ببسمتها الرقيقة وهدوئها الممزوج بالطيبة، كانت تتنقل شروق دويات من مدينة القدس بين الأسيرات، فلطالما هزتها أنات الأسيرات ومعاناتهن، وكانت تبتسم كأنها نسمة الصباح تمسح ألم كل عليل.
شروق صلاح دويات كأي ثائرة كانت تشاهد وطنها يُغتصب وتدنس مقدساته، لكن تنكيل الاحتلال بها لم يقتصر على منعها كالمقدسيات من الدخول للمسجد الأقصى، بل تعداه إلى محاولة النيل منها ونزع حجابها ومحاولة قتلها، في محاولة لتكرار واقعة من سبقتها إلى الشهادة كالثائرة هديل الهشلمون من الخليل، والتي استشهدت دفاعًا عن نفسها.
بعد يوم واحد من استشهاد فادي علون في مدينة القدس، وبعد شهرين من ارتكاب جريمة عائلة دوابشة، استهدف الاحتلال الطالبة شروق دويات من بلدة صور باهر في مدينة القدس.
لم تكن شروق قد أكملت الـ 18 عامًا عندما كانت في طريقها إلى منزلها مطلع تشرين أول (أكتوبر) عام 2015، حينما اعترضها مستوطنون حاقدون أطلقوا الرصاص عليها وتركوها تنزف على الأرض نصف ساعة، قبل أن تحضر قوة صهيونية وتعتقلها وهي في حالة الخطر الشديد.
وروى شهود عيان أن الطالبة دويات كانت في طريقها إلى منزلها في قرية صور باهر عندما فاجأها المستوطن وحاول نزع حجابها، ثم أطلق 4 رصاصات على أنحاء جسدها، وضربها وركلها وهي تنزف، ومن ثم ضربها بحقيبتها التي كانت تحملها.
نُقلت شروق إلى مشافي الاحتلال وخضعت لعمليات نقل جلد وشرايين لإزالة التهتك الذي حصل في كتفها ورقبتها جراء الرصاص، ولا تزال رصاصات الغدر تحفر أخاديد الوجع في جسدها، وكلما نظرت إليها شروق تذكرت قصة باب الواد شارع الموت الذي يدشن المستوطنون من خلاله أكبر حملة اعتداء ضد الفلسطينيين.
أمَّا عائلتها فقد تعرضت للتنكيل فور اعتقال شروق؛ حيث أقدم الاحتلال على تطويق منزلهم في بلدة صور باهر بالقدس، واعتقل والدها وشقيقتها حنين وشقيقيها، وأخضعهم للتحقيق، ومن ثم أفرج عنهم.
بعد استعادة شروق وعيها، نقلت إلى مركز التحقيق، ومكثت تتنقل بين سجن هشارون ومحكمة الاحتلال في القدس عامًا كاملاً، وحكم عليها الاحتلال بالسجن 16 عامًا وغرامة مالية 80 ألف شيقل.
دخلت شروق عامها الخامس وعيد ميلادها الخامس في سجون الاحتلال ليتبقى لها الأمل في أن تشملها صفقة تبادل تحررها مما تبقى من مدّة حكمها المتبقية 11 عامًا.
وبحكم الاحتلال الظالم على شروق، فقد حطم آمالها العلمية، فبعد أن حصلت على معدل 90% في امتحان التوجيهي، وتقدمت بطلب التحاق إلى كلية التربية في جامعة القدس تخصص التاريخ والجغرافيا، قادها قدرها المحتوم إلى سجون الاحتلال ليمارس اضطهاده عليها ويطوي صفحات ما تبقى من طموح.
ورغم أنّ التهم التي وجهها الاحتلال إلى شروق لا تحتمل هذه السنوات الطويلة، لكن الاحتلال تعمّد إصدار هذه الأحكام نكاية بالمقدسيين وإمعانا في تعذيبهم وسيلةً لترحيلهم من مدينة القدس.