وحتى الاستشهاد في سبيل القضية.

وكان "لمنتقدي المنتقدين" سخطٌ ولومٌ كبير، كونهم اختصروا النضال والمقاومة والصراع الأزلي مع الاحتلال، بجدل عقيم دار حول مشهد امرأة حملت بندقية، كيفما كان شكلها، ومهما كان الفصيل التي تُناضل رافعةً رايته، ليتناطح في هذا الأمر مُتخلّفي الفكر والثقافة، حتى أصبحت القضية "وهي الهدف الأساسي"، حديثاً هامشياً قد يُطرح للحوار والبحث، وقد لا يُطرح.

ليلى خالد، آيات الأخرس، ريم رياشي، دلال المغربي، فاطمة النجّار، هُنّ نساء فلسطين، وهنّ أيضاً النموذج الذي رسمه ناجي العلي ، لشخصيّة "جفرا"، الفلسطينية الثائرة، بناتُهنّ الصغريات، يحملن الرشّاش اليوم، ويُصوّبن فوّهته نحو مُغتصب الأرض و سارق الهوية، باختصار.. هذا هو الموقف.